ولكل ملك حيازة وبطن مكة حوزتي التي اخترت لنفسي دون خلقي فأنا الله ذو بكة أهلها خفرتي وجيران بيتي وعمارها وزوارها وفدي وأضيافي وضماني وذمتي وجواري أجعله أول بيت وضع للناس وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق يعجون بالتكبير عجيجا يرجون بالتلبية رجيجا فمن اعتمره وحق الكريم أن يكرم وفده وأضيافه وزواره وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته تعمره يا آدم ما كنت حيا ثم يعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن ونبيا بعد نبي حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك يقال له محمد وهو خاتم النبيين فأجعله من عماره وسكانه وحماته وولاته وحجابه وسقته يكون أميني عليه ما كان حيا فإذا انقلب إلي وجدني قد ادخرت له من أجره ونصيبه ما يتمكن به من القربة إلي والوسيلة عندي وأفضل المنازل في دار المقامة .
وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه مكرمة لنبي من ولدك يكون قبيل هذا النبي وهو أبوه يقال له إبراهيم أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته وأنيط له سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وأجعل أمة واحدة قانتا بأمري داعيا إلى سبيلي وأجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم .
أبتليه فيصبر وأعافيه فيشكر وآمره فيفعل وينذر لي فيفي ويعدني فينجز وأستجيب دعوته في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وحماته وسقاته وخدمه وخزنته وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا ويبدلوا .
فإذا فعلوا ذلك فأنا أقدر القادرين على أن استبدل من اشاء بمن أشاء وأجعل إبراهيم إمام ذلك وأهل تلك الشريعة يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الإنس والجن يطأون فيها آثاره ويتبعون فيها سنته ويقتدون فيها بهديه فمن فعل ذلك منهم أوفى بنذره واستكمل نسكه وأصاب بغيته ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه وأخطأ بغيته ولم يوف بنذره .
فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن أين أنا ؟ فأنا من الشعث الغبر الموبقين الموفين بنذرهم المستكملين مناسكهم المتبتلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون .
وأخرجه الجندي عن عكرمة ووهب بن منبه رفعاه إلى ابن عباس بمثله سواء " .
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك " أن رسول