وجاء الصبر فكان ناحية القبر .
ويبعث الله عنقا من العذاب فيأتيه عن يمينه فتقول الصلاة : وراءك والله ما زال دائبا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره .
فيأتيه عن يساره فيقول الصيام مثل ذلك .
فيأتيه من قبل رأسه فيقول له مثل ذلك .
فلا يأتيه العذاب من ناحية فيلتمس هل يجد لها مساغا إلا وجد ولي الله قد أحرزته الطاعة فيخرج عنه العذاب عندما يرى .
ويقول الصبر لسائر الأعمال : أما إنه لم يمنعني أن أباشره بنفسي إلا أني نظرت ما عندكم فلو عجزتم كنت أنا صاحبه فأما إذا أجزأتم عنه فأنا ذخر له عند الصراط وذخر له عند الميزان .
ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا وكذا قد نزعت منهما الرأفة والرحمة إلا بالمؤمنين يقال لهما : منكر ونكير وفي يد كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع عليها الثقلان لم يقلوها .
فيقولان له : اجلس .
فيستوي جالسا في قبره فتسقط أكفانه في حقويه .
فيقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله وحده لا شريك له والإسلام ديني ومحمد نبي وهو خاتم النبيين .
فيقولان له : صدقت .
فيدفعان القبر فيوسعانه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره ومن قبل رأسه ومن قبل رجليه ثم يقولان له : انظر فوقك .
فينظر فإذا هو مفتوح إلى الجنة فيقولان له : هذا منزلك يا ولي الله لم أطعت الله .
فوالذي نفس محمد بيده إنه لتصل إلى قلبه فرحة لا ترتد أبدا فيقال له : انظر تحتك فينظر تحته فإذا هو مفتوح إلى النار فيقولان : يا ولي الله نجوت من هذا .
فوالذي نفسي بيده إنه لتصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى الجنة يأتيه ريحها وبردها حتى يبعثه الله تعالى من قبره إلى الجنة .
وأما الكافر فيقول الله لملك الموت ويفتح الله لملك الموت : انطلق إلى عبدي فائتني به فإني قد بسطت له رزقي وسربلته نعمتي فأبى إلا معصيتي فأئتني به لأنتقم منه اليوم .
فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة رآها أحد من الناس قط له اثنتا عشرة عينا ومعه سفود من النار كثير الشوك ومعه خمسمائة من الملائكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم ومعهم سياط من النار تأجج .
فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب أصل كل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق من عروقه ثم يلويه ليا شديدا فينزع روحه من أظفار قدميه فيلقيها في عقبيه فيسكر عدو