منه وقال له : يا فتى ارجع فإني أرحمك أن أقتلك .
فقال داود : لا بل أنا أقتلك .
وأخرج الحجارة فوضعها في القذافة كلما رفع حجرا سماه فقال : هذا باسم أبي إبراهيم والثاني باسم أبي اسحق والثالث باسم أبي اسرائيل ثم أدار القذافة فعادت الأحجار حجر واحدا ثم أرسله فصك به بين عيني جالوت فثقبت رأسه فقتله ثم لم تزل تقتل كل إنسان تصيبه تنفذ منه حتى لم يكن بحيالها أحد فهزموهم عند ذلك وقتل داود جالوت ورجع طالوت فأنكح داود ابنته وأجرى خاتمه في ملكه فمال الناس إلى داود وأحبوه .
فلما رأى ذلك طالوت وجد في نفسه وحسده فأراد قتله فعلم به داود فسجى له زق خمر في مضجعه فدخل طالوت إلى منام داود وقد هرب داود فضرب الزق ضربة فحرقه فسالت الخمر منه فقال : يرحم الله داود ما كان أكثر شربه للخمر ثم إن داود أتاه من القابلة في بيته وهو نائم فوضع سهمين عن رأسه وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله سهمين فلما استيقظ طالوت بصر بالسهام فعرفها فقال : يرحم الله داود هو خير مني ظفرت به فقتلته وظفر بي فكف عني .
ثم إنه ركب يوما فوجده يمشي في البرية وطالوت على فرس فقال طالوت : اليوم أقتل داود .
وكان داود إذا فزع لا يدرك .
فركض على أثره طالوت ففزع داود فاشتد فدخل غارا وأوحى الله إلى العنكبوت فضربت عليه بيتا فلما انتهى طالوت إلى الغار نظر إلى بناء العنكبوت فقال : لو دخل ههنا لخرق بيت العنكبوت فتركه وملك داود بعد ما قتل طالوت وجعله الله نبيا وذلك قوله وآتاه الله الملك والحكمة قال : الحكمة هي النبوة آتاه نبوة شمعون وملك طالوت .
وأخرج ابن المنذر عن ابن اسحق وابن عساكر عن مكحول قالا : زعم أهل الكتاب أن طالوت لما رأى انصراف بني اسرائيل عنه إلى داود هم بأن يغتال داود فصرف الله ذلك عنه وعرف طالوت خطيئته والتمس التنصل منها والتوبة فأتى إلى عجوز كانت تعلم الاسم الذي يدعى به فقال لها : إني قد أخطأت خطيئة لن يخبرني عن كفارتها إلا اليسع فهل أنت منطلقة معي إلى قبره فداعية الله ليبعثه حتى أسأله ؟ قالت : نعم .
فانطلق بها إلى قبره فصلت ركعتين ودعت فخرج