وقالوا لعمير بن وهب : اركب فاحذر محمدا وأصحابه .
فقعد عمير على فرسه فأطاف برسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ثم رجع إلى المشركين فقال : حذرتهم بثلثمائة مقاتل زادوا شيئا أو نقصوا شيئا وحذرت سبعين بعيرا ونحو ذلك ولكن أنظروني حتى أنظر هل لهم مدد أو كمين فأطاف حولهم وبعثوا خيلهم معه فأطافوا حولهم ثم رجعوا فقالوا : لا مدد لهم ولا كمين وإنما هم أكلة جزور وقالوا لعمير حرش بين القوم فحمل عمير على الصف بمائة فارس .
واضطجع رسول الله صلى الله عليه وآله وقال لأصحابه : لا تقاتلوا حتى أؤذنكم وغشيه نوم فغلبه فلما نظر بعض القوم إلى بعض جعل أبو بكر يقول : يا رسول الله قد دنا القوم ونالوا منا .
! فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أراه الله إياهم في منامه قليلا وقلل المسلمين في أعين المشركين حتى طمع بعض القوم في بعض ولو أراه عددا كثيرا لفشلوا وتنازعوا في الأمر كما قال الله وقام رسول الله صلى الله عليه وآله في الناس فوعظهم وأخبرهم أن الله قد أوجب الجنة لمن استشهد اليوم .
فقام عمير بن الحمام من عجين كان يعجنه لأصحابه حين سمع قول النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا رسول الله إن لي الجنة إن قتلت ؟ قال : نعم .
فشد على أعداء الله مكانه فاستشهد وكان أول قتيل قتل ثم أقبل الأسود بن عبد الأسد المخزومي يحلف بآلهته ليشربن من الحوض الذي صنع محمد وليهدمنه فلما دنا من الحوض لقيه حمزة بن عبد المطلب فضرب رجله فقطعها فأقبل يحبو حتى وقع في جوف الحوض وأتبعه حمزة حتى قتله ثم نزل عتبة بن ربيعة عن جمله ونادى : هل من مبارز ولحقه أخوه شيبة والوليد ابنه فناديا يسألان المبارزة فقام إليهم ثلاثة من الأنصار فاستحيا النبي صلى الله عليه وآله من ذلك فناداهم أن ارجعوا إلى مصافكم وليقم إليهم بنو عمهم .
فقام حمزة وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث بن المطلب فقتل حمزة عتبة وقتل عبيدة شيبة وقتل علي الوليد وضرب شيبة رجل عبيدة فقطعها فاستنقذه حمزة وعلي فحمل حتى توفي بالصفراء وعند ذلك نذرت هند بنت عتبة لتأكلن من كبد حمزة إن قدرت عليها فكان قتل هؤلاء النفر قبل إلتقاء الجمعين .
وعج المسلمون إلى الله يسألونه النصر حين رأوا القتال قد نشب ورفع رسول الله صلى الله عليه وآله يديه إلى الله يسأله ما وعده ويسأله النصر ويقول : اللهم إن ظهر على هذه العصابة ظهر الشرك ولم يقم لك دين وأبو بكر يقول : يا رسول الله والذي نفسي