وأما قوله تعالى : هاروت وماروت قد تقدم حديث ابن عمر في قصة آدم وبقيت آثار أخر .
أخرج سعيد وابن جرير والخطيب في تاريخه عن نافع قال : سافرت مع ابن عمر فلما كان من آخر الليل قال : يا نافع انظر هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا مرتين أو ثلاثا ثم قلت : قد طلعت .
قال : لا مرحبا بها ولا أهلا .
قلت : سبحان الله .
! نجم مسخر سامع مطيع ؟ قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله قال " إن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب ؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم .
قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك .
قال : فاختاروا ملكين منكم فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت فنزلا فالقى الله عليهم الشبق .
قلت : وما الشبق ؟ قال : الشهوة .
فجاءت امرأة يقال لها الزهرة فوقعت في قلوبهما فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه ما في نفسه ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم فطلباها لأنفسهما فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء وتهبطان به فأبيا ثم سألاها أيضا فأبت ففعلا فلما استطيرت طمسها الله كوكبا وقطع أجنحتهما ثم سألا التوبة من ربهما فخيرهما فقال : إن شئتما رددتكما إلى ما كنتما عليه فإذا كان يوم القيامة عذبتكما وإن شئتما عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه .
فقال أحدهما لصاحبه : إن عذاب الدنيا ينقطع ويزول فاختارا عذاب الدنيا على عذاب الآخرة .
فأوحى الله إليهما : أن ائتيا بابل .
فانطلقا إلى بابل فخسف بهما فهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم القيامة " .
وأخرج سعيد بن منصور عنمجاهد قال : كنت مع ابن عمر في سفر فقال لي : ارمق الكوكب فإذا طلعت أيقظني فلما طلعت أيقظته فاستوى جالسا فجعل ينظر إليها ويسبها سبا شديدا فقلت : يرحمك الله أبا عبد الرحمن نجم ساطع مطيع ماله تسبه ؟ ! فقال : أما إن هذه كانت بغيا في بني إسرائيل فلقي الملكان منها ما لقيا .
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق موسى بن جبير عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله " أشرفت الملائكة على الدنيا فرأت بني آدم يعصون فقالت : يا رب ما أجهل هؤلاء ! ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك !