أخبرني بتأويل هذا .
قال : أخبرك .
إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب .
قال : صدقت .
ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا : أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا ؟ قال : من أخذ منه ندم ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو بالزبرجد فندم الآخذ أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : " رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج منها زاهدا .
أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه " .
قال رسول الله صلى الله عليه وآله : " فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها حتى مات " .
ولفظ أبي الشيخ : قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : " رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها " .
وأخرج ابن إسحق والفريابي وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب Bه أن سئل عن ذي القرنين فقال : كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه .
فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله - وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه سواء فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة Bه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل : أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد من قبلك ولا يجيء أحد بعدك .
فأجابه ذو القرنين : وأين أنا ؟ قال له الملك : أنت في الأرض السابعة .
فقال ذو القرنين : ما ينجيني ؟ فقال : ينجيك اليقين .
فقال ذو القرنين : اللهم ارزقني يقينا .
فأنجاه الله .
قال له الملك : إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا تحدث نفسك أنك