دور الاعلام في مواجهة التحديات

دور الاعلام في مواجهة التحديات

 

 

دور الاعلام في مواجهة التحديات

 

الشيخ الدكتور مهدي التسخيري

مدير وكالة انباء التقريب

 

بسم الله الرحمن الرحيم

تعتبر وسائل الاعلام في العصر الحاضر العنصر الاهم في النشر الثقافة والعلوم وأيضاً بسط الهیمنة في کافة مجالات الحیاة من سیاسة واقتصاد وحضارة وثقافة وأمن حیث تستخدم جمیع الوسائل المتاحة کالاینترنت والقنوات الفضائیة والصحف والمجلات والرادیو والتلفزیون والسینما والمسرح وحتی الکتب والموسوعات دخلت ضمن الحرکة الاعلامیة من اجل الوصول إلى الاهداف المرسومة في استراتیجیات الانظمة والاحزاب وهي ـ وسائل الاعلام ـ أيضاً لو استخدمت بطریقة ایجابیة ومناسبة تقوم بدورهام فی مواجهة کل التحدیات التی بامکانها ان تعصف بالمجتمعات البشریة والقیم السماویة المتجذرة في الفطرة الإنسانية لاستعادة کرامة الإنسان وعزته وهویته المنسیة أو المستلبة.

 

نستعرض في هذا المقال دور الاعلام في مواجهة بعض التحدیات التي تقف امام انتشار الحقیقة وتهدف إلى طمسها واقصاء العناصر الایجابیة في الحرکة الاعلامية ودعم الجانب السلبي منها.

 

ان وسائل الاعلام لها دور حیاتي في نماءالمجتمع المعاصر فهي تتأثر وتؤثر وباستطاعتها ان توصل المجتمع إلى بر الأمان والإطمینان أو تأخذ به إلى الضلال والحروب الدامیة.

 

ان الاعلام و وسائله طوع ارادة الإنسان،فمتی ماکان الاعلام في خدمة المستکبر والمقتدر کما هو الحال الغالب إلىوم، نظراً لتقدم المستکبرین اقتصادیاً،و تکنولوجیاً وضع الطرف الآخر في زاویة الاعلام، وتحول إلى اداة غیر قادرة علی المطالبة بحقوق الإنسان والعدالة والعکس کان هوالصحیح أيضاً.

 

عند ماتفقد وسائل الاعلام مصداقیتها في المجتمع الإنساني سوف تنحرف نحو التطرق إلى مواضیع بعیدة عن هموم الناس ومعتقدات الجماهیر،غیر آبیة بما یحصل في الواقع المعاش، ولایهم اصحابها سوی المنافع الشخصیة والذاتیة او المطالب الفؤیة والحزبیة و.....

 

لقد أصبح من اللازم علی وسائل الاعلام الاسلامیة والرسإلىة المسؤولة أن تنظر في المسائل الاجتماعیة التي تهم شعوبها وجماهیرها للدفاع عن حقوقها الاساسیة وایضاح الآفاق المستقبلة المنشودة واستعادة سیادتهامن جدید ان الحدیث عن مقومات المجتمع الإسلامي بات فرضاً محتما علی جمیع وسائل اعلامها، کالحدیث عن :

 

1- وحدة الامة الإسلامية ضد التجزئة القبلية والحزبیة والطائفیة والمذهبیة من اجل الوحدة

 

2- تحریر المواطن من القهر والاستبداد أوالدفاع عن حقوق الإنسان حمایة لحقوق المواطنین امام الاحکام التعسفیة الحاکمة

 

3- التنمية والتطور التکنلوجي و الاعتماد علی الذات وتسخیر قوانین الطبیعة لاستثمار و جني ثمارها

 

4- تحریر الوطن الإسلامي من الغزاة الصهاینة والاستکبار العالمي بزعامة الولایات المتحدة الامیرکية ومقاومة کل القوی الاستعماریة الغازية

 

5- حشد الجماهیر وتجنید الناس حتی یتحول الکم إلى الکیف ضد اللامبالاة والحیاد

 

6- إثبات الهویة ضد التغریب والتبعية والرجوع إلى الاصالة ومراعاة متطلبات العصر

 

7- کسر حواجز الخوف من المفاهیم الوهمیة المخیفة في العالم کأحادیة النظام العالمي الجدید وسلطة اللوبي إلىهودي علی العام وضعف العالم الإسلامي وعدم استطاعته علی التغییر

 

ان الاهتمام بهذه الامور هو مطلب العالم الإسلامي برمته وبه تقوم وسائل الاعلام بدورها الریادي وتستعید مکانتها المرموقة في المجتمع الإسلامي.

 

قبل الحدیث عن التحدیات وکیفیة مواجهتها لابد من معرفة ان الاعلام الإسلامي ذو صفات وسمات تمیزة عن غیره فهو یقوم علی النقاوة بعیداً عن الهوی والتحیز خال من التعصب والاستعلاء فیه قوة الحق وثبات إلىقین و وقار العلم واشراق الصدق ونضرة الخلاص یدعوا إلى الرحمة والتسامح والأخوة والعدل والمساواة والتآلف والحب، یعظم کرامة الإنسان ویعلي من مکانته في تواضع العبودیة الله وترابط الاخوة في الله، فلاتفاضل بین بني البشر بسبب اللون أو العرق او الجنس أو اللغة، ویتطرق إلى القضایا بعقل مفتوح فلایرفض من الجهود الإنسانية والمنجزات الحضارية الا مایفسد الفطرة، ویعکر الصفوة،ویهدر المثل،ویهددالقیم، ویخرج علی الأعراف، ویجرح الحیاء ویثیر الغرائز.

 

نشیرهنا إلى بعض التحدیات التی تواجه العالم الإسلامي منها ما هو تاریخي وموروث ومنه ماهو معاصر و ولید حرکة استعماریة استکبارية یستنزف جهود الامة وقدراتها و ثرواتها.

 

مواجهة الفتنة

 

ان«زرع الفتنة» من أهم التحدیات التي تواجه امتنا الاسلامیة ولازالت الشعوب تعاني من مضاعفات وتبعات هذا التحدي الخطیر الذي أهدر طاقات الأمة ومکانتها وموقعها ومهدّ للعناصر المستبدة الداخلية والقوی الاستکباریة الأجنبیة ان تعبث بمصیر الامة الاسلامیة ومقدراتها وتسوقها کیف ما شاءت وتستعبدها باسإلىب ملتوية وتجیرّها لأغراضها التوسعیة حیث الحکومات العربیة والاسلامیة متفرجة اومتعاونة في هذه المسیرة العوجاء.

 

ان زرع الفتنة في اوساط المجتمعات البشریة للنیل منها،من الاسإلىب القدیمة الجدیدة بما استخدمها اصحاب السلطه للوصول إلى مآربهم المعروفة! ان التحدي الأول الذي کان یواجه حرکة الانبياء والمصلحین طوال التاریخ البشري هو الاختلاف والتفرق والتناحر مما دعا الانبیاء (ع) إلى وضع أسس ثابتة لکل أمة تابعة لهم من أجل تثبیت و إحکام الوحدة والأخوة والمحبة فیما بین اتباعهم. وقد وردت عشرات الآیات القرآنیة الداعية إلى التوحد والابتعاد عن التفرق والشقاق، منها علی سبیل المثال لاالحصر.

 

(وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) {آل عمران3/103}

 

(وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) {انعام6/153}

 

(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) {آل عمران3/105}

 

(إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) {انعام6/159}

 

(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) {الروم:31 - 32}

 

هذه الآیات الکریمة تدعوا إلى الوحدة والاخوة وعدم التفرق وتری ان عدم الالتزام بهذه الاوامر یخرج الإنسان من طاعة الله ورسوله ویوصله إلى حد الشرک. وان بعض الوقائع التاریخیة کحادثة الردة في زمان موسی(ع) عند ما رأی السامري وعجله کیف أضلاّ مجتمعه. أخذ یلوم أخاه هارون علی ماحدث، فکان الجواب هوالخشیة علی بني اسرائیل من التفرق و الخوف من الوقوع في داء سیصعب علاجه وهو التفرق والتفرق والاختلاف.

 

(قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي * قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) {طه92 - 94}

 

واما الأحادیث الشریفة ما ورد فیها عن الوحدة و التآلف قد لایرد في اي موضوع آخر، منها ما رواه البخاري ومسلم قال رسول الله (ص) «المؤمن للمؤمن کالبنیان یشد بعضها بعضاً»([1]).

 

عن النبي (ص) «مثل المؤمنین في تواددهم وتراحمهم وتعاطفهم کمثل الجسد الواحد إذا اشتکی منه عضو تداعی له سائر الجسد بالسهر والحمی»([2]), «إنّ الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم، يأخذ الشاة الشاذّة والقاصية والناحية، فعليكم بالجماعة والأُلفة...» ([3]).

وقال أيضاً: «رصّوا صفوفكم، وقاربوا بينها، وحاذوا بين الأعناق، فوالذي نفسي بيده، إنّي لأرى الشيطان يدخل من خلل الصفّ كأنّها الخذف»([4]).

 

ولذلك تراه (ص) يوصي أمته من بعده فيقول: «عليكم بالتواصل والتباذل، وإياكم والتقاطع والتحاسد والتدابر، وكونوا عباد الله إخواناً»([5]).

 

وهي وصية أمير المؤمنين (ع) أيضاً لابنه الحسن (ع) كما يرويها سليم بن قيس: «عليكم يا بني بالتواصل والتباذل، وإياكم والتقاطع والتدابر والتفرّق»([6]).

 

ويشرح ولده الباقر (ع) سرّ هذه الوصية قائلاً: «إنّ الله تبارك وتعالى علم أنّهم سيفترقون بعد نبيّهم فيختلفون، فنهاهم عن التفرّق كما نهى من كان قبلهم، فأمرهم أن يجتمعوا»([7]).

 

لست هنا في مقام ذکر الادلة علی اهمیة الوحدة ونبذ التفرق بل للتنبیه علی اهمیة هذا التحدّي وکم نعاني کأمة اسلامية من هذا التفرق وإن کثیراً من وسائل الاعلام المحلیة والأجنبیة تساعد الاسطول الاعلامي العالمي التابع للقوی الاستکبارية العظمی عندما تجدلها إذان صاغیة، لیس في اوساط المجتمع بل لدی النخب الفکریة والثقافیة المؤثرة علی عامة الجماهیر.

 

إن استخدام الاسإلىب المفرقة في الاعلام یهدد کثیر ما بناه المصلحون بالهدم. یقول الدکتور حسن محمد وجیه في مقام بیان الحرب الاعلامیة النفسیةالهادفة إلى تمزیق الأمة : جاء علی عنوان مجله معروفه کما یلی : «خطر التشيع في مصر وبلاد السنة في اسبوع إهانة الصحابة والسيدة عائشة»

 

والسؤال المطروح الآن: كيف ان الصياغة الاعلامية بالاسلوب أعلاه تجسد معادلة إعلامية إقصائية من نوع آخر......فجزئية التصنيف المعمم هنا يبث نوعاً من الخوف العميق (Phobias) وبالتالي يحفز المتلقي على استنفار حواسه الدفاعية (او الهجومية) من باب ان التحفز والإستنفار بدوره يدعونا إلى التخندق في مواجهة الخطر كأسلوب لتحقيق الأمن؛ (وهو هنا أمن وهمي كما سنرى فيما يلي في هذا التحليل) وهذا يساوي في نهاية المطاف ترسيخ اسلوب آخر من اساليب ومعادلات الإقصاء الإعلامي... ولكن كيف يكون الإقصاء هنا؟!.. يكون الإقصاء بإبعاد المتلقي عن حقائق الأمور الفعلية؛ بتركيب وخلط السياسة بالدين، والتركيز على الخطر المبالغ فيه... فالتشيع لم يكن خطراً على مصر فالأزهر الذي بدأ شيعيا قد أصبح سنيا من قبل المصريين... وعموما كان الأحرى أن يكون العنوان الرئيسي في إطار الدعوة للتقريب وليس لتعميق ثنائية السنة والشيعة، والتخويف من الخطر الداهم، ووضع ما يقوله ويفعله غلاة الشيعة وغلاة السنة في مكان وحجمه الطبيعي والمحدود.. فلا يساير الإعلام العربي دعاة الحملة التي تستهدف الأمة خاصة في هذه الأيام والتي تشتد فيها قوة معاول الفتنة بتدبير خارجي وضعف هيكلي في جسد الأمة.

 

ان المتتبع والمحقق یشهد ان الواقع الإسلامي بعید کل البعد عن ما تطرحه هذه المجلة وامثالها باسإلىبها الخاصة بالنظر إلى مایقوم به رواد التقریب وعلماء الإسلام من دعوة المسلمین والقادة إلى الوحدة والـتآخي فالامام الخمیني الراحل «رحمه الله»یخاطب العالم الإسلامي بوضوح : ان الدول الاستعماریة تسعی باستمرار إلى تفریق وتشتیت صفوف المسلمین من اجل بقاء سیطرتها الاستعماریة وان الأیدي القذرة التي توجد الخلاف مابین الشیعه والسنة وتغذیه لا هي شیعیة ولا هي سنیة انما هي أیاد استعماریة ایاد أجنبیة ترید تأخیر البلاد الإسلامیة من اجل اغراضها الخاصة ونهب الثروات والخیرات. وأيضاً اشار الامام الخامنئی إلى الهجمة الاعلامیة الشرسة والمنافقة الموجهة نحو الأمة الاسلامیة خاصة في ایران بقوله : يفتعلون الشائعات، يتحدثون مع مسؤول ببلد سني بطريقة لیشعر بأن الشيعة يمثلون خطراً يهدده، هذا مع المجتمع الشيعي ويتحدثون مع مسؤولوي دولة شيعية وبقية الدول التي يعيش فيها الشيعة ـ بصورة کي يشعروا بأن السنة يهددونهم وسيقضون عليهم، وهذا هو ديدنهم، مثل هذه القضية لها سابقة في كتب التاريخ یذكرلها نماذج محددة، ونحن في عصرنا نشاهد ذلك، يقولون للمسؤول السني لم أنت ساكت، لقد جاؤوا من إيران وجعلوا عدة قرى شيعية في بلادك، هنا أيضاً يأتون إلى إيران ويقولون لبعضنا لمإذا أنتم ساكتون وقد جعلوا عدة قرى شيعية وحولوها إلى سنية، كل هذا من عمل العدو، ولابد أن نعرف هذا.

 

هناك قضية، ان الأساس قائم على إثارة (الخلافات والقلق) کي لا يتحدوا (المسلمون)، و لا يخلق هذا الاتحاد وحدة عظيمة، يهزّ تصورها قلوب المستكبرين الطامعين، أي ان الأمة الإسلامية الواحدة لو شكلت بالمفهوم الحقيقي للأمة الإسلامية الواحدة، فإنها ستخيف المستعمرين والطامعين والذين يريدون بيع المنطقة ويستثمرونها لصالحهم، إنهم لا يرغبون ان يحدث هذا (وحدة المسلمين).

 

ان واجب وسائل الاعلام الرسإلىة مواجهة الاسإلىب الخبیثة بحکمة ودقة وفقاً لاستراتیجیة عامة وموحدة تقوم علی:

 

اولاً : بیان الحقیقة کما هي عند مواجهة الاخبار الکاذبة المصطنعة وعدم الخشیة من الموانع والعراقیل التي یمکن أن توضع أمام طریقهم للوصول إلى الحقیقة.

(الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) {احزاب/39}

 

ثانیاً : عدم اتهام الآخرین اعتماداً علی الاخبار الظنیة التی لاصله لها بالواقع لانها قد تؤدي إلى ردود فعل مسئیة وتصب في خدمة اعداء الإسلام،

 

 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ {49 حجرات/12}

 

ثالثاً : التصدّي لکل ما یؤدي إلى الفتنة وباستخدام کافة وسائل الاعلام المکتوبة والمرئیة و حتی المنابر والمواجهات لمواجهة ابرزمصداق لاشاعة الفحشاء الا هو والتفرق والتشتت، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {24نور/19}

 

رابعاً : الدقة في نقل العلوم والمعلومات الاسلامیة والتأکد من صحتها کي لاتشغل المجتمع الإسلامي في خلافات ـ هوـ في غنی عنها خاصةً ونحن لسنا بحاجة إلى نقل الکثیر من التراث المفرق وغیر الدقیق في الوسط الجماهیري، فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ {بقرة2/79}

 

خامساً : التروي في ما یصل إلىنا من وسائل الاعلام الغربیة والتي هي مصدرالاخبار لدول الجنوب خاصة ما یتعلق بشؤون المذاهب واتباعها لما تحوکه الأیادي الظالمه لضرب امتنا الاسلامیة مستغلة الاوضاع الردیئة في مجتماعتنا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ {49حجرات/6}

 

سادساً : عدم الدخول في مواضیع غیر مهمة بالنسبة إلى امتنا وشعوبنا و التي لاتسمن ولاتغني بل غیرنافعة وضارّة ومضیعة للطاقات والقدرات والاوقات مدمرة وهي مادیاً واخلاقیاً، وَإذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ {قصص28/55}

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مواجهة فرض الواقع

 

ان فکرة فرض الواقع السلبي الموجود لم تکن حدیثة یومنا هذا فهي نظریة قدیمة استخدمها طغاة العالم وجبابرة الارض بغیاً منهم وعدواناً من اجل السیطرة والتسلط علی رقاب الناس واستعبادهم.

 

ان تاریخ البشریة یحدثنا عن مستکبرین علو في الارض وادعوا الربوبیة و الالوهیة وامتلاک الارض ومن علیها واشاعوا ان هذا هو قدرالإنسان فبعض متسلط ظالم یفعل ما یشاء ویَسئل ولایُسئل والآخر تابع ومظلوم علیه القبول بالقدر المکتوب ولیس الأمر رهن ارادة الإنسان واختیاره بل هي سنة الحیاة الطبیعیة ولاحول ولاقوة له أمام مایجری سوی القبول وعدم الرفض الذي قد یُودی بحیاته وحیاة من معه ویخسر کل ما لدیه ویقتطع عن الحیاة والوجود کله.

 

لکن في الوقت نفسه،ان التاریخ یتحدّث عن انتفاضة اُمم طغی بعض حکامها وجعلوا اهلها شیعیا،یُستضعف الرجال ویقتل بهم ویشرّد وینکّل ویذبح الابناء ویستحي النساء، «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ {قصص28/4}» حتی وصل به الامر إلى ان یدعی الربوبیة العظمی «فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى {نباء79/ 24}» وغفل عن قدرت الواحد الأحد التي هي فوق کل شئ وله العلو وحده لا شریک له، سبحانه عما یدعون ومایصفون «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى {87اعلی/1}»،«مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إذا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ {مؤمنون 23/91}» ویحدثنا القرآن الکریم عن قوم عاد وثمود وبني اسرائیل کیف استطاعوا ان ینتفضوا علی الواقع المفروض آنذاک وسحقوا کل مظاهر القوة القائمة یومذاک علی الظلم بعد التوکل علی الله والاستمداد منه في حرکتهم الجهادیة.

 

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ {89/6} إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ {89/7} الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ {89/8} وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ {89/9} وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ {89/10} الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ {89/11} فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ {89/12} فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ {89/13} إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ {89فجر/14}

 

والتاریخ خیر شاهد علی ماقام به رسول الله (ص) بما صبر و جاهد و تحمل من اذی في سبیل هدایة البشریة واعتلائها وتغییرها من مجموعة کانت في ادنی مراتب الحیاة إلى مجموعة مهدّت لتأسیس اکبر حضارة انسانیة في المجتمع البشري، هکذا یصف الامام علي(ع) المجتمع یوم انبعاث نبي الرحمة (ص) إلى البشریة :

 

إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّداً ( صلى الله عليه وآله ) نَذِيراً لِلْعَالَمِينَ وَ أَمِيناً عَلَى التَّنْزِيلِ وَ أَنْتُمْ مَعْشَرَ الْعَرَبِ عَلَى شَرِّ دِينٍ وَ فِي شَرِّ دَارٍ مُنِيخُونَ بَيْنَ حِجَارَةٍ خُشْنٍ وَ حَيَّاتٍ صُمٍّ تَشْرَبُونَ الْكَدِرَ وَ تَأْكُلُونَ الْجَشِبَ وَ تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَ تَقْطَعُونَ أَرْحَامَكُمْ الْأَصْنَامُ فِيكُمْ مَنْصُوبَةٌ وَ الْآثَامُ بِكُمْ مَعْصُوبَةٌ.{نهج اللاغة خطبة 26}

 

قد أصبح هذا المجتمع یقود العالم الإنساني بحضارته اکثر من سبعة قرون بلامنازع له وکلما تغیر نحو الافضل شعت حضارته واتسعت،لکنه بعد ابتعاده عن المفاهیم القرآنیة والاحکام الالهیة تحول إلى مجتمع لا دور له في اي قرار دولي بل حتی في قراراته الداخلیة یتبع القوی المتسلطة علی الساحة العالمیة وهل یا تری تجد اسوء من هذا الحال وهو یدعی اتباع الإسلام والقوانین السماویة؟ مع انّ الإسلام یَعلو ولایُعلی علیه فاین هوالخلل؟ إلىس هوالتغییر السلبي الحاصل في اتباع الإسلام ودعاته؟ «.... إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ....{رعد13/11}»

 

 وهي سنة الله ولن تجد لسنة الله تحویلاً، ان التغییر هو عامل اساسي في تغییر الحیاة الإنسانیة فلیکن هذا التغییر نحوالافضل لاغیر «مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {2بقره/106}»

 

واما الشاهد الحي الذي یعیشه عالمنا المعاصر هو انتفاضة الشعب الایراني ضد أعتی قوة طاغوتیة کانت تدعي أنها شرطي المنطقة، فقد سقط هذا النظام السلطوي المتغطرس امام قیام الشعب الایراني المسلم بقیادة الامام الخمیني الراحل (رحمه الله) وقد نجح هذا الامام العظیم في احداث انقلاب تغییري وشعبي، فلم يستعن بضباط أو جنرالات من أجل انقلاب عسكري ليتولى فيما بعد السلطة، بل كانت ثورته ثورة ثقافية وشعبية فلم يحمل السلاح بوجه الجيش بل كانت الصدور العارية تواجه الدبابات، وكانت خطب الإمام المطبوعة على الأوراق أو المسجلة على الأشرطة هي التي تؤجج الثورة، معتمداً في ذلك على إرادة الأمة في التغيير، وعزمها على الانتقال من مجتمع اُشرب روح الاستبداد والظلم إلى مجتمع حر مؤمن بمبدأ العدالة والمساواة واحترام الفرد على المستوى الإنساني. وقد أثبت الإمام (قده ) أنه من الممكن أن يتحرك الجميع نحو إزالة الحكم الظالم ومن ثم السعي لبناء دولة المؤسسات والقانون، رافعاً الإسلام شعاراً للثورة، الإسلام الأصيل الذي يواكب تطورات العصر وينفخ في الأمة روح الثقة والإيمان بالتغيير، ودعا جمیع القوی والاحزاب والقومیات للالتحاق بالشعب والمشارکة في الثورة، بل حمّل مسؤولية إزالة النظام الشاهنشاهي جميع الشعب الإيراني بكل فئاته وانتماءاته الدينية والحزبية،

 

وفي تاریخ الشعوب من انتفاضات وثورات ضدحکام الجورما به کفایة علی المدعی.

 

إذا لمإذا هذا الخوف من الواقع المفروض إلىوم والذي یسعي الأسطول الاعلام الغربي ان یرسخه في ادمغة بعض النخب الخائفة کي یتحول الخوف إلى ثقافة اجتماعیة شاملة، وان المستضعفین في العالم غیر قادرین علی ایجاد أي تغییر في الوضع الموجود وما علیهم الا التبعیة والرضوخ امام الاقویاء والسیر خلف العولمة المتأمرکه والنظام العالمي الجدید الاوحد والاقتصاد المهیمن والامن الحدیدي المفروض و........وکل مایشابه هذه المقولات الذي بات اعلامنا العربي والاسلامي مکتوف الایدي امامها واصبح مروجاً لها وهاتفاً بها وداعیاً الشعوب المضطهدة إلى القبول بهذا الواقع ومن هذه القضایا هي القبول بالنظام العالمي الجدید بزعامة الایالات المتحدة الامیریکیة، الرضوخ للواقع الحاکم في البلدان الاسلامیة دون اي اعتراض ونقد سلمي وقانوني من اجل احترام حقوق الإنسان والحریات الفردیة والعامة، السکوت المطبق لدی الحکومات العربیة والاسلامیة امام الاضطهاد المستمر لشعوبنا الاسلامیة علی ید الاحتلال بکافة اشکاله، الاعتقاد بکل القوانین الصادرةعن المجالس الدولیة کمجلس الامن والمحکمة الدولية و.....حتی القرارات التعسفیة الصادرة لصالح القوی العظمی والصهیونیة العالمیة والتي تصب ضد مصالح الشعوب وعدم احترام سیادة الدول العربیة والاسلامیة وقد اصبحت هذه القرارات الجائرة مکشوفة للجمیع، دعم الحرکات الارهابیة التي قتلت المفکرین والعلماءوالعشرات من نواب المجلس النیابي والوزراء وعامة الناس کمنظمة مجاهدین خلق ومنظمة تحریرالسودان الصهیونیة من جهة واعتبار دول مستقله وذاسیادة ومنظمات مقاومة تدافع عن حقوق شعبها الشرعیة، کایران وسوریة وحزب الله وحماس و...... اعتبار هؤلاء ضمن لائحة الارهاب العاملية والأهم قضیة الکیان الصهیوني الغاصب للاراضي الفلسطینیة المقدسة و قبول الحکومات العربیة والاسلامیة بهذا الواقع بل السعي إلى فرضه علی ابناء فلسطین وجمیع الشعوب العربیة والاسلامیة مع ان شعب فلسطین المقاوم یجاهد من اجل تغییر الواقع المفروض خاصة ً بعد ماُمني الکیان الصهیوني بالخسارات الفادحة في اعتداء هم علی الشعبین اللبناني والفلسطیني في حزب تموز2006 ومحرقة غزّة 2008، هارباً یجر بذیل الذلةإلى طریق مسدود.

 

إن مسؤولیة وسائل الاعلام الاسلامیة الرسإلىة تقتضي تقدیم الصور التاریخیة والقرآنیة والواقعیة الرافضة للظلم من اجل القضاء علی فکرة «التبعیة للواقع المفروض» والتي هي مغالطة کبیرة کما اکد علیها الامام الخامنه اي في خطابه الإفتتاحي للمؤتمر الرابع للدفاع عن فلسطین الذي اُقیم في الجمهوریة الإسلامية في ایران قبل ایام قلائل بتاریخ 6ربیع الاول 1430حیث قال سماحته : «هناک مغالطة کبیرة قد انتابت أذهان بعض المعنیین فیما یتعلق بالقضیة الفلسطینیة وهي أن دولة باسم إسرائیل تمثل واقعاً مضی علی عمره ستون عاما، فیجب التصالح والتعایش معه. وأنا لاأدري لمإذا لایتلقی هؤلاء الدرس من سائر الوقائع الماثلة أمام أعینهم ؟ التي تستعد دول البلقان القوقاز وجنوب غرب آسیا هویتها الأصلیة مرة أخری رغم أنها عاشت ثمانین عاما في غیاب الهویة بعد التحول إلى أجزاء من الاتحاد السوفیتي السابق ؟ فلمإذا لاتستطیع فلسطین ـ وهي بضعة من جسد العالم الإسلامي ـ أن تستعید هویتها الاسلامیة والعربیة مرة أخری ؟ ولمإذا لایستطیع شباب فلسطین ـ وهم من اکثر شباب الأمةالعربیة ذکاء وصموداـ ان یغلبوا علی هذا الواقع الظالم ؟»

 

فأن وسائل الاعلام علیها ان تفرز الاخبار الداعمة لفرض الفکرة وتُقصیها أو تکشف عن زیفها تنویراً لأفکار المجتمع الإسلامي، وتستمد باقلام رسإلىة شریعة مطلعة علی مایجري في العالم إلىوم وکاشفة للمؤامرات السلطویة التي تصب کل مشاریعها من اجل فرض الهیمنة ولن تدع للطرف الآخر اي مجال لاستعمال حقوقه المشروعة، فالحریة والدمقراطیة والعدالة والنمو الاقتصادي والتوسع المعیشی والتطور التکنولوجي والانتفاع من الطبیعة وفتح آفاق المستقبل والعیش برخاء وسیاحة العالم والابداع والاختراع والکرامة والعزّة و....... امر خاص بهم وللآخرین السکوت والتبعیة وانتقاص الحقوق بل وغیر مسموح لهم التحدث فیما بیينهم عن حقوقهم المسلوبة.

 

مواجهة الاعلام الصهیوني :

 

ان مدعي إلىهودیة عُرفوا قدیماً بشغفهم للسیطرة علی وسائل الاعلام واستخدامها لاغراضهم التوسعیة وقلب الحقائق وجعل الباطل حقاً والحق باطلاً وقد اشار القرآن الکریم إلى واقعهم هذا بآیات قرآنیة منها:

 

أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {بقرة2/75}

 

مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً {4نساء/46}

 

فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {5مائدة/13}

 

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ {5مائدة/41}

 

ویقول صاحب البیان في الجزء الاول من تفسیره للآیة 75 : «وقدکان فریق منهم، اي ممن هو في مثل حالهم من اسلافهم «یسمعون کلام الله» ویعلمون أنه حق، ویعاندون ویحرفونه، ویتأولونه علی غیر تأویله، و قیل : إنهم علماء إلىهود والذین یحرفون التوراة فیجعلون الحلال حراماً والحرام حلالاً؛ اتباعاً لأهوائهم، وإعانة لمن یرشوهم....وإنما أراد الله سبحانه بالآیة، أن هؤلاء إلىهود الذین کانوا علی عهد النبي (ص)، إن لم یومنوا به وکذبوه وجحدوا نبوتة ؛ فلهم بآبائهم وأسلافهم الذین کذبوا بموسی (ع) أسوة ؛ إذ جروا علی طریقتهم في الجحد والعناد، وهؤلاء الذین عاندوا وحرفوا کانوا معدودین، یجوز علی مثلهم التواطؤ والاتفاق في کتمان الحق»

 

واستمر دیدن دعاة إلىهودیة، ـ و ان الصهاینة هم المصداق الحقیقي لهؤلاء في کل المکان ـ وهوالمحاولة للسیطرة علی وسائل الاعلام بشتی الوانه لما للاعلام من تأثیر في الثقافة والاقتصاد والاجتماع وتحقیق السیادة المباشرة و الغیر المباشرة علی تلک المناطق بل تحویل کل البقاع الواسعة بحجمها والمتنوعة بقومیاتها والمختلفة بآرائها إلى بلدة صغیرة مکشوفة للصهیونیة جوانبها بما یقدمه الاعلام من فرص عدیدة لنشر الافکار والمناهج والرؤی في ظل ثورة الاتصالات المعاصرة، وهل من المعقول ان یترک الصهاینة هذا المجال المؤثر والاستراتیجي لأعدائهم التاریخیین کما یزعمون ؟

 

وقد اشار الاستاذ مصیب نعیمي رئیس تحریر جریدة الوفاق إلى سلطة الصهاینة علی وسائل الاعلام بقوله :

 

ان السیطرة علی وسائل الاعلام العامة ( الصحف، المجلات، السینما، التلفزیون، وکالات الانباء الدولیة) وشرکات ومؤسسات النشر، الافلام، والافلام الکاریکاتوریة، باتت من أهم اهداف الرأسمإلىة الصهیونیة، ونشیر هنا إلى بعض الامثملة :

 

- ان أهم القنوات التلفزیونیة الروسیة هما ( N.T.V وT.V.N) بادارة «کوزینسکي» و «بروزفسکي» إلىهودیین اضف إلى ذلک مجموعة الصحف الروسیة وعلی رأسها «نزاوسیمایا» و «سیودینا» تدرج ضمن مؤسساتهما.

 

- وان أهم الصحف البریطانیة کالتایمز والساندي تایمز،سان واخبار العالم، وسیتي مکزین، تابعة للیهود المعروف «رابرت مردوخ» والذي عرف عندالاعلامیین بـ«صانع السلاطین» و«عملاق الاعلام».

 

- وفي فرانسة هذا إلىهودي «روبرت هرسان» له حصةالاسد في القناة التلفزیونیة الاولی«T.F» ویشرف علی مؤسسة نشر عملاقة تضّم أهم المنشورات والصحف کـ «فیغارو» و«آبزرور» و«فرانس سوار».

 

- وفي المانیة ان السلطة إلىهودية علی الاعلام باتت مکشوفة ومعلنة، فهذه مؤسسة «شبرینجر» تمتلک اکثر من30% من المنشورات والصحف والدوریات الألمانیة، وقد وضعت 14 شرطاً للتوظیف منها الاصل الثاني : السعي لتقویة التعایش مع إلىهود في المجتمع الالماني والدفاع عن دولة اسرائیل».

 

- واما في امیرکا فلایمکن کشف مدی استقلإلىة وسائل الاعلام عن سیطرة اللوبي إلىهودي، علی سبیل المثال لاالحصر، فان شرکة «دیزني» ـ والتي یرأسها مایکل آیسنر إلىهودي ـ استطاعت في فترة زمنیة من عام 1984 إلى 1995 ان تسیطر علی مارد الاعلام الامیرکي برمته.

 

وهذه الشرکة هي من اکثر الشرکات الاعلامیة لصناعة الاعلام وتوزیعها في العالم، و هي مساهمة اساسیة في القناة ( A.B.C) التلفزیونیة ولها225 محطة فرعیة تلفزیونیة في امیرکا وتمتلک قنوات تلفزیونیة اخری في اوروبا کـ «کابیل»، «تاجیسون» و«بوناویستا» ویدخل تحت اشراف «دیزنی» 26 إذاعة رادیو «A.M- F.M». ان ادارة 59% من 104 وسیلة اعلام امیرکیة مهمة یتم علی ایدي اللوبي إلىهودي.

 

 

 

ونکتفي بهذا القدر لکشف بعض الواقع الاعلامي الصهیوني وفي کتاب «الصهیونیة والاعلام» حقائق جمة ومفیدة للاطلاع علیها.

 

ان الکیان الصهیوني الغاصب استطاع ان یوظف الاعلام العالمي وکثیراً من الاعلام العربي لتمریر مشروعاته والوصول إلى اهدافه المشؤومة وقد تغذ ّت کثیر من الوسائل الاعلامیة العربیة من مؤسسات وشرکات خبریة صهیونیة علماً وجهلاً وغفلة ً، ولاننسی دور المؤسسة الاعلامیة الصهیونیة «Memri» التي یترأسها إلىهودي «یی غول کامرون» حیث ان فالمکتب المرکزي لهذه المؤسسة في واشنطن ولها فروع في بیت المقدس ولندن وبرلین. وتقوم هذه المؤسسة باستخراج الاخبار والتقریرات والتفاسیر السیاسیة من الصحف العربیة والشرق أوسطية والتي تخدم مصالح الصهاینة وبعد ترجمتها إلى اللغات الانجلیزیة،الالمانیة، العبریة، الایطإلىة، الفرنسیة، الاسبانولیة، الترکیة والروسیة لتضعها علی شبکة المعلومات التابعة لها وتقدم التقاریر الخاصة إلى زعماء الدول، اعضاء مجلس الکونجرس الامیرکي، وکالات الانباء و وسائل الاعلام و اصحاب الشأن السیاسي والجامعي داخل وخارج امیرکا فهذه المؤسسات الضخمة یشملها الاعفاء من الضرائب وتحصل علی دعم امیرکي واسرائیلي خاص بملایین الدولارات سنویاً،وقد کشفت قناة العالم الفضائیة في تقریر لها عن هذه المؤسسة الصهیونیة والتي تظهر نفسها بانها الوسیط بین العالم العربي والغربي، کشفت عن هویة مؤسسها «یي غول کامرون» بانه کان یعمل في المخابرات الاسرائیلیة اکثر من 22عام وکان مستشاراً لشامیر و رابین في عملیاتهم الارهابیة ضد الشعب الفلسطیني الأعزل «مستشار الرئیس في مقارعة الارهاب». ومن أهم المشاریع التي تسعی هذه المؤسسة لمساعدة الکیان الصهیوني في المرحلة التنفیذ هو «الاصلاح والتغییر في العالم العربي والشرق الاوسط». یتم ذلک من خلال نشاطات رباعیة متکاملة وهي اوّلاً الاصلاح السیاسي ویشتمل علی مناقشات حول االدیمقراطیة،ثانیاً حاکمیة القانون والدفاع عن حقوق المواطنین، وحریة البیان والمذاهب و.... ثالثاً : الاصلاح الدیني والمذهبي لایجاد اصلاح في الرؤی الاسلامیة واستغلال الاختلافات المذهبیة.....رابعاً : الاصلاح في الجانب الاقتصادي وهو قائم علی مناقشة مسائل تأثیر السوق الحرة في الاقتصاد، والعولمة الاقتصادیة والتجاریة، والحداثویة الشاملة.

 

فقداستطاعت هذه المؤسسة الاعلامیة الصهیونية ان تؤثر بشکل واسع علی الرأي العالم الأمریکي من خلال استناد وسائل الاعلام التابعة للّوبي إلىهودي، غیرها إلى ما تبثه من اخبار واشاعات واکاذیب وتفسیرات في مختلف شؤون الحیاة، وفي فاصل زمني ـ 17 شهرـ نشر لها من اخبار ومقالات في اکثر من 350 صحیفة ومجلة امیرکیة، منها «واشنطن تایمز»، «وال استریت جورنال»، «لس آنجلس تایمز»، «نیویورک تایمز» و..... اضف إلى ذلک أن أهم القنوات الفضائیة الامیرکیة کـ «C.N.N»و«الفکس نیوز» و«A.B.C» وعشرات من إذاعات الرادیو. تتغذی مما تنشر هذه المؤسسة الاعلامیة و یکفينا قول الرئیس الاسبق لـ «C.I.A» وهو «جیمز ووزلي» : ان هذه المؤسسة قدّمت للمجتمع الامیرکي خدمات جمة ومؤثرة.

 

مع کل ما ذکر هل یجوز للاعلام العربي أو الإسلامي ان یقف متفرجاً امام هذا الغزو الصهیوني المدروس والذي یسعي لیس فقط للسیطرة علی اوطاننا واراضینا وهدم بیوت الآهلین والعزل وقتل الأبریاء من النساء والشیوخ والاطفال و...... بل لتنفیذ مشروع یقوم بتغییر المجتمع العربي والاسلامي وتغییر المفاهیم الاسلامیة والإنسانیة ونهب ثرواتنا الثقافیة والدینیة والإنسانیة فضلاً عن الثروات الطبیعیة من نفط ومیاه و زراعة و.....».

 

ان علی وسائل اعلامنا وضع خطة استراتیجیة تهدف إلى مواجهة الاعلام الصهیوني الغازي حتی مع قلة الامکانات وعدم قدرة الدعم الحکومي لکثیرمن الدول الاسلامیة نظراً لالتزاماتها ومعاهداتها مع الدول العظمی والاستکبارية وحتی الدول الصهیونیة ومع الاسف عدم تجاوب کثیر من المنظمات الإنسانیة والتي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان والحریات والدیمقراطیة وکثیراً من هذه المنظمات هي صناعة صهیوصلیبیة.

 

ان أقل مایمکن أن یقوم به الاعلام الإسلامي هو :

 

اولاً : تقدیم لائحة کاملة بکل المؤسسات الاعلاميةإلىهودیة والمتعاونة مع الکیان الصهیوني والتي تسعي إلى تنفیذ مشاریعه وتقدم العون له خبریاً وثقافیاً و اقتصادیاً.

 

ثانیاً : تقدیم لائحة عن اسماء الکتاب والمراسلین الذین لهم ارتباطات عضویة ومباشرة وغیر مباشرة مع الکیان الصهیوني امثال العملاءالسابقین،«نبیه سرحان»، «ابن رافدین»، «یوفی بن مناحیم»

 

ثالثاً : الکشف عن وکالات الأنباء المتعاونة مع الکیان أو المؤسسات التابعة للّوبي إلىهودي في کافة انحاء العالم.

 

رابعاً : تقدیم النصیحة لکل القنوات الفضائیة العربیة والاسلامیة التي تستند في اخبارها وتقاریرها وتفاسیرها السیاسیة والاقتصادیة...... إلى المؤسسات الاعلاميةالمرتبطة بالکیان الصهیوني مباشرة وغیر مباشرة.

 

خامساً : ایجاد جبهة اعلامیة واحدة ومضادة لکل ما تبثه وسائل الاعلام المعادیة وتقدیم الاخبار الصادقة والصریحة کي یستند إلىها اعلامنا العربي والاسلامي.

 

سادساً : تربیة الکودار الاعلامیة النزیهة والمستقلة من اجل کشف الخطط الاعلامیة الصهیونیة الملتویة والأستعانة بالکوادرالنزیهة والخبیرة العاملة في هذه المجال.

 

سابعاً : حثّ النخب الفکریة علی التعاون مع وسائل الاعلام النزیهة لمواجهة هذا الکم الهائل من المقالات والتفاسیر السیاسیة المدروسة.

 

ثامناً : فضح العناصر المنهزمة نفسیاً وثقافیاً وحضاریاً امام الغزو الثقافي وافحامهم بالبراهین والأدلة القاطعة.

 

تاسعاً : تقدیم الصورة الناصعة للجمهور المسلم في کل بقاع الارض وشرح المشاریع والخطط الآحادیة والمشترکة للصهاینة ضد العالم الإسلامي.

 

 

 

تثبیت الصحوة الاسلامیة

 

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إذا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {انفال8/24}

 

ان الإسلام دعوة إلى الحیاة،من خلال مفاهیمه الواسعة والشاملة التي تفتح آفاقه علی الکون کله، لیکون ساحة لفکره، ومنطلقاً لحمله، وتجربة لمسؤولیته، مما یجعل منه طاقة ً حیة متحرکة في اکثر من اتجاه، ومن خلال شریعته التي تنظم له حیاته.

 

لقد اعتبر القرآن الکریم الایمان والجهاد والشهادة مظهراً من مظاهر الحیاة لذلک کانت التضحیة بالحیاة لوناً من الوان حرکة الحیاة لأن الروح تحیی في اهدافها کي یحیی الجسد في حاجاته وهذا هو معنی الحیاة الواقعیة المرادة ومعنی الاستجابة إلى الله وإلى الرسول استجابة للجانب الحي من حرکة الرسالة في الحیاة.

 

ان دعاة الاصلاح الذین دعو إلى عودة المجتمع إلى اسلامه وشریعته باتباع احکامه واسترجاع الإنسان هویته في زمن الضیاع والهزیمة والخنوع المستشري في المجتمع الإسلامي، قد زرعوا بذورالصحوة الإسلامية بعد ماشهدوا من هوان وذل وتراجع في اوساط الامة واستبداد ودیکتاتوریة في الهیئات الحاکمة،ان القیادات الاصلاحیة امثال السید جمال الدین ومحمد عبده، والکواکبي والبناء و..... الامام الخمیني والامام محمد باقر الصدر والشهید مطهري و..... هم المنارات في حرکة الصحوة المعاصرة.

 

وان انتصار الثورة الاسلامیة في ایران شکل منعطفاً هاماً في اتساع شمولیة الصحوة الإسلامية، و قد آثار غضب الاستکبار والاستعمارالناهب ثرواتنا والمهدر طاقاتنا والصاد لمشاریعنا التنمویة والزارع الصهیونیة في الجسد الإسلامي والداعم للحکومات المستبدة باسم الدیمقراطیة والحریة والدفاع عن حقوق الإنسان. ومع کل ما بذل من جهد اعلامي وعسکري و امني ودعم اقتصادي متواصل لوقف مدّالصحوة الاسلامیة، لکنها عمت البقاع الاسلامیة واتّسعت إلى خارجها واخذت تکستح العقول وتجذب القلوب وتثیر الضمائر الحیة والوجدان الإنساني العام.

 

ان التحدّي الکبیر الذي یواجه امتنا الاسلامیة، هو الغزوالاعلامي المنظم والمبرمج لوقف مدالصحوة الاسلامیة و وصمها به صفات وسمات بعیدة کل البعد عن الإسلام وهو منها براء واتهامه، بترویج العنف والارهاب والاستبداد والدیکتاتوریه والقتل وتضییع حقوق الإنسان وعدم احترامه واهانت المرأة وعدم تکریمها وسحق القیم الإنسانیة..... ویستند في اثبات ادعاءته إلى نماذج في الساحة الاسلامیة، هي ولیدة التربیة الاستکباریة الغربیة ومدعومة منها وقائمة ً بها، ان المسؤولیة الملقاة علی عاتق الاعلام الإسلامي تحتم علیه کشف هذه المؤامرات الاستکباریة وصدها لتثبیت الصحوة الإسلامية وردع الغزو الاعلامي الاستکباري، وقد اشار الامام الخامنه اي إلى هذه المسؤولیة بوضوح حیث قال :

 

 اليوم وببركة تضحيات المناضلين وشجاعة القادة في بعض المناطق من العالم الإسلامي واخلاصهم اتسعت أمواج الصحوة الإسلامية فدفعت بالشباب والنخب وأفراد الشعب في كثير من الأقطار الإسلامية إلى الساحة وافتضحت بذلك الصورة الغادرة للمتسلطين، الذين راحوا من جديد يستخدمون أساليب ماكرة لاستدامة سيطرتهم على العالم الإسلامي وتقويتها.

 

ولا يتعدى شعار نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان أن يكون أحد هذه الأساليب الخداعة فها هو الشيطان الأكبر-وهو الذي يجسد الشر والعنف ضد البشرية- يرفع لواء الدفاع عن حقوق الإنسان ويدعو شعوب الشرق الأوسط إلى الديمقراطية.

 

إلا أن الديمقراطية التي تسعى أمريكا لتحقيقها في هذه الأقطار تعني أن تفرز الانتخابات -الشعبية في ظاهرها والأمريكية في الواقع، بمعونة التآمر والرشوة والدعاية الانتخابية المغرية الخادعة- عملاء لأمريكا يحققون لها أهدافها الاستكبارية وفي طليعتها إيقاف المد الإسلامي وإقصاء القيم الإسلامية عن الساحة تارة أخرى.

 

ان كل الوسائل الاعلامية والسياسية لأمريكا وغيرها من المتسلطين قد عبئت اليوم لكي تعرقل نهضة الصحوة الإسلامية أو تقمعها ان استطاعت. فعلى الشعوب الإسلامية أن تعي الموقف اليوم وتراقبه بحذر. كما ان على العلماء والمرجعيات الدينية والمثقفين والجامعيين والكتاب والشعراء والفنانين والشباب والنخب، عليهم أن يتخذوا بكل وعي المبادرة المناسبة ليحولوا دون أن تبدأ أميركا الجشعة مرحلة جديدة من هيمنتها الاستعمارية على العالم الإسلامي.

 

وقد أکد سماحته علی ان العالم وخاصة العالم الإسلامي إلىوم یمر بفترة حساسة :

 

فمن جهة يشمل مد الصحوة الإسلامية كل العالم الإسلامي، ومن جهة أخرى تبدو بوضوح الصورة الماكرة لأمريكا وباقي المستكبرين من خلف ستار التزوير والرياء، ومن جهة ثالثة يبدأ التحرك باتجاه استعادة الهوية والقوة في أجزاء من العالم الإسلامي؛ حيث نلاحظ في بلد له عظمته كايران المسلمة تفتح براعم العلم والتقنية الذاتية المستقلة، كما تترك الثقة بالنفس أثرها على ترشيد الأجواء السياسية والاجتماعية فتمتد آثارها إلى ميادين العلم والإعمار، ومن جهة أخرى يسري الضعف والانحطاط في الهياكل السياسية والعسكرية للأعداء.

 

ان العالم الإسلامي إذا اراد تحقیق حاکمیة الشعب والدفاع عن حقوق الإنسان لایحتاج وصفة خاطئة نقضها الغرب بنفسه باستمرار فحاکمیة الشعب إنما تستمدبکل وضوح من التعإلىم الاسلامیة کما أن حقوق الإنسان هي من اوضح الامور التي اکد علیها الإسلام، و ان الارهاب الوحشي الأعمی الذي یتخذ منه المحتلون ذریعة للهجوم علی الإسلام والمسلمین واستمرار غزوهم العسکري امر ترفضه التعإلىم الإسلامية وتدینه وان اول المتهمین في هذه الحوادث الاجرامية هم العسکریون الامیرکیون وأجهزة المخابرات الأمیرکیة والاسرائیلیة.

 

مسؤولیة الاعلام باتت واضحة في مواجهة کل الاعیب وملتویات الحرکة الاعلامیة الاستکباریة واهدافها التوسعیة لصالح القوی العظمی الحاکمة في العالم. ان عودة الدین إلى الحیاة اصبحت ظاهرة اجتماعیة معاصرة. وقد کانت اُمنیة المصلحین والعلماء والنخب الفکریة. لکن المطلوب من الاعلام تقدیم الصورة المشرقة لهذا الدین کي لایقدّم الاعلام المضاد الصورة السلبیة والوهمية والمصطنعة أو المنسوبة إلى الإسلام وهي لاتمت إلىه بصلة.

 

یجب ان نقدم الإسلام کدین العقائد والشعائر التي یطمئن إلىها الفرد في علاقته الشخصية بنفسه وخالقه والعالم وهي اساس السلوک للوصول إلى الکمال الخلقي.

 

الدین الذي یشتمل علی نظام اقتصادي لایکون فیه المال دولة بین الاغنیاء في المجتمع محصوراً في ایدي ثلة قلیلة تسیطر وتستغل

 

الدین نظام سیاسي یقوم علی الاختیار الحر من الشعب وَ لَا تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَ قَدْ جَعَلَكَ اللَّهُ حُرّاً (نهج البلاغة)، فالامامة عقد وبیعة واختیار والامر شوری بین المسلمین والحاکم ممثل للشعب یستمد سلطته من الناس بامر من الله.

 

الدین نظام اجتماعي یقوم علی المساواة والعدالة الاجتماعیة وحق الفقراء في اموال الأغنیاء وحق الحاکم في تأمیم رأس المال المستغل، وتوزیع الثروة بین المسلمین بالعدل،وأن المجتمع الواحد الذي فیه انسان واحد جائع تبرأ ذمة الله منه.

 

والدین نظام اخلاقي لایقوم علی المظاهر الخارجیة فقط.... بل انماهونظام یقوم علی الایمان بمبدأ واحد یتجلی في العمل الصالح.....

 

والدین نظام قانوني ینظم العلاقات بین الافراد حتی لایسلط الکبیر علی الصغیر ولایطغی القوي علی الضعیف ولایأکل الغني مال الفقیر. فلاتخضع العلاقات بین الناس للقوة والهوی والمصلحة، من هنا أتت أهمیة الشریعة حتی یعیش الناس في عالم ینظمه القانون.

 

والدین نظام عالمي، یحدد العلاقات بین الدول ویعقد الاحلاف بینها، القائمة علی الاحترام المتبادل وعدم العدوان.

 

الدین أذن نظام حیاة،کلي وعام وشامل،ینظم الفرد والمجتمع والإنسانية، لاینزوي في الفرد وحده والاّحکم الإنسان نظامان.

 

وهو أعم من الأیدیولوجیة السیاسیة لأنه یجمع بین الفرد والمجتمع ولیس المجتمع وحده. یرتبط بأعماق الفرد وینظم العلاقات بین الافراد عن طریق حریة الاعتقاد ولیس قهر السلطة.

 

الدین نظام الحیاة لاطلاق طاقاتها ولیس حسبها ولانمائها ولیس لحصارها،یحیی به ویموت به.

 

فمتی ما رکز الاعلام علی هذالنوع من الدین ونهج وفقاً للارادة الربانیة خدمة للانسانية سیکون هوالمنتصر في النهایة مهما واجه من صعوبات وعراقیل في المسیرة الغیر العادلة امامه.

 

و وسائل الاعلام لایمکن لها بخبرائها التقنیین والاختصاصین في الاعلام ان تصل إلى الهدف المنشود الاّ إذا حصلت علی مساعدة وتعاون الدعاة والنخب الفکرية واساتید الجامعات وکل اصحاب الفکر و روادالثقافة الاسلامیة،لأن الهم مشترک بیننا جمیعاً.

 

وفي الخاتمة نؤکد بأن تباشیر سقوط الهجمة الغربیة باتت واضحة المعالم لدی العالم کله وبعد سقوط الاتحاد السوفیاتي جاء دور سقوط اصحاب السلطة في الغرب المتظاهر بالقوة والدیمقراطیة والحریة والدفاع عن حقوق الإنسان، فبعد الهزائم العسکریة المتتإلىه لقوات الشیطان الأکبر في افغانستان والعراق و....من دون تحقیق الاهداف وفشل المحاولات الصهیونیة للقضاءعلی المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطین والانهزام النفسي المتصاعد في قیاداتها السیاسية والعسکریة وأيضاً سقوط الغرب سیاسیاً امام الرأي العام في الغرب وفي الشرق اثر دفاعه المستمیت عن الکیان الصهیوني والهجوم الشرس علی الشعوب المستضعفة والکیل بمکیإلىن في القضایا الدولیة، والتي من مصادیقها البارزة اصدار حکماً بتوقیف الرئیس السوداني بتهمة واهیة وسکوتها ازاء کل جنایات قیادات الکیان الصهیوني والدعاوي المقدمة لمحاکمتهم و اصدار حکم العدالة بحقهم بل العکس کان هوالموقف حیث وقف کل زعماء الغرب الاوروبي والامیریکي اضافة إلى بعض زعماء الدول العربیة في خندق الکیان الصهیوني في وجه جهاد المقاومة الاسلامیة في لبنان وفلسطین ناهیک عن الفشل الاقتصادي في امیریکا والدول الغربیة والانحدار نحو الهاوية الافلاسیة في کثیر من الشرکات الانتاجیة والصناعیة.

 

وهناک تحدیات اخری في الشؤون التعلیمیة والسیاسیة والاجتماعیة علی الاعلام احصاءها ومواجهتها بحکمة وتأني کي یکون علی قدر المسؤولیة.

 

اخیراً اود الاشارة إلى تأسیس وکالة انباء التقریب التابعة للمجمع بین المذاهب الإسلامية في العام المنصرم وهي خطوة مبارکة في سبیل تحقیق الاهداف السامیة للمجمع وکلنا آمل بمشارکة السادة والسیدات الکرام في المجمع العمومي للمجمع في دعمهم الفکري والخبري لتطویر العمل ونشر الرسالة المحمدیة واعلاء کلمة الله في الارض.

وآخر دعوانا ان الحمدلله ربّ العالمین

الهوامش:

([1]) . صحيح بخاري مسلم.

([2]). مسند احمد بن حنبل.

([3]). كنز العمال 1/206 حديث 1027.

([4]). العهود المحمدية للشعراني /89، وفي البحار 85/111 بمثله مع اختلاف في اللفظ. والخذف: ما يكون بين الاثنين من الاتّساع.

([5]). مستدرك الوسائل 9/49 حديث 24.

([6]). كتاب سليم بن قيس /926 حديث 69، من لا يحضره الفقيه 4/191 ضمن حديث 5433.

([7]). تفسير الصافي 1/366.