أهل البيت(عليهم السلام) والسُـنّة النبويّـة
أهل البيت(عليهم السلام) والسُـنّة النبويّـة
آية الله الشيخ محمّـد مهدي الآصفي
بسم الله الرحمن الرحيم
أهل البيت (عليهم السلام) والسنّة النبوية
بعد الايمان باللّه ورسوله واليوم الاخر.. لا يواجه المسلم أمراً يتعلق بدينه أهم من معرفة المصدر الذي يستقى منه دين الله في اُ صوله وأحكامه. فان الله تعالى كلّف عبادة بامتثال أحكامه، ووضع لهم اُسساً وقوانين وتفاصيل للحرام والحلال.
ولا يكتسب أي حكم من الاحكام الشرعية صفة الشرعية والانتساب إلى الله تعالى ما لم يكن مستنداً إلى مصدر موثوق من مصادر الشريعة قد عيّنه الله تعالى لعباده([1]).
والمصدر الأول:
هو القرآن الكريم فهو الهدى والنور في حياة البشرية، قال تعالى: (انا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله) ([2]).
ومهما اختلف المسلمون في شيء فلا يختلفون في أنٌّ القرآن الكريم هو المصدر الأول لبيان أحكام الله وحدوده.
والمصدر الثاني:
السنّة النبوية : وهي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفعله وتقريره، ولمّا توفي رسول الله انقطع بوفاته الوحي وانقطع هذا المصدر المهم من مصادر التشريع وأصبح المسلمون يواجهون في حياتهم اليومية مسائل كثيرة يطلبون فيها حكم الله عزّ وجل في عباداتهم وفي شؤون الدولة التي توسعت فيما بعد.
ولم يكن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد بين في حياته تفصيل كل شيء ممّا يحتاجه المسلمون ولم يكن ذلك أمراً ممكناً في الفترة القصيرة المباركة التي عاشها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذه الدنيا بما حفّ حياته الشريفة من متاعب كثيرة كانت تشغله وتشغل المسلمين معه.
يقول الشهرستانى: «نعلم قطعاً أن الحوادث والوقائع في العبادات والتصرفات مما لا يقبل الحصر والعدّ ونعلم قطعاً أنه لم يرد في كل حادثة نص ولا يتصور ذلك أيضاً والنصوص إذا كانت متناهية وما لا يتناهي لا يضبط بما يتناهي»([3]).
العقبات التي أعاقت رواية الحديث:
ولم يسلم لنا كل حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) كما تحدث به (صلى الله عليه وآله) فقد مرّ حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمضائق وعقبات صعبة... لم يعد معها يتيسر الوصول إلى حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بسهولة.
فقد دأب الخليفة الثانى على منع المسلمين من تدوين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولم يحفل الصحابة يومئذ بأمر تدوين الحديث وضبطه.
يقول أمير المومنين على ابن أبي طالب (عليه السلام): وليس كل اصحاب رسول الله كان يسأله - أي الرسول - عن الـشيء فيفهم. وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتّى انهم كانوا ليحبون أن يجيء الاعرابى الطارئ فيسأل رسول الله حتّى يسمعوا([4]).
وكان يذهب مع كل صحابي يموت أو يستشهد في ساحات القتال طائفة من العلم حتّى لقد خشى الناس اندثار العلم.
واستمرت هذه الحالة إلى خلافة عمر بن عبد العزيز، حيث شعر بفداحة الخسارة وأمر بتدوين الحديث واتصلت حلقات التدوين من ذلك التاريخ([5]).
وكثرت القالة والوضاعون وكثر الوضع وكان للعامل السياسى الدور الأول في أسباب الوضع حتّى شاع وضع الحديث على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياة الصحابة والتابعين فضلاً عما حصل بعد ذلك ومخافة ان يؤدى النقد العملى لرواية الحديث إلى ضياع ما تبقى من الآثار النبوية الشريفة اغلق المحدثون باب النقد العلمي لرواية الحديث إذا بلغ الاسناد الصحابي.
كما اغلقوا باب البحث العلمى والنقاش في ما يتعلق بالصحيحين.
ولسنا ننفي موضوعية المخاوف التي كانت تراود نفوس المحدثين في هذه النقطة وتلك.
ولكنّنا نقول ان خطر اغلاق باب النقد العلمي في هذه المسائل أبلغ مما يمكن أن يمس الآثار النبوية الشريفة من الاذى إذا فتحنا باب النقد العلمى لرواية الحديث حتّى الصحابى والصحاح.
ومهما يكن من أمر نتساءل هل جعل الله تعالى في دينه مصدراً مفتوحاً بعد كتاب الله وبعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) للسنّة النبوية يرجع إليه المسلمون متى شاؤوا؟ وهل خلّف رسول الله (صلى الله عليه وآله) من بعده مورداً مفتوحاً لسنّته يهتدى به المسلمون إلى شريعة الله؟ أو أنّ السنّة النبوية قد انقطعت عن المسلمين بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)ولا سبيل لهم اليها الا فيما رواه الصحابة من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبما يحفّ هذه الروايات من مشكلات تاريخية([6])، لا تجعل الرجوع اليها ميسوراً في كثير من الأحوال، ذلك ما نحاول الاجابة عنه في ما يأتى من هذا البحث ان شاء الله تعالى.
امامة أهل البيت (عليهم السلام)
والذي يقرأ بإمعان وموضوعية سـيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يطمئن إلى انه (صلى الله عليه وآله)كان مكلفا من جانب الله تعالى بالاعداد لخلافة أهل بيته (عليهم السلام) من بعده في أمته لأمور دينهم ودنياهم. وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسعى لتكريس هذا الأمر لإعداد الأُمّة للرجوع إلى أهل البيت (عليهم السلام) من بعده يأخذون عنهم سنته وقد تكرر منه (صلى الله عليه وآله)توجيه الأُمّة للرجوع إلى أهل بيته (عليهم السلام) في أكثر من موقع وفي أكثر من مناسبة وليس في الامكان أن نستعرض كل الاحاديث والمواقف التي صدرت من النبى (صلى الله عليه وآله) بهذا الشان الا أننا نستعرض نماذج في ذلك استعراضا سريعاً لننتقل منها إلى دراسة آية التطهير ودلالاتها الواسعة.
من هذه النصوص :
1 - حديث الثقلين الشهير:
الذي تضافرت على روايته مجاميع الحديث النبوى من السنّة والشيعة.
الأولياء»([7])، إلى عشرات من الاحاديث الاخرى التي رواها الثقات من الرواة من الاصحاب والتابعين لهم باحسان وشيوخ اصحاب الحديث في إمامة أهل البيت عليهم بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في شؤون الدين وكذا في شؤون القيادة والحكم([8]).
2 - حديث الغدير:
الذي نصب فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من بعده ولياً على المسلمين في مشهد حافل من المسلمين يقدّره سبط بن الجوزى في «التذكرة» بمائة وعشرين ألفا. وقال فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله): «من كنت مولاه فعلى مولاه اللّهمّ وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله». وبايعه يومئذ على الولاية كبار الصحابة ومنهم الشيخان ابوبكر وعمر وقد روى هذا الحديث مسلم في الصحيح والحاكم في المستدرك بشرط الشيخين([9]).
وقد جمع العلّامة الفقيه السيد مير حامد حسين اسناد هذه الروايات وحقق في سندها ومتنها في عشرة مجلدات] في كتابه عبقات الأنوار [كما حقّق العلّامة الامينى طرق هذه الرواية في موسوعته القيمة (الغدير) بصورة واسعة([10]).
النسائي([11])، ومستدرك الحاكم([12])، وغير هذه الكتب من عشرات المصادر الروائية.
3 - حديث السفينة:
وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «مثل أهل بيتى فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق».
1 - المستدرك على الصحيحين 3 : 343.
2 - كنز العمّال للمتّقي الهندي 1 : 186 ط الرسالة بيروت.
3 - مجمع الزوائد للهيثمي 9 : 168.
4 ـ حلية الأولياء 4 : 306.
اعداد أهل البيت (عليهم السلام) للإمامة:
وكما كان رسول الله يحرص على اعداد الأُمّة لقبول أهل بيته أئمّة من بعده يرجعون اليهم في معرفة حدود الله تعالى واحكامه، ولمعرفة الحلال والحرام، وفي شؤون الحكم والامامة والقيادة... كذلك كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحرص على اعداد علي (عليه السلام) من أهل بيته للقيام بهذه المهمة من بعده.
فكان (صلى الله عليه وآله) يخص عليا بكثير من رعايته وعنايته، ربّاه في بيته، وتولّى (صلى الله عليه وآله)تربيته بنفسه فنشأ على يد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منذ نعومة أظفاره وكان أول من آمن به واقتدى به.
يقول أمير المومنين في خطبته المعروفة بالقاصعة:
«وقد علمتم موضعى من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة، وضعنى في حجره وأنا ولد يضمنى إلى صدره ويكنفنى فراشه ويمسنى جسده ويشمّنى عرفه وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه وما وجد لي كذبة في قول ولا خطلة في فعل ولقد كنت أتبعه اتباع الفصيل اثر امه يرفع لي في كل يوم من اخلاقه علما ويامرنى بالاقتداء به وقد كان يجاور في كل سنة بحراء فاراه ولا يراه غيرى، ولم يجتمع في بيت واحد يومئذ في الاسلام غير رسول الله (صلى الله عليه وآله)وخديجة وأنا ثالثهما ارى نور الوحى وأشم ريح النبوة([13]).
اذن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعد الأُمّة لامامة أهل البيت (عليهم السلام) من بعده ويعدّ أهل بيته لإمامة المسلمين.
والذى يمعن في النصوص الواردة في هذا الشأن عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتأكد له أن لم يكن شأن شخصى في ذلك وانّما هو أمر من أمر الله تعالى ينفذه ويبلّغه، كما كان يبلّغ سائر أوامر الله تعالى.
وقد نزل في ذلك على رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله تعالى: (يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربّك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) ([14]).
فقد صرّح المحدثون ان هذه الآية نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غدير خم في أمر نصب عليّ بن أبي طالب وليا واماماً على المسلمين.
روى ذلك الشيخ الأمينى عن مجموعة من المصادر في التفسير والحديث ([15]).
وإذا كان هذا الأمر من عند الله تعالى ولم ينطق رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا الشان الخطير إلّا من عند الله وبأمر من الله فلا بد أن يكون الله تعالى قد خص أهل بيت رسوله (صلى الله عليه وآله) بالعلم والفقه والعصمة ما ليس في غيرهم ليمكّنهم من أن ينهضوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأمر إمامة المسلمين في الدين والدنيا.
عصمة أهل البيت (عليهم السلام) ونفى الاجتهاد عنهم:
وعليه فإن الائمة من أهل البيت (عليهم السلام) ليس شانهم شأن سائر المجتهدين والفقهاء يخطئون حينا ويصيبون حينا وانّما عينهم رسول الله (صلى الله عليه وآله)من بعده مصدرا لتبليغ حديثه وسنّته ومرجعاً في الدين يبلغون احكام الله تعالى وسنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غير سهو او خطأ او شك او تردّد كما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يبلغ احكام هذا، الدين ولذلك فمن المسامحة في التعبير أن نقول عن فقههم «مذهب أهل البيت» كما يشيع التعبير عنه، وانما حديث أهل البيت (عليهم السلام) هو حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسنّته من دون زيادة ونقص.
آية التطهير:
وليس القول بعصمة الائمّة من أهل البيت (عليهم السلام) اسستنتاجا لجملة من الاحاديث النبوية فقط - وان كان على هذا المستوى ايضاً قولاً لا يعارض ولا يرقى إليه الشك ـ وانما نزلت في ذلك آية صريحة في محكم ذكر الله وقرآنه الكريم، وذلك قوله تعالى في سورة الأحزاب: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ([16]).
مفردات آية التطهير:
وسوف نستعرض الابحاث المتعلّقة بهذه الآية الكريمة من خلال مفرداتها واحدة بعد أخرى:
(إنّما):
الآية الكريمة مصدرة بكلمة «إنّما» وهي من اقوى أدوات الحصر في اللغة العربية وتفيد هذه الكلمة اثبات ما بعدها، ونفي ما عداه كما يقول «إنّما الفقيه عليّ» فيكون معناه اثبات الفقه لعليّ ونفيه عن غيره.
فيكون معنى الآية الكريمة اذن في ضوء هذا التحديد اثبات التطهير لأهل البيت بارادة الله تعالى ونفى ان يكون الله تعالى قد اراد تطهير غيرهم وقت نزول هذه الآية.
(يريد الله):
من المعروف ان ارادة الله تعالى تأتى على نحوين (تكوينية) و(تشريعية) والتكوينية هي التي لا يمكن ان يحول شيء بين ارادته تعالى وبين ما يريد، ولا يمكن ان يختلف مراده عن ارادته تعالى ولا يمكن ان يريد وجود شىء فلا يكون... يقول عزّ شانه: (إنّما امره إذا اراد شيئاً ان يقول له كن فيكون) ([17]).
والتشريعية هي التي تتخلل ارادة المكلف واختياره وبين ارادته تعالى وما يريده من أعمال المكلفين... وتتعلق هذه الإرادة دائما بالافعال التي شرعها الله تعالى للمكلفين، كما ان متعلق الإرادة التكوينية «الأُمور التكوينية».
وبعد هذا التفصيل والتقسيم للارادة فمن أي قسم من الإرادة هذه الإرادة التي نحن بصددها في الآية الكريمة (يريد الله) ؟
فهل يجوز ان يكون من «الإرادة التشريعية» ... ؟ لا شك انّه لو كانت الإرادة في الآية الكريمة من الإرادة التشريعية وكان معنى (يريد الله) ان الله تعالى يريد طهارة أهل البيت (عليهم السلام) وذهاب الرجس عنهم بارادتهم واختيارهم كما يريد ذلك لسائر الناس فلا تكون الآية الكريمة دالّة على عصمتهم، فليس كل ما يريد الله تعالى لعباده من طهارة، وعدل، وحق - في تشريعه - بكائن.
إلّا أنّ «الإرادة التشريعية» هذه لا تنسجم مع كلمة «إنّما» السابقة لها بما فيها من دلالة على الحصر، فليس من ريب ان ارادة التطهير بمعناها التشريعي لا يمكن ان تكون مقتصرة على أهل البيت خاصة، فان الله تعالى يريد هذا التطهير لكل عباده. يقول تعالى: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهرّكم وليتم نعمته عليكم لعلّكم تشكرون) ([18]).
ولا معنى لحصر ارادة التطهير بناء على ذلك في أهل البيت خاصة، ونفيها عمّن سواهم، بما ذكرنا - آنفا - للحصر من مدلول ايجابى وسلبى.
اذن فلا يمكن تفسير الإرادة في الآية الكريمة بالتشريعية ولم يبق إلّا ان يكون المقصود من الإرادة هنا «الإرادة التكوينية» خاصّة حتّى تستقيم دلالة «إنّما» على معناها وتنسجم مع ما بعدها.
استحالة تخلف المراد عن ارادته تعالى: وإذا صحّ ان المقصود من الإرادة في الآية الكريمة «الإرادة التكوينية» فلا يمكن ان يتخلف مراده عن ارادته تعالى فيستحيل ان يصدر عنهم رجس ،او تفارقهم الطهارة كما ذكرنا.
وهذا المعنى من الإرادة ينسجم مع الحصر الذي تفيده كلمة «إنّما» ويصح الايجاب، كما يصح السلب أيضاً. ولا يلزم من ذلك المحذور الذي ذكرناه فيما لو كانت الإرادة تشريعية ([19]).
فتجب الطهارة لأهل البيت (عليهم السلام)، ويمتنع عليهم الرجس بحكم هذه الآية الكريمة.
(ليذهب عنكم الرجس):
مادية ظاهرية كما في لحم الخنزيز... يقول تعالى: (او لحم خنزير فانّه رجس) ([20]). وقد تكون حالة نفسية كما في قوله تعالى: (واما الذين في قلوبهم
مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون) ([21]).
ويقول تعالى: (ومن يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كانما يصعّد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون)([22]).
فالآية الكريمة صريحة -اذن - في ان الله تعالى قد اذهب عنهم الرجس وواضح ان الذنوب والمعاصي من اوضح افراد الرجس. وقد اذهبها الله تعالى عن أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد علمنا ان اذهاب الرجس هذا قد تّم بمشسيئة الله التكوينية ولا يمكن أن يتخلف شيء عن ارادته سبحانه وتعالى: (إنّما امره إذا اراد شيئا ان يقول له كن فيكون) ([23]).
وعليه فلا يمكن ان يصدر عنهم (عليهم السلام) ذنب او معصية بحكم هذه الآية.
(أهل البيت):
من هم أهل البيت (عليهم السلام) ؟
1 ـ يبدو ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان حريصاً على تحديد وتشخيص عنوان «أهل البيت» الذي نزل فيه قرآن من الله تعالى، والمنع عن استعمال هذه الكلمة في غير أهله وادخال من ليس منهم فيهم.
فكان (صلى الله عليه وآله) يشخصهم باسمائهم كما في رواية عبدالله بن جعفر; فيقول (صلى الله عليه وآله): «ادعو لي ادعو لي، فتقول صفية: من؟ فيقول (صلى الله عليه وآله): أهل بيتى عليّا وفاطمة والحسن والحسين». ثم يؤكد (صلى الله عليه وآله) هذا الحصر والتشخيص بقوله «اللّهمّ هولاء إلى فصل على محمد وآل محمد» فينزل الله تعالى فيهم قرآنا محكما: (إنّما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)([24])، ولا يخفى ما في هذه الكلمة «اللّهمّ هؤلاء آلي» من الدلالة على حصر أهل البيت (عليهم السلام) فيهم ونفيه عن غيرهم لكل من عرف أساليب العرب في الكلام.
2 ـ وامعاناً في تشخيصهم وتحديدهم يحصرهم (صلى الله عليه وآله) تحت كساء، كما في رواية ام سلمة رحمها الله: «دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسناً وحسيناً وفاطمة فاجلسهم بين يديه، ودعا عليّا فأجلسه خلفه، فتجلّل هو وهم بالكساء ثمّ قال: هؤلاء أهل بيتى فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا»([25]).
3 ـ وقد روى جمع غفير من المحدثين والمفسرين ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يأذن لأمهات المؤمنين بالدخول تحت الكساء والانضمام إلى أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
ففى رواية أن أم المؤمنين عائشة قالت للنبى (صلى الله عليه وآله) أنا من أهلك، قال: تنحّى فانك إلى خير([26]).
وفي رواية أخرى أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) منع أم المؤمنين زينب من الدخول تحت الكساء والانضمام إلى أهل البيت وقال لها: مكانك فإنّك إلى خير ان شاء الله تعالى([27]).
وتتمنى أم المؤمنين أم سلمة ان تكون هي من أهل البيت فتقول لرسول الله (صلى الله عليه وآله): فانا معهم يا نبى الله؟ فيقول لها: انت على مكانك وانت على خير([28]).
وبعد هذه التصريح والتفصيل لا يبقى شك في أن آية التطهير المباركة لا تشمل امهات المؤمنين.
4 ـ ثم يصرح رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ذلك تصريحاً لا يترك لأحد شكّاً بعده، فيقول (صلى الله عليه وآله): «نزلت هذه الآية في خمسة فيّ وفي علىّ وحسن وحسين وفاطمة»([29]).
5 ـ وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتلو هذه الآية الكريمة كل يوم على باب بيت الزهراء (عليها السلام) والحسنين (عليهما السلام) بمرأى ومسمع من المسلمين.
عن أبي برزة قال: «صليت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) سبعة أشهر فاذا خرج من بيته اتى باب فاطمة فقال: الصلاة عليكم (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا) ([30]).
وهي خطة اعلامية عجيبة عمل بها رسول الله لإزالة الالتباس عن «أهل البيت» في الآية الكريمة وتحديده وحصره بشكل لا يدع مجالاً لأحد في التلبيس او الالتباس، وادخال من ليس منهم فيهم، واخراج من كان منهم عنهم.
ولو ان الأمر في الآية الكريمة كان لا يتجاوز تكريم أهل البيت (عليهم السلام)لعلاقتهم برسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يكن الأمر يقتضى مثل هذا الاهتمام والتأكيد والتركيز من رسول الله (صلى الله عليه وآله) باعلان أهل البيت بأسمائهم وحصرهم بهذه الأساليب المختلفة».
على محك الاختبار :
على انّ اية التطهير الكريمة وحدها كافية لتحديد أهل البيت (الّذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) فانها صريحة في اثبات العصمة لأهل البيت (عليهم السلام) .
فاذا فرضنا شمول الآية الكريمة لكل من ينتسب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أهل بيته وزوجاته وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس وغيرهم فانّنا نواجه سؤالين يطلبان الاجابة:
1 ـ من كان يدعى من هؤلاء الآل العصمة من كل رجس وذنب؟
2 ـ وإذا اتفق الادعاء من بعضهم، فهل يصدّق عمله دعواه أم لا؟ فنراجع تاريخه وحياته لنجد هل كان في دعواه صادقاً أم لا؟
وهذا التساؤل محك دقيق في تحديد وتشخيص المعنيّين بالتطهير والعصمة في الآية الكريمة.
فلم يكن في زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآل عقيل، وآل عباس، وآل جعفر وغيرهم ممّن ينتمون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بنسب أو سبب من يدّعى العصمة وأن الله قد اذهب عنه كل رجس وطهره تطهيرا.
ولا يبقى غير الخمسة الطاهرة: رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي والزهراء والحسن والحسين (عليهم السلام) وهم داخلون في آية التطهير بالتأكيد وباتفاق الروايات تقريباً، وينبطق عليهم الشرطان السابقان:
فهم يدعون لانفسهم العصمة كما سيمرّ علينا ذكر ذلك بينما لم يتفّق لاحد من غيرهم من زوجات رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسائر ذويه مثل هذا الادعاء.
وقد كانت دعوى العصمة معروفة منهم ومع ذلك لم يحص أحد مفارقة أو خلافاً في المراحل المختلفة من حياتهم، رغم أنهم كانوا يعيشون فيما بين الناس وكانت أعمالهم تحت الأضواء دائماً وبمرأى ومسمع من الناس.
ولو كانت تصدر عنهم مخالفة أو مفارقة في كلام أو عمل أو موقف لنقل الينا فيما نقل التاريخ من سلوكهم وكلماتهم.
فينحصر أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرجس في عصر نزول الآية الكريمة ـ اذن ـ في الخمسة الطاهرة.
نتيجة البحث في آية التطهير:
فيما يلي أهم النتائج التي نستفيدها من هذه الآية المباركة:
التنزيه من الكذب:
وأهم هذه النتائج أنهم صادقون لا يجوز التشكيك في صدقهم. فإذا صحّ عن هؤلاء الخمسة من أهل البيت (عليهم السلام) قول أو رواية فلا يجوز أن نشك في صدق كلامهم أو روايتهم فان تكذيبهم في قول أو رواية تكذيب لآية محكمة من كتاب الله نزلت في تنزيههم من كل رجس وتطهيرهم من كلّ ذنب وريب.
ومن هذا المنطلق الواضح القوي ننطلق في استعراض مكانة أهل البيت (عليهم السلام)ومراتبهم التي رتّبهم الله تعالى فيها وأشخاصهم الّذين اجتباهم الله تعالى في كلّ عصر أئمّة لعباده وهداة إلى دينه.
وفيما يأتي نستعرض هذه النقاط بإيجاز:
1 ـ خلافة أمير المؤمنين وإمامته بعد الرسول (صلى الله عليه وآله).
وهو أمر لا يشك فيه من استعرض طرفاً من سيرة أبي الحسن عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فقد كان يرى أنّه هو صاحب الحق في إمامة الأُمّة وخلافة رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته، وقد علم الكل برأي الإمام (عليه السلام) في حقّه في الأمر، والإطالة فيه إطالة في الواضحات.
وإنّما لم يسلك (عليه السلام) مسلك المعارضة في حياته مع الخلفاء الّذين تولّوا الأمر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) واحدا بعد آخر، ودافع عنهم، ونصح لهم وبذل أقصى ما يمكن من جهد في نصيحتهم والدفاع عنهم وحفظ شؤونهم... ايماناً منه (عليه السلام) بأن مصلحة الاسلام الكبرى في وحدة صف المسلمين، ووحدة موقفهم وكلمتهم فوق أي اعتبار آخر. ولا يجوز التفريط في هذا الأمر لاحد من المسلمين.
ولذلك كله زجر أبا سفيان عندما عرض عليه أن يبايعه يوم السقيفة، ويملأ الدار خيلاً ورجلاً وردّ العباس عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما عرض عليه البيعة.
2 ـ استمرار الامامة في أهل البيت بعد على (عليه السلام).
وهذا المعنى وارد بصراحة في حديث الثقلين ـ الذي نقله متواتراً وصحّح كثيراً من أسانيده أئمّة الحديث من الفريقين ـ:
«إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والارض وعترتى أهل بيتى وانهما لن يفترقا حتّى يردا علَيّ الحوض»([31]).
وهذا الحديث صريح في استمرار أهل البيت الّذين جعلهم الله ائمة على خلقه وادلة على صراطه إلى يوم القيامة «حتّى يردا عليّ الحوض» باستمرار الثقل الأول وهو القرآن الكريم.
يقول ابن حجر الهيثمى:
وفي احاديث الحث على التمسك باهل البيت اشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة كما ان الكتاب العزيز كذلك ولهذا كانوا اماناً لأهل الأرض كما يأتى ويشهد لذلك الخبر السابق: في كل خلف من أُمتي عدول من أهل بيتى([32]).
وقد ورد تسلسل أسماء أهل البيت الذين جعلهم الله تعالى أئمة للناس واحداً بعد الاخر وعصمهم الله من كل رجس وذنب وريب في أحاديث أهل البيت أنفسهم اجمالاً وتفصيلاً وتلميحاً وتصريحاً. وكثير من هذه الروايات وردت بطرق صحيحة.
ويكفينا ونحن نعرف خمسة منهم شملتهم آية التطهير في عصر نزولها أن نتعرف إلى أسماء غيرهم ممن يخلفونهم في الامامة والعصمة عن طريقهم، ثمّ نعرف من يليهم من بعدهم في الامامة والعصمة بواسطتهم وهكذا بالتسلسل.
حجية أحاديث أهل البيت (عليهم السلام):
وهذه هي أهم المسائل التي يواجهها الانسان المسلم في الجانب العقائدى وفي الجانب التشريعى أيضاً ومن استعراض هذه النتيجة نعرف لماذا يقتصر علماء الشيعة الامامية في معرفة أحكام الله تعالى على مذهب أهل البيت (عليهم السلام)ولا يأخذون بمذهب الجمهور في الاعتماد على اجتهاد الأئمة.
مذهب أهل البيت (عليهم السلام):
وفيما يلى اذكر طائفة من النقاط التي تدخل في تكوين الإطار العام لمذهب أهل البيت (عليهم السلام) وإليك هذه النقاط:
أ ـ عصمة أهل البيت وتنزيههم عن الكذب:
وقد نص القرآن بعصمتهم في آية محكمة من سورة الاحزاب، ونفى عنهم كل رجس وسوء وفحش.
وادنى مراتب العصمة العصمة من الكذب ولا يجوز لمسلم ان يشك في صدق حديتهم وروايتهم وقد اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم وتطهيرا والكذب من أفحش الرجس الذي برأهم الله تعالى منه .
والى حد ما يتطابق الفريقان السنة والشيعة في هذه الحقيقة فلم أصادف في ما قرأت من كتب الجرح والتعديل والرجال من كتن أئمة السنّة من لا ينزه ساحة الائمه الاثني عشر (عليهم السلام) من كل رجس وكذب وريب.
ب ـ أهل البيت يروون حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) :
وليس شأنهم (عليهم السلام) شأن سائر المجتهدين وائمة المذاهب الاسلامية في الاعتماد على الرأى والاجتهاد في دين الله ولا يصح تسميتهم بالمجتهدين واصحاب الرأى والمجتهد قد يصيب وقد يخطئ والحالات التي يخطئ فيها لا تقل عن الحالات التي يصيب فيها حكم الله تعالى.
وأهل البيت (عليهم السلام) لا يدخلون قطعاً في عداد هؤلاء المجتهدين واصحاب الاراء، ولا مذهب لهم في الرأى والاجتهاد وانما هم ينقلون حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)ويحملون الينا ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويستندون في ذلك إلى سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)التي انتهي علمها اليهم ويروونها عنه سواء رووها كما يروي عامة المحدثين الحديث مسلسلاً إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) أم أرسلوها إرسالا، وهم (عليهم السلام)قد بينوا هذا المعنى في اكثر من موضع.
1 ـ روى ثقة الاسلام الكلينى عن على بن محمد عن سهل بن زياد عن احمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن هشام بن سالم وحماد بن عثمان وغيره قالوا: سمعنا ابا عبدالله الصادق (عليه السلام) يقول: «حديثى حديث أبي، وحديث أبي حديث جدى، وحديث جدى حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المومنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) قول الله عز وجل»([33]).
2 ـ قال في بصائر الدرجات: حدثنا عبدالله بن عامر عن عبدالله بن محمّد الحجال عن داود بن أبي يزيد الاحول عن أبي عبدالله (الصادق (عليه السلام)) قال: سمعته يقول: إنا لو كنا نفتي الناس برأينا وهوانا لكنا من الهالكين ولكنها آثار من رسول الله (صلى الله عليه وآله) اصل علم نتوارثها كابراً عن كابر نكنزها كما يكنز الناس ذهبهم وفضتهم»([34]).
3 ـ وروى ثقة الاسلام الكلينى في الكافى قال سأل رجل ابا عبدالله الصادق(عليه السلام) عن مسألة فأجابه فيها فقال الرجل: ارايت ان كان كذا وكذا ما يكون القول فيها؟ فقال له: مه. ما اجبتك فيه من شيء فهو عن رسول الله لسنا من أرأيت في شيء([35]).
4 ـ وروى الصفار في بصائر الدرجات عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) انه قال: لو انا حدثنا برأينا ضللنا كما ضل من كان قبلنا ولكنّا حدّثنا ببيّنة من ربّنا بيّنها لنبيّه فبيّنها لنا([36]).
5 ـ وروى ايضاً عن الامام الصادق (عليه السلام) انه قال بينة من ربنا بيّنها لنبيه (صلى الله عليه وآله)فبيّنها لنا فلولا ذلك كنّا كهؤلاء الناس([37]).
ج ـ النص قبل الاجتهاد:
وانطلاقاً مما تقدم فان احاديث أهل البيت (عليهم السلام) واقوالهم ليست من الرأى والاجتهاد في شىء وانما هي سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وآثاره أودعها عند أهل بيته وتوارثوها (عليهم السلام) عنه (صلى الله عليه وآله) ونقلوها الينا في الاصول والاحكام وسجلها عنهم الثقات من المحدثين.
فاذا آمنا - بموجب آية التطهير - بانهم مطهرون من كل كذب وريب، وصادقون فيما يقولون ويروون فلا يجوز العدول عن احاديثهم إلى الاجتهاد والرأى وان كان اجتهادا ورأياً في حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) فان من غير الجائز ممارسة الاجتهاد والاخذ بالرأى مع وجود النص الصريح.
ويترتب على ذلك انه لا يمكن اعتبار اتجاه أهل البيت (عليهم السلام) في الاصول والاحكام الاسلامية مذهباً في عداد المذاهب الاسلامية الاخرى في الاصول والفروع فإنّ المعنى الاصطلاحى للمذهب: الاتجاه القائم على الراى والاجتهاد الخاص في فهم الاسلام اصولا واحكاما، وإذا كان أهل البيت ينفون عن انفسهم واتجاهم أي رأى أو اجتهاد شخصى، وإنّما ينقلون الينا بأمانة وصدق سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديثه فاتجاهم لا يعتبر مذهباً في الاسلام، بالمعنى المصطلح المعروف من المذهب.
كيف استقى أهل البيت (عليهم السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
وهو سؤال لا شك يختلج في نفس الانسان وهو يواجه هذا التراث الضخم الذي ورثه أهل البيت (عليهم السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الاصول والاحكام وفي الكليات والجزئيات والتفريعات الدقيقة للاحكام وفي التفسير والاخلاق والتاريخ.
والجواب: اننا بعد ما عرفنا في آية محكمة في كتاب الله انهم صادقون لا يقولون كذبا ولا يدعون باطلا فإنّنا غير مسؤولين بعد ذلك أن نعرف كيف تلقوا العلم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي أي فرصة طويلة كان عليّ (عليه السلام) يخلو إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليأخذ منه العلم ليتسلسل هذا العلم بعد ذلك في أبنائه اماماً بعد امام.
فاذا ذكروا بأنهم قد ورثوا علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسُنّته في الاصول والفروع وان لديهم من علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديثه وسنته ما ليس عند غيرهم فهم مصدقون في كلامهم ودعواهم ونعلم أنهم لا يدعون جزافاً وباطلاً فنأخذ عنهم العلم والحديث والفقه في الحلال والحرام وفي الاصول والاحكام وفي حدود الله تعالى وشريعته ونتعبّد بأحاديثهم ورواياتهم على أنها أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)ورواياته صحّت عنه بطريق صادق سليم لا يرقى إليه الشك.
الإيضاح والتفصيل:
واليك ايضاح وتفصيل هذه الحقيقة ضمن مجموعة من النقاط:
أ ـ يقول الامام على (عليه السلام): وقد كنت أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة فيخلينى فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيرى فربما كان في بيتى يأتينى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلانى وأقام عنى نساءه فلا يبقى عنده غيرى وإذا أتانى للخلوة معى في منزلى لم تقم عنى فاطمة ولا أحد من بنىّ وكنت إذا سألته أجابنى وإذا سكت عنه وفنيت مسائلى ابتدأنى فما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) آية من القرآن الا أقرأنيها وأملاها علىّ، فكتبتها بخطّى ودعا الله ان يعطينى فهما وحفظا فما نسيت آية من كتاب الله ولا علما أملاه على وكتبته منذ دعا لي بما دعا وما ترك شيئا علمه الله من حلال وحرام ولا امر ولا نهي كان او يكون ولا كتاب منزل على احد قبله من طاعة او معصية الا علمنيه وحفظته فلم أنس حرفاً واحداً ثم وضع يده على صدرى، ودعا الله لي ان يملأ قلبى علماً وفهماً وحكماً ونوراً وفقلت يا نبيّ الله بأبى انت وامّى منذ دعوت الله لم أنس شيئاً ولم يفتني شيء لم أكتبه أفتتخوّف علَيّ النسيان فيما بعد؟ فقال: لا لست أتخوف عليك باب ألف باب([38]). وروى عن على (عليه السلام) أنّه قيل له: ما لك أكثر أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) حديثاً([39])؟ قال: إني كنت إذا سألته أنبأنى وإذا سكت ابتدأني([40]).
وعن على (عليه السلام): «كانت لي منزلة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم تكن لاحد من الخلائق، فكنت آتيه كل سحر فأقول: السلام عليك يا نبى الله فان تنحنح انصرفت إلى اهلي والا دخلت عليه»([41]).
وعنه (عليه السلام): «كان لي على رسول الله (صلى الله عليه وآله) مدخلان مدخل بالليل ومدخل بالنهار فكنت إذا دخلت بالليل تنحنح لي»([42]).
وعن انس بن مالك قال: ما رأيت أحدا بمنزلة علي بن أبي طالب (عليه السلام) ان كان يبعث إليه في جوف الليل فيستخلى به حتّى يصبح هكذا عنده إلى أن فارق الدنيا([43]).
ب ـ الكتاب الذي املاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عليّ (عليه السلام) في الاحكام واسم هذا الكتاب «الجامعة» وقد أملاه رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مجالسه الخاصة على عليّ (عليه السلام) وخطه عليّ (عليه السلام) بيمناه وهو كتاب يشمل كل ما يتعلق بالحلال والحرام وحدود الله تعالى بل في بعض الروايات على القرآن والانجيل والزبور وقد ورد انه كان بمقدار سبعين ذراعاً وكان الأئمّة من أهل البيت يحفظونه ويكنزونه جيلاً بعد جيل كما يكنز الناس ذهبهم وفضتهم أو أشد حفطاً وكانوا يرجعون إليه كلما احوجهم الأمر إليه.
(147)
1 ـ روى في بصائر الدرجات عن على بن الحسن بن الحسين السحانى عن محول بن ابراهيم عن أبي مريم قال: قال لي أبو جعفر (الباقر): «عندنا الجامعة وهي سبعون ذارعاً فيها كل شيء حتّى ارش الخدش، املاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط عليّ (عليه السلام)» ([44]).
2 ـ وفي بصائر الدرجات: عن محمد بن الحسين عن جعفر بن بشير عن الحسين عن أبي مخلد عن عبدالملك قال: دعا أبو جعفر «الباقر» بكتاب عليّ فجاء به جعفر الصادق مثل فخذ الرجل مطوياً فاذا فيه «ان النساء ليس لهن من عقار الرجل إذا هو توفى عنها شيء» فقال أبو جعفر: هذا والله املاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)وخطّه علّى بيده([45]).
3 ـ وعن أبي بصير عن أبي عبدالله الصادق (عليه السلام) قال: يا ابا محمد وان عندنا الجامعة وما يدريهم ما الجامعة قال: قلت: جعلت فداك وما الجامعة؟ قال: صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله واملائه من فلق فيه وخط على بيمينه، فيها كل حلال وحرام وكل شىء يحتاج الناس إليه حتّى الارش في الخدش([46]).
4 ـ وعن بكر بن كرب الصيرفى قال سمعت ابا عبدالله «الصادق» (عليه السلام)يقول: ان عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس وإن الناس ليحتاجون الينا وانّ عندنا كتاباً املاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علىّ (عليه السلام) صحيفة فيها كل حلال وحرام.
5 ـ وعن فضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام) يا فضيل عندنا كتاب على سبعون ذراعاً ما على الأرض شىء يحتاج إليه إلّا وهو فيه حتّى ارش الخدش([47]).
ج ـ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يتوارثون كتاب الجامعة:
وقد كان أهل البيت (عليهم السلام) يتوارثون كتاب الجامعة جيلاً بعد جيل وواحداً بعد آخر ويروون عنه سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديثه.
1 ـ في بصائر الدرجات حدّثنا الحسن بن على عن احمد بن هلال عن امية بن على عن حماد بن عيسى عن ابراهيم بن عمر اليمانى عن أبي الطفيل، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المومنين على (عليه السلام): اكتب ما املى عليك قال على (عليه السلام):يا نبى الله وتخاف النسيان؟ قال: لست أخاف عليك النسيان وقد دعوت الله ان يحفظك فلا ينسيك لكن اكتب لشركائك قال: قلت: ومن شركائى يا نبيّ الله؟ قال: الائمة من ولدك»([48]).
2 ـ وروى في بصائر الدرجات عن أبي القاسم، عن محمد بن يحيى العطار، قال حدّثنا محمد بن الحسن الصفار، قال حدّثنا محمد بن الحسين، عن صفوان، عن معلّى بن أبي عثمان، عن المعلّى بن خنيس عن أبي عبدالله «الصادق» (عليه السلام) قال: «ان الكتب كانت عند على (عليه السلام) فلما سار إلى العراق استودع الكتب ام سلمة فلما مضى على (عليه السلام) كانت عند الحسن (عليه السلام) فلما مضى الحسن (عليه السلام) كانت عند الحسين (عليه السلام) فلما مضى الحسين (عليه السلام) كانت عند على بن الحسين (عليه السلام) ثم كانت عند أبي»([49]).
د ـ وقد رأى هذا الكتاب بعض أصحاب أهل البيت (عليهم السلام) في موارد عديدة:
1 ـ عن معتب قال أخرج الينا أبو عبدالله (عليه السلام) صحيفة عتيقة من صحف عليّ فإذا فيها ما نقول إذا جلسنا
لنتشهد([50]).
2 ـ وعن أبي بصير عن أبي جعفر (الباقر) (عليه السلام) قال: كنت عنده فدعا بالجامعة فنظر فيها أبو جعفر (عليه السلام) فاذا فيها: المرأة تموت وتترك زوجها ليس لها وارث غيره قال: فله المال كله([51]).
3 ـ وعن عبدالملك بن اعين قال: دعا أبو جعفر (عليه السلام) بكتاب على (عليه السلام) فجاء به جعفر (عليه السلام) مثل فخذ الرجل مطويا فاذا فيه: ان النساء ليس لهن من عقار الرجل، إذا هو توفى عنها شيء... فقال أبو جعفر هذا والله خط علّى (عليه السلام) بيده واملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ([52]).
هـ ـ اسناد الشيعة إلى أهل البيت (عليهم السلام) :
وإذا علمنا ان حديث أهل البيت (عليهم السلام) من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلمهم من ميراث رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا مساغ لاحد في الاجتهاد مع وجودهم او مع وجود احاديث لهم في الاصول والاحكام... اقول:
إذا علمنا ذلك فثمة سؤال واحد نطرحه على الفقهاء والمحدثين من أهل السنّة وهو انهم لم لم يعتمدوا أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ؟
وقد يجاب على ذلك بأن أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لم ترو- في الغالب - إلّا عن طريق الشيعة وأسانيدهم، وأهل السنّة لا يعرفون هذه الطرق.
فنقول إن علماء الحديث من أهل السنة لا يشترطون في صحة الرواية غير الوثوق إلى صدق الراوى وحفظه فاذا وثقوا بصدق الراوى وضبطه، وسلامة الطريق من حيث الأمانة والصدق، لم يتردّدوا في التمسك بالرواية وان كان الراوي على غير عقيدة أهل السنّة ومذهبهم.
وقد ورد كثير من رجال الشيعة في أسانيد الصحاح الستّة وطرقهم، وأخذ كبار المحدثين من السنّة من امثال البخاري ومسلم واحمد والنسائى وابن ماجة وغيرهم عن مشايخ الشيعة، مع علمهم بأنهم من الشيعة وانهم يختلفون معهم في المذاهب ومع ذلك فلم يمنعهم ذلك من الاخذ برواياتهم والاعتماد عليها.
وقد ذكر الامام شرف الدين (رحمه الله) مائة من رجال الشيعة في اسانيد السنّة وطرقهم على سبيل المثال والاستشهاد لا الاستقصاء ([53]).
فهذا أبان بن تغلب الكوفى احتج به مسلم وأصحاب السنن الأربعة وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجة ووثّقه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم، وكان شيعياً معروفاً . .
يقول الذهبي في «الميزان» في ترجمته: «ابان بن تغلب الكوفي: شيعي جلد لكنه صدوق، فلنا صدقه وعليه بدعته».
واسماعيل بن زكريا الأسدى الخلقانى روى عنه البخارى ومسلم وترجم له الذهبى فقال: «صدوق شيعى» وعدهّ ممن احتج به أصحاب الصحاح الستّة.
وحبيب بن أبي ثابت الكاهلى الكوفى التابعى عدّه من رجال الشيعة كل من ابن قتيبة في «المعارف» والشهرستانى في «الملل والنحل» واحتج به في الصحاح الستّة جميعاً بلا تردد.
والحسن بن حى واسم حى «صالح» كان من أعلام الشيعة ذكره ابن سعد في «الطبقات» فقال: «كان ثقة صحيح الحديث كثيره وكان متشيّعاً، واحتج به مسلم وأصحاب السنن».
وقد روى مسلم في الصحيح عن كل من سماك بن حرب واسماعيل السدى وعاصم الاحول وهارون بن سعد.
ولو ان أهل السنّة ألغوا روايات الشيعة وردّوها رأساً لذهبت جملة من الآثار النبوية كما يعترف بذلك الذهبى في «الميزان» في ترجمة أبان بن تغلب.
وهذا عبدالرزاق بن همام بن نافع الحميرى الصنعانى منسوب إلى التشيع، ومع ذلك فقد وثّقه الائمة كلهم إلّا أبا عباس بن عبدالعظيم فتكلّم بكلام وأفرط فيه ولم يوافقه عليه أحد وقال عنه ابن عدى رحل إليه ثقات المسلمين وكتبوا عنه الا انهم نسبوه إلى التشيع وهو أعظم ما ذموه به وأما الصدق فأرجو انه لا بأس به واحتج به الشيخان والبخارى ومسلم ([54]).
فلا يشترط في صحة الرواية ـ اذن ـ أكثر من الوثوق بالراوي وصدقه، وأمانته وضبطه فاذا تأكدوا من ذلك فان أصحاب السنن والصحاح والأصول لم يترددوا في الأخذ بروايته وروايتها والعمل بها.
فلا مبرر اذن للتردد في التمسك بروايات أهل البيت (عليهم السلام) في الحلال والحرام وفي الاصول والعقائد بحجة أن روايات أهل البيت (عليهم السلام) وردت في الغالب عن طرق شيعية لا يعرفها أهل السنّة.
ولا نشك في أن هناك في أسانيد وطرق روايات أهل البيت طرقاً ضعيفة لا يمكن الاعتماد عليها.
غير أن الاساس السليم في مثل هذا الموقف أن ينتقي الفقيه السنّي منها ما تجتمع فيه شروط الرواية الصحيحة من حيث السند والمتن ويترك غيره كما يعمل علماء الشيعة ما دام أن الرواية عن الشيعة ليست بأمر محظور وما دام أن كلمات أهل البيت (عليهم السلام) واحاديثهم لا تزيد ان تكون روايات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)... فلا يبقى الا التحرى في اسانيد هذه الروايات وطرقها والتاكد منها، وانتقاء الصحيح منها، كما يفعل اخوتنا السنّة بالاحاديث النبوية الواردة عن طرقهم وكما يفعل الشيعة بالروايات الواردة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) واهل بيته (عليهم السلام) عن طرقهم بالذات.
والحمد للّه رب العالمين.
الهامش:
([1]). بحث مستل من كتاب آية التطهير لكاتب هذه السطور بتصرف وإضافات وتنقيح.
([2]). سورة النساء : 105.
([3]). سلم الوصول: 95.
([4]). أُصول الكافي 1: 62.
([5]). فتح الباري للعسقلاني 1 : 208.
([6]).فقد كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) غير معنيين بضبط الحديث وتدوينه بالشكل الذى يحفظ حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الضياع ولم يتم تدوين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) الا في وقت متأخّر جداً، أي: في عصر عمر بن عبد العزيز، كما أن مشكلة الوضع والوضاعين كان لها دور كبير في صعوبة الوصول إلى الحديث النبوى يقول أمير المومنين على ابن أبي طالب (عليه السلام): وليس كل أصحاب رسول الله كان يسأله - أي الرسول- عن الشيء فيفهم وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه حتّى انهم كانوا ليحبون أن يجيء الاعرابى والطارئ فيسأل رسول الله حتّى يسمعوا. أُصول الكافى 1:62.
([7]). صحيح المسلم 7 : 122.
([8]). سنن الترمذى 5 : 620 طبع دار الفكر.
([9]). سنن الدارمى 2 : 432.
([10]). مسند احمد بن حنبل 3 : 14.
([11]). خصائص النسائي: 30.
([12]). مستدرك الحاكم 3 : 109، 148، 533.
([13]). نهج البلاغة الخطبة : 192.
([14]). المائدة: 67.
([15]). الدر المنثور في التفسير بالماثور 2 : 98 وفتح القدير 2 : 57 وكشف الغمة : 94 والعمدة لابن بطريق: 99.
([16]). سورة الاحزاب : 33.
([17]). سورة يس: 82.
([18]). سورة المائدة: 6.
([19]). المفردات للراغب : 188.
([20]). سورة الأنعام : 145.
([21]). سورة التوبة : 125.
([22]). سورة الأنعام : 125، ويراجع الميزان للعلامة الطباطبائى 16 : 309 وما بعدها.
([23]). سورة يس : 82.
([24]). مستدرك الحاكم على الصحيحين 3 : 147.
([25]). برواية الطبرى وابن كثير في تفسيريهما، والترمذى في صحيحه والطحاوى في مشكل الآثار.
([26]). شواهد التنزيل 2 : 37. كفاية الطالب 323.
([27]). فرائد السمطين 2 : 19 وشواهد التنزيل 2 : 32.
([28]). وممن روى ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم ياذن لأم سلمة بالدخول تحت الكساء (على ما حققه ووثقه السيد جعفر مرتضى العاملى في بحثه القيم عن آية التطهير) هم المحدثون والمفسرون وارباب السير التالية أسماؤهم:
الدر المنثور 5 : (198) عن الطبرانى، وابن مردويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب، وفتح القدير 4 : (279) وجامع البيان 22 : (6و7) وجوامع الجامع : (372) والفصول المهمة للمالكى : (8) وتأويل الايات الظاهرة 2 : (457، 458، 459)، وكفاية الطالب : (112، 372)، واسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الابصار) : (106)، وتفسير فرات : (332، 340)، ومجمع البيان 8 : (356، 357) وأُسد الغابة 3 : (413) و2 : (12) و4 : (29) والجامع الصحيح 5 : (351، 663، 699)، ومشكل الآثار 1 : (331) و336) ونور الثقلين 4 : (270، 277)، والبرهان (تفسير) 3 : (309، 325)، ذخائر العقبى : (21 و22) وشواهد التنزيل 2 : (23، 24، 31، 55 - 58، 62، 64، 65، 67، 71، 73، 79 ـ 90)، والعمدة لابن بطريق : (33، 39)، والطرائف : (124 - 126)، والبحار 35 : (207، 220، 226، 209، 213، 214، 219)، وتاريخ بغداد 9 : (126 - 127)، و10 : (278) وحبيب السير 1 : (304)، 2 : (11)، وينابيع المودة : (107، 228، 230، 294)، ومستدرك الحاكم 2 : (416)، وتفسير القرآن العظيم 3 : (483، 484، 485)، والمواهب اللدنّية 2 : (122)، واسباب النزول : (203)، والتفسير الحديث 8 : (261، 262)، ونزل الابرار : (103، 104) ومختصر تاريخ دمشق 7 : (13)، وتهذيب تاريخ دمشق 4 : (207)، ومناقب الامام على لابن المغازلى : (303، 305) والصواعق المحرقة : (141، 227) ولباب التأويل للخازن 3 : (466)، ومسند أحمد 6 : (292، 304)، والسنن الكبرى 2 : (150)، والكافى 1 : (287)، ونظم درر السمطين : (133، 238، 239)، وفرائد السمطين 1 : (316)، وترجمة الامام الحسين من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) 1 : (62، 64، 66، 67، 71، 73،)، وترجمة الامام الحسن من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) : (66، 68، 70)، وسليم بن قيس : (53، 150) ونفحات اللاهوت : (84) وتفسير القمي 2 : (193) ومرقاة الوصول : (106)، والسيرة النبوية لدحلان 2 : (300)، واحقاق الحق 2 : (568).
([29]). رواها الطبري في التفسير، والمحب الطبري في ذخائر العقبى، عن أبي سعيد رحمه الله، ورواها ابن كثير في التفسير 3 : 458.
([30]). مجمع الزوائد: 9 : 206.
([31]). رسالة حديث الثقلين : اصدار دار التقريب في مصر.
([32]). الصواعق المحرقة : 149.
([33]). أُصول الكافى 1 : 53.
([34]). بصائر الدرجات : 319.
([35]). أُصول الكافى 1 : 58 ط طهران 1375.
([36]). بصائر الدرجات : 299.
([37]). بصائر الدرجات : 301.
([38]). أُصول الكافى 1 : 62، ط مكتبة الصدوق بطهران.
([39]). بحار الانوار 40 : 144.
([40]). تاريخ الخلفاء للسيوطى : 170.
([41]). سنن النسائي 1 : 178.
([42]). سنن ابن ماجة : ح 3708.
([43]). المناقب لابن شهرآشوب 2 : 257.
([44]). بصائر الدرجات : 180 ط الاعلمي بطهران.
([45]). بصائر الدرجات : 5 باختلاف يسير.
([46]). الكافي للكليني 1 : 239.
([47]). بصائر الدرجات : 147.
([48]). بصائر الدرجات : 187.
([49]). بصائر الدرجات : 182.
([50]). بصائر الدرجات : 145.
([51]). بصائر الدرجات : 145.
([52]). وسائل الشيعة 26 : 212.
([53]). المراجعات : 70 - 163.
([54]). فتح البارى المقدمة : 418.