اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن فيتطابق الآيتان ولا يتأتى ذلك على القولين بل لا إرتباط بين الآيتين عليهما لأن مقتضاهما أن الكلام في مطلق اليتامى لا في يتامى النساء ثم يبعدهما أن الشرط لا يرتبط معهما بالجواب إلا من وجه عام أما الأول فمن حيث أن الجور على النساء في الحرمة كالجور على اليتامى في أن كلا منهما جور وأما الثاني فلأن الزنا محرم كما أن الجور على اليتامى محرم وكم من محرم يشاركهما في التحريم فليس ثم خصوصية تربط الشرط والجواب كالخصوصية الرابطة بينهما هناك ثم الظاهر من قوله سبحانه : مثنى وثلاث ورباع أنه وارد بصيغة التوسعة عليهم بنوع من التقييد كأنه قيل : إن خفتم من نكاح اليتامى ففي غيرهم متسع إلى كذا وعلى القول الأول من القولين يكون المراد التضييق لأن حاصله إن خفتم الجور على النساء فأحتاطوا بأن تقللوا عدد المنكوحات وهو خلاف ما يشعر به السياق من التوسعة وبعيد عن جزالة التنزيل كما لا يخفى وقيل : إن الرجل كان يتزوج الأربع والخمس والست والعشر ويقول : ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان فإذا فني ماله مال على مال اليتيم الذي في حجره فأنفقه فنهي أولياء اليتامى على أن يتجاوزوا الأربع لئلا يحتاجوا إلى أخذ مال اليتيم ونسب هذا إلى إبن عباس وعكرمة وعليه يكون المراد من اليتامى أعم من الذكور والإناث وكذا على القولين قبله .
وأورد عليه أنه يفهم منه جواز الزيادة على الأربع لمن لا يحتاج إلى أخذ مال اليتيم وهو خلاف الإجماع وأيضا يكون المراد من هذا الأمر التضييق وهو كما علمت خلاف ما يشعر به السياق المؤكد بقوله تعالى : فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة كأنه لما وسع عليهم أنباهم أنه قد يلزم من الإتساع خوف الميل فالواجب حينئذ أن يحترزوا بالتقليل فيقتصروا على الواحدة والمراد فإن خفتم أن لا تعدلوا فيما بين هذه المعدودات ولو في أقل الأعداد المذكورة كما خفتموه في حق اليتامى أو كما لم تعدلوا في حقهن فأختاروا أو الزموا واحدة وأتركوا الجميع بالكلية وقرأ إبراهيم وثلث وربععلى القصر منثلاث ورباع وقرأ أبو جعفر فواحدة بالرفع أي فالمقنع واحدة أو فكفت واحدة أو فحسبكم واحدة أو فالمنكوحة واحدة .
أو ما ملكت أيمانكم أي من السراري بالغة ما بلغت كما يؤخذ من السياق ومقابلة الواحدة وهو عطف على واحدة على أن اللزوم والإختيار فيه بطريق التسري لا بطريق النكاح كما فيما عطف عليه لإستلزامه ورود ملك النكاح على ملك اليمين بموجب إتحاد المخاطبين في الموضعين وقد قالوا : لا يجوز أن يتزوج المولى أمته ولا المرأة عبدها لأن النكاح ما شرع إلا مثمرا بثمرات مشتركة بين المتناكحين والمملوكية تنافي المالكية فيمتنع وقوع الثمرة على الشركة وهذا بخلاف ما سيأتي بقوله سبحانه : ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات فإن المأمور بالنكاح هناك غير المخاطبين بملك اليمين وبعضهم يقدر في المعطوف عليه فأنكحوا لدلالة أول الكلام عليه ويعطف هذا عليه على معنى أقتصروا على ما ملكت والكلام على حد قوله : .
علفتها نبنا وماءا باردا .
وأو للتسوية وسوى في السهولة واليسرة بين الحرة الواحدة