بالمقام معهم فساحوا في الجبال وترهبوا فيها وهم الذين قال الله : ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم الذين آمنوا بي وصدقوني وكثير منهم فاسقون الذين كفروا بي وجحدوني " .
وأخرج النسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : كانت ملوك بعد عيسى بدلت التوراة والإنجيل فكان منهم مؤمنون يقرأون التوراة والإنجيل فقيل لملوكهم : ما نجد شيئا أشد من شتم يشتمنا هؤلاء أنهم يقرؤون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون المائدة الآية 44 ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون المائدة الآية 45 ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون المائدة الآية 47 مع ما يعيبوننا به من أعمالنا في قراءتهم فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ وليؤمنوا كما آمنا فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل أو يتركوا قرءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها فقالوا : ما تريدون إلى ذلك ؟ دعونا فقالت طائفة منهم : ابنوا لنا اسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئا ترفع به طعامنا وشرابنا ولا ترد عليكم وقالت طائفة : دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونأكل مما تأكل منه الوحوش ونشرب مما تشرب فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا وقالت طائفة : ابنوا لنا ديورا في الفيافي ونحتفر الآبار ونحرث البقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم وليس أحد من القبائل إلا له حميم فيهم ففعلوا ذلك فأنزل الله ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها قال : والآخرون ممن تعبد من أهل الشرك وفني من قد فني منهم قالوا : نتعبد كما تعبد فلان ونسيح كما ساح فلان ونتخذ ديورا كما اتخذ فلان وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم فلما بعث النبي صلى الله عليه وآله ولم يبق منهم إلا القليل انحط صاحب الصومعة من صومعته وجاء السائح من سياحته وصاحب الدير من ديره فآمنوا به وصدقوه فقال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته أجرين بإيمانهم بعيسى ونصب أنفسهم والتوراة والإنجيل وبإيمانهم بمحمد وتصديقهم ويجعل لكم نورا تمشون به القرآن واتباعهم النبي صلى الله عليه وآله