حولهم ثلاثة عساكر منها وأحاطت بهم من كل جانب وحاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله وعبادته .
فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيتهم من فوقهم ومن تحتهم ومن كل جانب منهم فماجوا فيها وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه بصوت واحد فكشف عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم والنور من أمامه يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى وهو يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل .
وسخر الله يده وقلبه ورأيه ونظره وائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر وإذا عمل عملا أتقنه فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه .
فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا قطع الأنهار والبحار فتقها ثم دفع إلى كل إنسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهى إلى هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأمتين اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى وهو يريد تاويل - وهي الأمة اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها - فلما بلغها عمل فيها وجند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج .
فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قال له أمة من الإنس صالحة : يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله .
كثيرا فيهم مشابهة من الأنس وهم أشباه البهائم وهم يأكلون العشب ويفترسون الدواب والوحش كما يفترسها السباع ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ولا يزداد كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم فإن كانت لهم كثرة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا شك أنهم سيملأون الأرض ويجلون أهلها ويظهرون عليها فيفسدون فيها وليست تمر بنا سنة منذ جاورناهم ورأيناهم إلا ونحن