إبراهيم بذبح ولده وابتلي إسحق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء من ذلك .
قال : رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه : إنك مبتلى فاحترس .
فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا .
فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره .
أن يبعث إلى عدو كذا وكذا .
فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا .
فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته .
فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا لا تخف إنما نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط يقول : لا تخف واهدنا إلى سواء الصراط إلى عدل القضاء فقال : قصا علي قصتكما فقال أحدهما إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة قال الآخر : وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال : يا أخي أنت على ذلك بقادر قال : فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا .
يعني طرف الأنف والجبهة .
قال : يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا .
حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته .
وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به فخر ساجدا فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما " يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال : يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت