من النساءوهو تكلف مستغنى عنه وقيل : إن إيثارها على من بناءا على أن الإناث من العقلاء يجرين مجرى غير العقلاء لما روى في حقهن أنهن ناقصات عقل ودين وفيه أنه مخل بمقام الترغيب فيهن و من بيانية وقيل : تبعيضية والمراد مما طاب لكم ما مالت له نفوسكم وأستطابته وقيل : ما حل لكم وروى ذلك عن عائشة وبه قال الحسن وإبن جبير وأبو مالك وأعترضه الإمام بأنه في قوة أبيح المباح وأيضا يلزم الإجمال حيث لا يعلم المباح من الآية وآثر الحمل على الأول ويلزم التخصيص وجعله أولى من الإجمال وأجاب المدقق في الكشف بأن المبين تحريمه في قوله تعالى : حرمت عليكم أمهاتكم إلخ إن كان مقدم النزول فلا إجمال ولا تخصيص لأن الموصول جار مجرى المعرف باللام والحمل على العهد في مثله هو الوجه وإلا فالإجمال المؤخر بيانه أولى من التخصيص بغير المقارن لأن تأخير بيان المجمل جائز عند الفريقين وتأخير بيان التخصيص غير جائز عند أكثر الحنفية .
وقال بعض المحققين : ما طاب لكم مالا تحرج منه لأنه في مقابل المتحرج منه من اليتامى ولا يخلو عن حسن وكفيما كان فالتعبير عن الأجنبيات بهذا العنوان فيه من المبالغة في الإستمالة إليهن والترغيب فيهن مالا يخفى والسر في ذلك الإعتناء بصرف المخاطبين عن نكاح اليتامى عند خوف عدم العدل رعاية ليتمهن وجبرا لإنكسارهن ولهذا الإعتناء أوثر الأمر بنكاح الأجنبيات على النهي عن نكاحهن مع أنه المقصود بالذات وذلك لما فيه من مزيد اللطف في إستنزالهم فإن النفس مجبولة على الحرص على ما منعت منه ووجه النهي الضمني إلى النكاح المترقب مع أن سبب النزول هو النكاح المحقق على ما فهمه البعض من الأخبار ودل عليه ما أخرجه البخاري عن عائشة أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عزق فكان يمسكها عليه ولم يكن لها من نفسه شيء فأنزل الله تعالى وإن خفتم إلخ لما فيه من المسارعة إلى دفع الشر قبل وقوعه فرب واقع لا يرفع والمبالغة في بيان حال النكاح المحقق فإن محظورية المترقب حيث كان للجور المترقب فيه فمحظورية المحقق مع تحقق الجور فيه أولى وقرأ إبن أبي عبلةمن طابوفي بعض المصاحفكما في الدر المنثورما طيب لكم بالياء وفي الآية على هذا التفسير دليل لجواز نكاخح اليتيمة وهي الصغيرة إذ يقتضي جوازه إلا عند خوف الجور .
وقد بسط الكلام في كتب الفقه على ولي النكاح ومذهب الإمام مالك أن اليتيمة الصغيرة لا تزوج إذ لا إذن لها وعنده خلاف في تزويج الوصي لها إذا جعل له الأب الإجبار أو فهم عنه ذلك والمشهور أن له ذلك فيحمل اليتامى في الآية على الحديثات العهد بالبلوغ وأسم اليتيم كما أشرنا إليه فيما مر مثنى وثلاث ورباع منصوبة على الحال من فاعل طاب المستتر أو من مرجعه وجوز العلامة كونها حالا من النساء على تقدير جعل من بيانية وذهب أبو البقاء إلى كونها بدلا من ما وإلى الحالية ذهب البصريون وهو المذهب المختار والكوفيون لم يجوزوا ذلك لأنها معارف عندهم وأوجبوا في هذا المقام ما ذهب إليه أبو البقاء وهي ممنوعة من الصرف على الصحيح وجوز الفراء صرفها والمذاهب المنقولة في علة منع صرفها أربعة : أحدها قول سيبويه والخليل وأبي عمرو : إنه العدل والوصف وأورد عليه أن الوصفية في أسماء العدد عارضة وهي لا تمنع الصرف وأجيب بأنها وإن عرضت في أصلها فهي نقلت عنها بعد ملاحظة الوصف العارض فكان أصليا في هذه دون أصلها ولا يخلو عن نظر والثاني قول الفراء : إنها منعت للعدل والتعريف بنية الألف واللام ولذا لم تجز إضافتها