ثم إن أمه والمرأة التي كان يدوايها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث المصلوب فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان ؟ ! قالتا عليك .
قال : إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير وإن هذا شيء شبه لهم فأمروا الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا فألقوه إلى ذلك المكان أحد عشر وقعد الذي كان باعه ودل عليه اليهود فسأل عنه أصحابه فقالوا : إنه ندم على ما صنع فاختنق وقتل قال : لو تاب تاب الله عليه ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحنا ؟ فقال : هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة فليتدبرهم وليدعهم .
وأخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه قال : إن عيسى عليه السلام كان سياحا فمر على امرأة تستقي فقال : اسقيني من مائك الذي من شرب منه مات وأسقيك من مائي الذي من شرب منه حيي ؟ قال : وصادف امرأة حكيمة فقالت له : أما تكتفي بمائك الذي من شرب منه حيي عن مائي الذي من شرب منه مات ؟ قال : إن ماءك عاجل ومائي آجل .
قالت : لعلك هذا الرجل الذي يقال له عيسى بن مريم ؟ قال : فإني أنا هو وأنا أدعوك إلى عبادة الله وترك ما تعبدين من دون الله D .
قالت : فأتني على ما تقول ببرهان ؟ قال : برهان ذلك أن ترجعي إلى زوجك فيطلقك .
قالت : إن في هذا لآية بينة ما في بني إسرائيل امرأة أكرم على زوجها مني ولئن كان كما تقول إني لأعرف أنك صادق .
قال : فرجعت إلى زوجها وزوجها شاب غيور فقال : ما بطؤ بك ؟ قالت : مر علي رجل فأرادت أن تخبره عن عيسى فاحتملته الغيرة فطلقها فقالت : لقد صدقني صاحبي .
فخرجت تتبع عيسى وقد آمنت به فأتى عيسى ومعه سبعة وعشرون من الحواريين في بيت وأحاطوا بهم فدخلوا عليهم وقد صورهم الله على صورة عيسى فقالوا : قد سحرتمونا ؟ لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلكم جميعا فقال عيسى لأصحابه : من يشتري منكم نفسه بالجنة ؟ فقال رجل من القوم : أنا .
فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وصلبوه فظنت النصارى مثل ذلك ورفع الله عيسى من يومه ذلك .
فبلغ المرأة أن عيسى قد قتل وصلب فجاءت حتى بنت مسجدا إلى أصل شجرته فجعلت تصلي وتبكي على عيسى فسمعت صوتا من فوقها صوت عيسى لا تنكره : أي فلانة إنهم والله ما قتلوني وما صلبوني ولكن شبه لهم وآية ذلك أن