خرقها ثم أخذ لوحا فطبقه عليها ثم جلس عليها يرقعها فقال له موسى - ورأى أمرا أفظع به - أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت أي بما تركت من عهدك ولا ترهقني من أمري عسرا ثم خرجا من السفينة فانطلقا حتى أتيا قرية فإذا غلمان يلعبون .
فيهم غلام ليس في الغلمان غلام أظرف منه ولا أوضأ منه فأخذ بيده وأخذ حجرا فضرب به رأسه حتى دمغه فقتله فرآى موسى عليه السلام أمرا فظيعا لا صبر عليه صبي صغير قتله لا ذنب له .
! ؟ قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس أي صغيرة لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا أي قد عذرت في شأني فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه فضجر موسى مما يراه يصنع من التكليف وما ليس عليه صبر فقال لو شئت لاتخذت عليه أجرا أي قد استطعمناهم فلم يطعمونا واستضفناهم فلم يضيفوهما ثم قعدت تعمل في غير صنيعة ؟ ولو شئت لأعطيت عليه أجرا في عملك .
قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان من وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا - في قراءة أبي بن كعب " كل سفينة صالحة " وإنما عيبها لطرده عنها فسلمت منه حين رأى العيب الذي صنعت بها وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا .
فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما .
وأما لجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحتهما كنزا لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري أي ما فعلته عن نفسي ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا فكان ابن عباس يقول : ما كان الكنز إلا علما " .
وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قام موسى خطيبا لنبي إسرائيل فأبلغ في الخطبة وعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتي وعلم الله الذي حدث نفسه من ذلك فقال له : " يا موسى إن من عبادي من قد آتيته من العلم ما لم أوتك .
قال : فادللني عليه