مراتب معارضيّ الحكم النبوي
مراتب معارضيّ الحكم النبوي
فاطمة سادات علوي على آبادي[1]
بسم الله الرحمن الرحيم
الملخّص:عند المطالعة والتعمّق في آيات القرآن الكريم نستنتج أن الله تعالي ومنذ بداية خلقته للكون جعل باب النقد والعقلانية مفتوحاً على مصراعيه للجميع حتي يطرحوا آراءهم واعتقاداتهم المختلفة وبالتالي وعند طرح وعرض الشبهات تحصل الشفافية والبلورة. لقد تابعت الرسالة النبوية صلي الله عليه وآله وسلم السير في هذا الطريق وسمحت بطرح الآراء المختلفة في المجتمع الاسلامي، وأكبر دليل على هذا مجادلة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم لمخالفيه بالتي هي أحسن. في هذا الصدد نستطيع أن نقسّم المعارضين في العصر النبوي الى قسمين أساسيين : الفرقة الأولي : أصحاب النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم والذين تنتمي أصولهم الفكرية الى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . والفرقة الثانية : مخالفو وناقدو الحكم النبوي. إذن، موضوع هذه المقالة الأساسي يبحث حول مراتب المعارضين في المجتمع الإسلامي من وجهة نظر القرآن الكريم وسيرة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم. وهذه الدراسة التي بين أيديكم تعتمد على القرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة صلي الله عليه وآله وسلم. فهذان المصدران يعتبران من أعمق وأوثق المصادر التي اتفقت وتتفق عليها الفرق الاسلامية على الرغم من كل الاختلافات الموجودة بينها.
الكلمات الأساسية: القرآن الكريم، رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، مخالفون، نقد، حلف، تكفير، حرب، مقاتلون.
التمهيد:
عبارة « دگر انديشي » مركبة من كلمتين : « دگر » و« انديش » .
المعني اللغوي للكلمة « دگر» : شخص او شئ آخر، غير، اكثر من واحد[2]. اما المعني اللغوي لـِ «انديش » : متأمل، متفكر[3] ومعني ذلك كله معارضون في الفكر : الأشخاص الذين يعارضون حاكم عصرهم ولهم أفكار واعتقادات مناقضة له.[4]
في هذا المقال استخدمت الكاتبة عبارة معارضين وتعني : من له افكار مناقضة لغيره وهذا لايعني بالضرورة أن هذا الشخص يريد فرض أفكاره على الآخرين أو حتي انه يبيت الحرب أو أنه يهدف الى قلب النظام وتغييره . بل أحيانا يكون القصد من كلمة معارضين : أنهم يخالفون الحاكم او الرئيس في طريقته في متابعة قضايا مختلفة : سياسية اقتصادية، اجتماعية وثقافية. إذن الشخص المعارض له كامل الحقّ أن يعبّر عن انتقاده ومعارضته لحاكم عصره بقلمه أو لسانه وعلي مختلف الصُعد { السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، والثقافية} . فحقّ النقد يعتبر من حرية التعبير وهو حق لكل فرد من أفراد المجتمع. نعم، لقد نصّ وأكد القانون الاساسي للجمهورية الاسلامية الايرانية على حقّ حرية التعبير واعتبره من مظاهر الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.[5] فالإمام الخميني مؤسّس الجمهورية الاسلامية في ايران ذكر ان النقد يعتبر من الحقوق الطبيعية للاشخاص الذين يعيشون في ظل لواء الدولة الاسلامية وقال الامام {ره} : « يحق لكل فرد من افراد الشعب ان ينتقد حاكم عصره ويجعله عرضة للمسألة وعلي الحاكم بدوره أن يقدّم جواباً مقنعاً في المقابل والاّ فعليه أن تخلّي ويستقيل من منصبه إذا ثبت أنه قد اخلّ بواجبه ولم يقم بمسؤلياته كما يجب وكما طلب منه شرع الاسلام».[6]
و هكذا فالنقد يعتبر من أهم القنوات الإخبارية للحاكم وكلما توسّعت هذه القناة، توسّع الاتصال بين الحاكم والرعية. وبالتالي فإن الحدّ من حرية النقد يعتبر نقضاً لحقوق البشر وخلافاً لتعاليم دين الاسلام السمحة، كما أنه يعود بالضرر على الحاكم. في فصل نقد الحاكم بإستطاعتنا القول أنه كلما توسع مفهوم ثقافة النقد في المجتمع وكانت أفكار وعقائد عامّة الناس تتقبّل هذا، كلّما أصبح بإمكاننا توجيه النقد للحكومة. جدير بالذكر ،أن الحكومة لا تستطيع أن تعين حدود النقد وتجعله في إطار وقالب معين. فطبيعة كل حكم ان يحدّ من الانتقادات الموجّهة اليه ويقابلها باعذار مختلفة. إذن، من يقدر على جعل النقد في إطار محدد، هم عامّة الشعب لا غيرهم. نستنتج من هذا الكلام انه يجوز انتقاد الحاكم اذا كان موضعاً للانتقاد لا غير.[7] ومن ناحية أخري قد تصبح هذه القضية أكثر حساسية وخطورة اذا تعرّضت الحكومة الدينية الى مخاوف تهددها . فعندئذ من المحتمل أن تتبدّل هذه الحكومة الى حكومة استبدادية باسم الدين. وهذا يوضح اهمّية النقد خصوصاً نقد الحكومة الدينية.[8]
1ـ توضيح: بعد التأمّل في آيات القرآن الكريم نصل الى نتيجة ألا وهي أن الله تعالي بصفته الحَكم النهائي لكل اعمال البشر قد فتح باب العقلانية والنقد على مصراعيه أمام جميع الناس وذلك لتزول الشبهات وتصبح الأمور أكثر شفافية بين الناس. وهنا ننقل اليكم نماذج تثبت صحة هذا الكلام.
عندما خلق الله سبحانه وتعالى آدم، عرض خلقته على الملائكة ،و الملائكة بدورها قامت بتقييم وانتقاد هذا المخلوق ـ البشر ـ وأرادت أن تعرف كيف ينال هذا المخلوق الذي يميل الى العنف وسفك الدماء، مقام خليفة الله؟ إذن الله سبحانه وتعالى أذن للملائكة ان تعترض ولم يوبخها على توجيه الانتقاد اليه، بل ردّ عليها بجواب حاسم يستند الى أدلّة قطعية وبذلك أراد أن تزول الشبهات عن خواطر الملائكة، وجعلها في مقام الشاهد على خلقة آدم عليه السلام.[9]
كما تعدّ قصة سليمان عليه السلام والنمل نموذجاً آخر حول اثبات هذه القضية، فلقد انتقدت النملة النبيّ سليمان عليه السلام وجيشه الجرار ونعتتهم بالمحطّمين. وهذه القصة دليل على تأكيد القرآن الكريم على مرتبة النقد والانتقاد في المجتمع وأشارت الى تقبّل النقد والردّ عليه خصوصاً من قِبَل أصحاب السلطة.[10] كما نشير الى قصة أخري وردت في القرآن الكريم حول هذا الموضوع وهي قصة النبيّ موسي والعبد الصالح.[11]
لم يقبل الخضر في بادئ الأمر أن يرافق موسي عليه السلام ونسب رفضه الى أن موسي لا يستطيع الصبر على ما سيفعله الخضر في رحلته.[12] لكنّ موسي أصرّ على أن يرافق الخضر ووعده أن يكون صبوراً ومطيعاً له. في هذه القصة نري أنه كلما قام الخضر بفعل يخالف مبادئ ومعتقدات موسي عليه السلام كان موسي لا يأبه للعهد الذي عاهده الخضر وبحكم الشعور بالمسؤلية كان ينتقد الخضر بشدة على تصرفاته حتي اضطر الخضر عليه السلام في النهاية الى تفسير الحكمة الحقيقية لأفعاله وهناك تجلّت الحقيقة وبالتالي استأصلت جذور النقد والتقريع. الملاحظة الجديرة بالذكر هنا ان القرآن الكريم لم يدِن او يشجب انتقادات موسي عليه السلام بالنسبة لتصرفات الخضر عليه السلام وهذا ما يجعلنا ان نتعلم درسا ألا وهو اننا اذا أردنا أن نبعد النقد عن أنفسنا لا يجب أن نصبح سدّاً له، بل يجب ان نوضّح الأمور ونجعلها جلية للمنتقدين.
من جهة أخري ،لقد أعطي الله سبحانه وتعالى حق الانتقاد لنفسه وللمؤمنين أيضاً، وهذا يتجلّي لنا في حادثة الإفك التي وردت في القرآن الكريم. فحادثة الإفك تذكرنا بإتهام المنافقين لشرف وناموس النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم وأن عدم الدفاع وردّ هذا الاتهام من قِبل المومنين يوسّع دائرة الاتهام ضدهم.[13]
و ليس خارجاً عن هذا الموضوع، فلقد أوصي الله سبحانه وتعالى المؤمنين في الآية 104 من سورة البقرة[14] أن يتكلموا بحيث لا يستطيع أعداء الاسلام اختلاق اكاذيب ضدهم.[15]
في هذا الصدد نستطيع ان نقسّم معارضي الحكم النبوي الى فرقتين رئيسيتين : الفرقةالأولي : أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم والذين استمدّوا أصولهم الفكرية من القرآن الكريم والسُنّة النبوية الشريفة. والفرقة الثانية : معارضو الحكومة النبوية وهؤلاء يمكن تقسيمهم الى خمسة فرقاء:
الفريق الأول: كبار مشركي قريش في مكة والمدينة والذين عارضوا النبي صلي الله على وآله وسلم معارضة شديدة.
الفريق الثاني: أهل الكتاب والذين عاصروا النبيّ صلي الله على وآله وسلم وأصحابه في يثرب واضطروا أن يختاروا العيش بسلام الى جانب المسلمين وانصرفوا الى انتقاد ومعارضة الحكومة النبوية.
الفريق الثالث : المنافقون وهم الذين ذهبت آمالهم أدراج الرياح في الحصول على السلطة وذلك بسبب حضور النبيّ صلي الله على وآله وسلم في المدينة.
الفريق الرابع: المستضعفون والجاهلون بحقيقة ما يجري في عصرهم.
الفريق الخامس: بعض حكام المنطقة ورؤساء القبائل الذين شعروا بالخطر بعد إعلان الحكومة النبوية ظهورها العلني وهم بدورهم أظهروا عداءهم ومخالفتهم للنبي صلي الله على وآله وسلم .
إذن سنتطرّق وعبر دراسة عميقة لتاريخ مجتمع المعارضين أثناء البعثة النبوية الى كيفية معاملة النبيّ صلي الله على وآله وسلم للمعارضين وسنبحث حول مدي تأثر المجتمع الاسلامي بتلك المعاملة.
2ـ دراسة للحوادث التي جرت من قِبَل معارضي الدعوة النبوية في عصر الرسول صلي الله عليه وآله وسلم
ظهر دين الاسلام المبين في مدينة مكة وعلي أرضها، تلك الأرض التي كانت معقلاً للشرك والمشركين. وضمن دراسة للمجتمع الديني في عصر البعثة، يبدو لنا ان عبادة الأصنام كانت الغالبة والسائدة قبل الاسلام. فلقد كان العرب يطلقون كلمة صنم على كل تمثال يصنع من الخشب او الفضة او النحاس...الخ، وكانوا ينصبونهم ويعكفون على عبادتهم.[16] على ما يبدو لم تكن تلك الاصنام لتأخذ مكان آلهة العرب. بل كان العرب يستمدّون منها السكينة وقوة الروح فقط. وهذا الأمر يدل على أنهم يعتقدون بأن القوة الروحية مودعة في الاشياء المادية وان الأصنام ليست بالضرورة آلهة تعبد . لكن من جهة أخري ،بعض من ذوي العقول الصغيرة وبشكل تدريجي بدأوا يحيطون هذه الاصنام بهالةٍ من القداسة وعاملوها معاملة الآلهة.[17]
و بالإضافة الى عبادة الأصنام كان عرب الجاهلية يعكفون على عبادة كواكب مثل الشمس، القمر ونجوم مثل الثريا والزهرة والتي كانوا يطلقون على الاخيرة اسم « العزي» وفي هنا جائت اسماء رجال عرب الجاهلية[18]مثل عبد شمس، عبدالشارق، عبدالنجم، عبدالثريا، عبدالعزي « يعني عبد الكوكب الزهرة وهو من أقدس الآلهة لديهم».
ذكر مطهر بن طاهر المقدسي في فصل مذاهب العرب في العصر الجاهليي : كانت توجد أديان ومعتقدات كثيرة ومختلفة بين العرب، فقد كانت الزندقة والتعطيل بين قريش شائعة، والمزدكية والمجوسية بين تميم، واليهودية والنصرانية بين غسان، وكان الشرك وعبادة الاصنام منتشر في القبائل الأخري[19]. وفي هذا السياق، ذكر ابن قتيبة الدينوري أن الزندقة بين القريشيين تعني الثنوية والدهرية.[20]
و قد جاراه الدكتور { زرين كوب } في هذا المعني، فذكر انّ الدهريين هي فرقة من العرب تعتقد انّ «الدهر» أو «الزمان» هو سبب هلاك الانسان وسبب تقديراته كما نفهم ذلك عبر قراءة أشعارهم في العصر الجاهلي وكما جاء في القرآن الكريم عنهم. إذن هم يعتقدون أن حياة الانسان هي فقط هذه الحياة الدنيا وعندما يموت الانسان ينتهي كل شئ . فحسب اعتقادهم أنّ الدهر هو من يهلك الانسان لا مشيئة الله سبحانه وتعالى. بالتالي، فإنّ كل من يحمل مثل هذه المعتقدات يعكف على لذات الحياة الدنيا ويلهث وراء كل ما تشتهيه نفسه ويترك كل ما يخالف هواه.[21]
في بداية العصر الاسلامي لم يردنا خبر عن وجود معتقد باسم الزندقة داخل المجتمع الاسلامي، لكن الغزالي وضمن دراسة له حول الزندقة ذكر رواية عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم جاءت فيها كلمة زنادقة« ستفترق أمتي بعضاً وسبعين فرقة، كلّهم في الجنة الا الزنادقة » . وهذا دليل على معرفة أهل المدينة بمعتقد الزنادقة في ذلك الوقت.[22]
في أواخر القرن السادس الميلادي وصل النمو الفكري والاجتماعي للعرب الى مرحلة النضج والكمال، وهنا اقتضت الحاجة أن يبعث الله تعالي رسولاً ليحطم الأصنام ويطردها من كل جزيرة العرب ويدعو قومه الى عبادة الإله الواحد القهار.[23]
في تلك الاثناء ولد النبيّ العربي في قبيلة قريش في مكة عام 570 ميلادي. وبعد أربعين سنة بعث رسولاً وهاديا ًللأمة ودعا قومه الى عبادة الله الواحد الفرد الصمد.[24]
في هذا الصدد، وصف « وبر» الرسالة النبوية حسب آيات القرآن الكريم[25] بـ « كاريزما السلطة» أو «الحضور الطاغي للقدرة»[26] . إذن، الآية الشريفة السالفة الذكر تشمل كل الأبعاد الأساسية لكاريزما وقوة حضور النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم فالآية القرآنية عرّفت هذه العناصر والابعاد بأحسن وجه وبينت انّ كل القدرة والجبروت تعود لله سبحانه وتعالى «الذي له ملك السموات والارض» ولايوجد إله غيره وهو المصدر الأساسي لكل قدرة وجبروت وقد أرسل سبحانه وبمشيته محمدا ًصلي الله عليه وآله وسلم نبياً لهداية البشر. وبعبارةٍ اخري، فإنّ أساس طريق الفلاح والنجاح هو طاعة الواحد القهار وذلك بوسيلة اتّباع هدي نبيه المرسل صلي الله عليه وآله وسلم وبالتالي أمدّ الله سبحانه نبيه بالسلطة وفوّض اليه القدرة وهذا دليل قاطع على أن السلطة حقّ شرعي له صلي الله عليه وآله وسلم فالإله الذي « له ملك السموات والأرض » قد فوّض السلطة والحضور الطاغي لشخص النبي ليقوم بدوره بنشر الرسالة.[27]
لقد ظهر الاسلام في مدينة مكة،[28] ونلفت النظر أن كلمة « مدينة مكة» لم تكن تعني المدينة التي نعرفها اليوم، بل كانت كلمة المدينة تطلق على الإستقرار والسكن في مكان خاص. ودليلنا على هذا أنّ أهل مكة ما كانوا يشبهون قاطني المدن في طريقة تفكيرهم وحياتهم أو حتي النظام الإجتماعي لأهل المدن الاخري. بل كان بينهم وبين البدو الجاهليين نقاط مشتركة ومتشابهة على مستوي الوعي والثقافة [29]. وقصة الخصام التي جرت بين قبائل العرب حول وضع الحجر الأسود لأكبر دليل على صحة هذا الكلام. فكل قبيلة كانت تريد حيازة الفخر والشرف لنفسها في وضع الحجر الأسود، فحدث نزاع فيما بينها، وجاء أولاد « عبدالدار» و« عدي» بإناء فيه دم ووضعوا أيديهم فيه وأقسموا أن يدافعوا عن هذاالشرف الى الموت وقد شاركهم في قسمهم ذلك، بنو سهم وبنومخزوم.
هذا وقد أطلق التاريخ على المقسمين «لعقة الدم». في تلك الاثناء قال ابوامية بن المغيرة: سنقبل بحكم اول شخص يدخل من باب السلام. وهنا دخل النبيّ محمد صلي الله عليه وآله وسلم .و لمّا رأته قبائل قريش قالوا: هذا أمين قريش ونحن راضون برأيه وحكمه. عندما إطّلع النبيّ على ماجري، طلب برداء ثم وضع الحجرالأسود في وسطه وقال: فلتمسك كل قبيلة منكم بطرف الرداء وترفعه. وعندما وصل الحجر قرب مكانه، رفعه النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم بيديه الشريفتين ووضعه في محله.[30] هكذا قد إتضح لنا أنّ ميثاق « لعقة الدم» هو دليل على الأخلاق والثقافة السائدة بين أهل المدن في ذلك الوقت، وهي أشبه منها الى أخلاق القبائل.
مع بزوغ عصرالبعثة والدعوة المكية لم يترك الاسلام بعض الاخلاق الحسنة التي كانت القبائل تتحلّي بها، مثل الكرم، الشجاعة، الصدق والوفاء، بل أولاها اهتماماً وأضفي عليها طابعاً دينياً وحلة جديدة.[31] وهذا ما جعل بني هاشم وتحت قيادة ابي طالب في بداية الدعوة ان يعلنوا حمايتهم للنبي صلي الله عليه وآله وسلم . والعكس صحيح، فقد قامت القبائل المنافسة لبني هاشم بمعارضة ومخالفة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم . وفي دراسة تاريخية للمجتمعات، تمّ النظر الى هذه القضية بطريقتين: فبعد وفاة عبدالمطلب لم يعد بنوهاشم يعتبرون العشيرة الأولي والأهم في قريش، بل إن المنافسين التجاريين الآخرين لهم، مثل بني عبد شمس، بني نوفل، بني مخزوم. قد ملكوا زمام أمور التجارة مع الشام وبدأوا ينافسون بني هاشم في التجارة مع اليمن والعراق ايضاً.[32] ويعتقد البغدادي أن الرئاسة قد انقسمت بين عشائر وطوائف مختلفة في ذلك الوقت.[33] فجدير بالذكر ان اباطالب وعندما تسلّم الرئاسة وقيادة بني هاشم، لم يكن يملك ثروة تذكر، بل إن دَين أخيه العباس كان يثقل كاهله، مما اضطره الى تخلّيه عن منصبي السقاية والرفادة لأخيه العباس وذلك للتخفيف من وطأة دَينه الذي كان يقضّ مضجعه.[34] نعم لقد كانت قريش والآخرون يحترمون أباطالب، لكن لم يرُق لهم أن يعتبروه كقائد لهم. في هذا الصدد إدّعي معارضو الدعوة النبوية أنّ الدور الضئيل الذي كانت بنوهاشم تلعبه ،فضلاً عن ظهور القبائل المنافسة الأخري على الساحة، جعل من بني هاشم راغبين في إعتناق الدعوة الجديدة والإنقياد والتسليم لقائد جديد من بني هاشم، علّه يعيد اليهم مجدهم القديم. وهذا بإعتقادهم ما أدّي الى قبول الكثيرين لدعوة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وانتشارها بينهم.
و من جهة أخري ،كان بنوهاشم مطلعين على ما آلت اليه أوضاعهم الجديدة، وكانوا في انتظار مجئ فرصة مناسبة لإستعادة مجدهم السابق. فهم يعرفون أنه يمكن المنافسة بين القبائل على الحصول على المجد والشرف، ولكن أن يظهر نبيّ في قبيلة دون أخري، فهذا شرف وفخر فريد من نوعه ولايمكن التنافس عليه، إذن، وحسب إعتقادهم، سيكون ظهور النبيّ بينهم لصالحهم وسيكون عاملاً لخضوع القبائل الأخري لهم.
من وجهة نظر «وبر» وعبر دراسة له لعلم المجتمعات وحول الموضوع السلطة بالتحديد، يري وبر أن القدرة والتسلط والحضور الطاغي للنبيّ صلي الله عليه وآله وسلم ـ منذ بداية البعثة ـ قد أضفت على دعوته الشرعية وجعلتها تتجلّي في أقوي صورها.[35]
يبدو للعيان أن معارضة أهل مكة للنبيّ صلي الله عليه وآله وسلم لم تكن لأجل مخالفته لمعتقداتهم فقط، بل كانت هذه المعارضة تحمل جوانب سياسية واقتصادية، فلقد كان أهل مكة يخافون من تبعات دعوة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم على تقدّم وتطوّر اقتصادهم وكانوا على علم أنه إذا تمّ لهذه الدعوة، الدعوة الى عبادة الإله الواحد، أن تري النور، فقد تتدهور حالتهم الاقتصادية من حيث حصيلة العائدات التي تنالهم من الأماكن المقدسة لديهم. فاتضح الامر لهم، أنهم لو قبلوا دعوة النبيّ صلي الله عليه وآله وسلم وتعاليمها، ستنشأ حكومة أقلية { أوليغارشية } في مكة وستعتبر قدرة سياسية جديدة لحفنة من الناس.[36]
فالمخالفين للدعوة لم يكونوا ليستطيعوا أن يضغطوا على النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأصحابه لسببين، اولاً: فلنتذكر تركيبة القبائل وقوانينها، فلايحق لقبيلة أن تتدخل في شؤون القبائل الاخري، وإذا حدث هذا وتعرضت الى سوء، فمن الطبيعي أن تهبّ كل القبيلة للحماية والدفاع عن كل فرد من أفرادها. ثانياً: لم يكن يأبه رؤساء القبائل إذا دخل دين ومعتقد جديد القبيلة، ولم يكونوا حتي يعتبروه مخلاًّ بعباداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم الموروثة، وحتي أنهم لم ينظروا الى ذلك الدين الجديد بجدية كاملة ولم يقفوا حجر عثرة في طريقه. [37]
لكن عندما أعلن النبيّ معارضته الشديدة لعبادة الأصنام، هبّ كبار قريش في وجهه، فإذا كانت قريش تسمع بأشراف قد إعتنقوا الاسلام، كانت تنصب دعايات كاذبة ضد الاسلام، حتي تعيد هؤلاء الأشراف الى شركهم وكفرهم وجاهليتهم. أمّا المستضعفون من لا حول لهم ولا قوة والذين كانوا يعتنقون الدين الحنيف، كانت قريش تعاملهم بقسوة ووحشية حتي تردّهم عن دينهم وتعيدهم الى ماكانوا عليه. وبالتالي فإنّ الدعايات والشائعات الكاذبة ضد الاسلام فضلاً عن الضغوط والتعذيب والحظر الاقتصادي والاجتماعي من قِبَل المشركين، جعل بعضاً من معتنقي الاسلام الجدد أن يتركوا دينهم ويرتدّوا. وفي هذا السياق، ذكر البلاذري نقلا عن الكلبي، أسماء عدد من أشراف مكة قد قبلوا الاسلام كدين لهم ولكن فتنهم المشركون فارتدّوا وعادوا الى ما كانوا عليه.[38]عندما رأي النبي صلي الله عليه وآله وسلم معاملة قريش، أمر المسلمين بالصبر والتقية أو الهجرة الى الحبشة لكي يتخلّصوا من كل هذا العذاب، ويحفظوا أرواحهم.[39]و لقد قدّر الباري تعالي صبر المؤمنين وهجرتهم ووعدهم الحسني، فقال: «والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا لنبوئنّهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة اكبر لو كانوا يعلمون».[40]
علي الرغم من تلك المشقات والمحن التي تحملها المسلمون اثناء الدعوة في مكة، لم يحدث أن قابل النبي صلي الله عليه وآله وسلم واصحابه، المشركين بالمثل ولم يعاملوهم بعنف ووحشية كما فعل المشركون . بل جاء في التاريخ أن الرسول وأصحابه صبروا وتوكلوا على خالقهم ليحفظوا الاسلام وليستديم بقائه في مكة.و في صلب هذا الموضوع نشير الى واقعة بيعة العقبة الثانية في أواسط أيام التشريق في موسم الحج. فلقد بايع 75 رجلا من أهل يثرب النبي صلي الله عليه وآله وسلم على أن يكون صلي الله عليه وآله وسلم في كنفهم وحمايتهم حال هجرته الى يثرب. في ذلك الوقت شعر المسلمون بالإطمئنان، فطلب عباس بن عبادة بن فضلة من النبي صلي الله عليه وآله وسلم أن يأذن للمسلمين أن يشهروا سيوفهم على أهل مني في صباح اليوم التالي، لكن في المقابل، لم يسمح النبي صلي الله عليه وآله وسلم بذلك وقال: نحن لم نؤمر بالحرب ضدهم.[41]
3ـ دراسة للحوادث التي جرت من قبل المعارضين أثناء الحكومة النبوية.
3ـ1ـ أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم
أنشأ النبي الاكرم صلي الله عليه وآله وسلم علاقة مع أصحابه يقوم أساسها على الصلح والصداقة، كما جاء في الآية الكريمة: « إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم».[42]
في هذا الصدد، كان من أهم الإجراءات الأساسية التي اتخذها الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم في المدينة إقامة عقد الأخوة بين المهاجرين والانصار وذلك لحفظ الوحدة الإسلامية ولتحلّ الأخوّة محل الأحقاد والعصبيات الجاهلية.[43]
و كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في جميع مراحل دعوته الشريفة وكما أمره القرآن الكريم، يوصي المسلمين أن يداري ويرحم بعضهم بعضاً.[44]
و على الرغم من أن النبي الكريم كان يتأذّي من أخطاء بعض أصحابه لكنه مع ذلك كان يكظم غيظه ويسامحهم على أفعالهم وكل ذلك حفظا لكلمة وشأفة الإسلام.
و لقد أشار القرآن الكريم الى أخلاق النبي صلي الله عليه وآله وسلم الكريمة في حادثة الإفك ولاننسي أن تلك الحادثة والتي كانت ضد ناموس النبي صلي الله عليه وآله وسلم تعتبر من أهم المؤامرات والإتهامات اللتي كان المنافقون يبيتونها ضد النبي صلي الله عليه وآله وسلم ولقد ذكر القرآن الكريم أنّه بسبب عدم دفاع الصحابة المؤمنين عن ناموس النبي صلي الله عليه وآله وسلم كما يجب، سبب توسّع دائرة الإتهام ضد النبي صلي الله عليه وآله وسلم وناموسه.[45]
و ضمن هذا الإطار وإستناداً الى الشواهد التاريخية نطلع على حقيقة ما جري في حادثة الإفك، فبعد نشر منافقي الأنصار للشائعات ضد ناموس النبي صلي الله عليه وآله وسلم، صعد النبي المنبر حتي يبعد الإتهام عن عائشة وصفوان بن معطل سلمي ويعيد إليهما سمعتهما ومكانتهما. فقال النبي صلي الله عليه وآله وسلم :«من منكم يكفيني من آذاني في أهلي ؟... » فعلت الأصوات واحتدم النقاش، فكلٌ من الأوس والخزرج يريد إثبات وفائه للنبي صلي الله عليه وآله وسلم. لكن النبي صلي الله عليه وآله وسلم أمرهم بالسكوت ومنعهم من النزاع، فتصالحوا. وبعد عدة أيام من نزول آيات الإفك، وبأمر من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أقيمت وليمة، مرة في منزل سعدبن عبادة ومرة أخري في منزل سعدبن معاذ {رئيسي الاوس والخزرج} وذلك لإزالة ما علق من الحقد والبغضاء في قلبيهما أثناء النزاع الذي حدث بينهما في المسجد.[46]
و نقدم نموذجاً بارزاً آخراً لمعاملة النبي لأصحابه وملاطفته لهم، فلقد ورد أنّه بعد الرجوع من غزوة أحد، جاء المسلمون الذين فرّوا من المعركة عند الرسول وأظهروا ندمهم وطلبوا من الرسول العفو والمغفرة. والله سبحانه وتعالى بدوره أمر بإصدار عفو عام عنهم كما جاء في الآية 159 الشريفة من سورة آل عمران. فما كان من الرسول الكريم إلّا أن استقبل توبتهم بصدر رحب وعفا عنهم. فالآية الكريمة السالفة الذكر أشارت الى مزية رائعة من مزايا أخلاق النبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم : « فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك». فكلمة « فظّ» تعني التكلم بقسوة وفظاظة . عبارة «غليظ القلب» تعني المعاملة بحدّة وقسوة. وهذا ما أشارت إليه الآية الكريمة أنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم كان حسن الخلق والمعاملة من جميع الجوانب بالنسبة للمخطئين والمذنبين ممّن حوله.و نشير الى أنّ الله سبحانه وتعالى في باقي الآية الكريمة السالفة الذكر وبعد أن أصدر العفو العام، أمر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أن يستشير المؤمنين في الأمور ويطلب منهم ابداء رأيهم وذلك لهدف حفظ شخصية أصحابه وتجديد حياتهم الفكرية والروحية.[47]
لقد أمر الله سبحانه وتعالى بأخذ المشورة من أصحابه في هذه الآية، وذلك آنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم قبل بدء غزوة أحد، إستشار آصحابه حول كيفية مواجهة العدو، وأشار اكثر اصحابه عليه، آن تكون ساحة المعركة في سفح جبل أحد، وقبل النبي صلي الله عليه وآله وسلم ذلك. ولكن لم يتمّ النصر للمسلمين. وهنا ظنّ غالبية الناس أنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم ما كان عليه أن يتشاور مع أحد ولكن القرآن الكريم أجاب على مثل هذه التساؤلات والظنون وأمر الرسول أن يتشاور مع أصحابه مجدداً على الرغم من مشورتهم السابقة التي لم تعد عليهم بالنفع، وهذا يدل أنّه علينا أن ننظر نظرة شمولية للمشورة، فمهما كانت مشورة الآخرين أحيانا لاتعود بالنفع، ولكن فائدتها أكثر من ضررها. إذن، إستشارة الآخرين في الامور، مهمة لتربية الانسان والمجتمع ولها تأثير واضح وجليّ على إرتقاء شخصية الانسان، وهذا هو المهم.[48]
و على هذا الاساس إستشار النبي صلي الله عليه وآله وسلم عليا عليه السلام حول تحديد مقدار الصدقة اللذي لم توضحه الآية 12 من سورة المجادلة عند نزولها.[49] ولاننسي أنّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم إستشار سلمان الفارسي في غزوة خندق وقبل رأيه.[50] هذا وقد ذكر الامام الرضا عليه السلام أنّ الرسول صلي الله عليه وآله وسلم كان يتشاور مع أصحابه حول قضايا وأمور المسلمين ومِن ثمّ يتّخذ القرار النهائي.[51]
و لكن هناك سؤال يطرح نفسه، هل كان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم يتشاور مع المسلمين في كل الامور؟ أشارت النصوص والشواهد التاريخية أنّ النبي ما كان يتشاور مع اصحابه حول أمور الوحي والاحكام التي تم تحديدها مثل العبادات والمعاملات، ممّا كان يعطي نفسه أو الآخرين حق التدخّل في مثل هذه الامور الحاسمة والقطعية من جانب الباري تعالي. أما القضايا المرتبطة بالمجتمع وكيفية تطبيق القوانين فيه، فقد كان النبي يعطي الحق للجميع أن يبدي رأيه وكان بدوره صلي الله عليه وآله وسلم يهتمّ بآرائهم وتوجهاتهم.[52]
إذن عندما كان صلي الله عليه وآله وسلم يطرح على أصحابه أمراً ما، كان أصحابه في البداية يسألونه : هل هذا الأمر هو حكم إلهي ولا يجب أن نبدي رأينا حوله؟ أو أنّه يتعلّق بكيفية تطبيق القوانين؟ فإذا كانت القضية من النوع الثاني أظهروا رأيهم وإذا كانت من النوع الأول، سلموا أمرهم لله تعالي وأطاعوا ولم يخالفوا. وهنا نذكر نموذجا آخر حول معاملة النبي لأصحابه وأخذ المشورة منهم. عندما أراد زيد بن حارثة ـ دعي النبي ـ أن يطلق زوجته زينب، ذهب الى النبي صلي الله عليه وآله وسلم وإستشاره في هذا الامر. والنبي صلي الله عليه وآله وسلم أشار على زيد أن يحفظ زوجته ولايطلقها. لقد كانت مشورة النبي بعدم تطليق زينب من باب المحبة والرأفة، ولم يكن لزاما على زيد أن يحفظ زوجته ولا يطلقها، لذا فضّل أن لا يستجيب للدعوة والتي هي من باب اللطف والرأفة، بل قرّر أن يطلق زوجته، وكان هذا أسهل عليه. ولو كان أمر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعدم تطليق زينب إلزامياً، لكان ذلك الطلاق باطلاً في أساسه وذلك لمخالفته لأمر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. من جهة أخرى،عندما قرر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أن يتزوج زينب بنت جحش،أرسل زيدا- زوجها السابق- ليخطبها إلى الرسول وذلك أن النبي أراد أن يعلم الجميع أنه موقن بإخلاص نية زيد وطهارة نفسه وصدق ايمانه[53].
على كل، انتقد القرآن الكريم بعض تصرفات المسلمين والتي كانت تسبب الأذى والحرج لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، فكما جاء في سبب نزول الآية 104من سورة البقرة ،أن الله تعالى أوصى المؤمنين أن يتكلموا بطريقة بحيث ﻻ يكون كلامهم سبباً لإختلاق الأعداء الحجج والأكاذيب ضدهم: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ). وسنتطرق هنا إلى سبب نزول هذه الآية الكريمة.
لما كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم منهمكا في الكلام وتبيين الآيات القرآنية والأحكام الإلهية، طلب منه بعض المسلمين أن يتأنى في الكلام حتى يعوا ويفهموا الأمور فهما دقيقا وليتسنى لهم أن يطرحوا أسئلتهم حول بعض المواضيع. كانوا يستخدمون عبارة "راعنا" وأصلها من "الرعي"يعني:الإمهال. لكن اليهود قصدوا من "راعنا" بمعنى "الرعونة" ويعني: الحماقة والغباء. ف "راعنا " في المعنى الاول: الامهال وفي الثاني:" اجعلنا حمقى"!. وبتلك الطريقة ،اصبحت تلك العبارة ذريعة في أيدي اليهود ليستهزؤوا بالنبي صلي الله عليه وآله وسلم وبالمسلمين. وهنا نزلت الآية 104 من سورة البقرة لتمنع حصول مثل هذا الإستهزاء وليأمر الله سبحانه وتعالى المؤمنين أن يستعملوا عبارة "انظرنا" بدﻻ من "راعنا"، فالمعنى واحد وبذلك لن يكون هناك اي ذريعة بيد أعداء الإسلام[54] .
البعض الآخر من المفسرين ذكر أن عبارة "راعنا" هي في الحقيقة نوع من الشتيمة والسباب في لغة اليهود، ومعناها:" اسمع،ﻻ أسمعك الله"، وقد كان اليهود يكثرون من تكرار تلك الكلمات ويضحكون! في هذا السياق أيضا، ذكر بعض المفسرين أن اليهود كانوا يقولون "راعينا" بدﻻ من "راعنا" ويقصدون بها :" راعينا الذي يرعى الأغنام" ويعنون النبي صلي الله عليه وآله وسلم وكل ذلك كان بهدف السخرية من شخص النبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم [55] .
3ـ2ـ مخالفو رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم
3-2-1- المشركون
بعد مجئ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إلى المدينة وتشكيله للحكومة الإسلامية، نزلت الآية 39 من سورة الحج. وفيها أذن الله تعالى للمسلمين المظلومين أن يدافعوا عن أنفسهم ليحافظوا على حكومتهم وليخلصوا إخوتهم المستضعفين من شر الكافرين أصحاب الفتنة والمنطق الضعيف ولينالوا شرف وأجر الجهاد أيضاً. الجهاد في الإسلام نوعان: جهاد ابتدائي وجهاد دفاعي. الجهاد الدفاعي استمد شرعيته من آيات القرآن الكريم وتم الترخيص للمسلمين أن يقاتلوا الذين بدأوهم بالقتال ويدافعوا عن أنفسهم . اما الجهاد الإبتدائي فهو عندما تدعو الحاجة وبأمر من ولي المسلمين، يبتدئ المسلمون المعركة وذلك لإزالة السدود والموانع التي تقف في طريق تقدم ورقي الإسلام . على كل حال، فإن أكثر الفقهاء يصنفون الآيات الكريمة التي تأمر بقتال الكافرين في زمرة الجهاد الإبتدائي. ونقصد بالكافرين هنا: من ينصب الحرب ضد الدولة الإسلامية. ويعتقد الفقهاء في هذا الصدد أن هذا الحكم لا يشتمل بشكل مطلق كل كافر حسب جهة ونوع كفره[56]. من جهة أخري، إختلفت آراء المفسرين حول معني كلمة « محارب »: فالعلامة طباطبائي يري أن معني « يحاربون الله ورسوله...» في الآية 33 من سورة المائده [57]يعني ايجاد خلل في الأمن العام وذلك بإستخدام السلاح[58]. وعلي هذا الأساس، فإن الكفار والمشركين كانوا يعيشون في المدينة بكل حرية ولكن بشرط أن لا يخلوا بأمن المجتمع الإسلامي وكذلك أن لا يتعاضدوا مع أعداء المسلمين خارج المدينة وليس خارجاً عن هذا الإطار. فرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وفقاً لتعاليم القرآن الكريم،كان يوصي الجميع أن يستخدموا أسلوب « وجادلهم بالتي هي أحسن»من جهة، ومن جهة أخري وبسبب ما كان الشعر يتمتع من منزلة رفيعة في ثقافة العرب في عصر البعثة النبوية، أجاز النبي صلي الله عليه وآله وسلم للشعراء المسلمين أن يستخدموا باباً جدىداً في الشعر ألا وهو النقيضة، حتي يجادلوا غيرهم من شعراء الكافرين. فشعر النقيضة كان يعرض الكافرين للهجو والذم ولكنه كان يختلف تماماً عن شعر الهجو في عصر ما قبل البعثة والذي كان بدوره يتعرض ويهتك شرف ونواميس الآخرين[59]. في الحقيقة، لقد كانت السنوات الأولي من الدعوة الإسلامية بالنسبة لشعراء العرب أول مرحلة لشعر النقيضة على أرض الواقع، وكان أنصار وأعداء النبي صلي الله عليه وآله وسلم يهجو بعضهم بعضاً، وتعد أشعار حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة في هجو أعداء الإسلام خير دليل على هذا النوع من الشعر، وجدير بالذكر أن تلك الأشعار حازت على رضي وتأييد النبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم لها[60] .
من جهة أخري، نشيرالي أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يبرم معاهدات واتفاقيات دفاعية مشتركة مع قبائل الكفار والمشركين القاطنين حول مكة والمدينة. ومن بنود تلك المعاهدات أن لا يتعرضوا للمسلمين . ففي السنة الثانية الهجرية عقد النبي صلي الله عليه وآله وسلم تحالفين، كل على حدة، واحد مع بني ضمرة والآخر مع بني مدلج – وهما من المشركين – وكانت الاتفاقيتان تنصان على الصلح ونبذ العداوة مع المسلمين[61] بالإضافة الى تأسيس علاقات جديدة قوامها الصلح فيما بينهم . أيضا، يعتبر صلح الحديبية من أهم الاتفاقيات التي أبرمت في السنة السادسة الهجرية بين المسلمين والمشركين، وقد تمّ عقد ذلك الصلح لأن النبي وأصحابه أرادوا أن يؤدوا مناسك العمرة لكن المشركين كانوا يمنعونهم من دخول مكة . بعد قيام عدة وساطات، عقد الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم صلح الحديبية مع المشركين درءاً للفتنة وحقناً للدماء ومنعاً من أن تشب حرباً تأكل الأخضر واليابس[62] . بعد مرور اثنين وعشرين شهراً على الصلح، نقض المشركون بنداً من بنود الاتفاقية وذلك عبر هجومهم الليلي المباغت على قبيلة خزاعة المشركة والتي كانت بدورها متحالفة مع المسلمين، ومن ثم وبأمر من رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم تمّ فتح مكة من قبل المسلمين[63] .
جدير بالذكر هنا، أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعد فتح مكة، لم يرغم أهلها على قبول الإسلام، فلم يقل آنذاك: أسلموا تسلموا بل قال :«من أغلق بابه وكفّ يده فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن »[64]. فعندما نطالع النصوص التاريخية لا نري ولا حتي مرة واحدة أن النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم أجبر أحداً على دخول الإسلام . بل وحتي الأسري كذلك، فلم يكن يرغمهم عليه الصلاة والسلام على قبول الدين الجديد ،وخير مثال على هذا : ثمامة بن أثال الحنفي – كبير اليمامة – والذي أسر ووقع في قبضة أصحاب النبي صلي الله عليه وآله وسلم عندما كانوا في دورية استطلاع على المحاور .
ونشير الى أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قد عامل ثمامة بكل لطف ورقّة وكان يطعمه من طعام أهله، بل وحتي أمر أن يسقي ثمامة من ناقته صلي الله عليه وآله وسلم كل صباحٍ ومساء . جدير بالذكر أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم عرض الاسلام على ثمامة عدّة مرات، لكن ثمامة في كل مرة كان يأبي ويستنكف عن قبول الدين الجديد، الى أن رسول الرحمة صلي الله عليه وآله وسلم أصدر أمراً بإطلاق سراحه . بعد أن خرج ثمامة من الأسر، اغتسل، وذهب عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ودخل في الاسلام . ولقد بقي ثمامة ثابتاً وراسخاً في عقيدته الجديدة، حتي أن فتنة مسيلمة الكذّاب لم تستطع أن تزعزع إيمانه وتوقعه بين براثنها الفتّاكة وتجعله ينحرف[65] .
في السياق نفسه، كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في غاية التسامح والرأفة عند قبول الآخرين الاسلام والدخول فيه، بل وحتي أنه صلي الله عليه وآله وسلم كان يقبل منهم الإقرار الظاهري بالاسلام ويكتفي به . ونسوق نموذجاً هنا يؤيد هذا التسامح النبوي، وهو عقبة بن أبي معيط . كان من عادة عقبة عند عودته من أسفاره، أن يقيم وليمة ويدعو إليها كبار قومه . ذات مرة، رجع عقبة من رحلة له وكالعادة دعا قومه ومعهم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الى وليمة، عندما وضع الناس أيديهم على الطعام قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: لن أمدّ يدي الى الطعام إلا إذا ذكرت الشهادتين : شهادة أن لا إله إلا الله وأنّي رسول الله . عندئذٍ نطق عقبة بالشهادتين وتناول النبي صلي الله عليه وآله وسلم من طعام عقبة[66] .
وعلي هذا الأساس، نزلت الآية الشريفة في شأن رسول الرحمة صلي الله عليه وآله وسلم:«وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين»[67] .إذن ما كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يختصّ المشركين المعاهدين بالرحمة والرأفة فقط، بل كانت معاملته الطيبة تشمل المشركين المناوئين له أيضاً . ونسوق نموذجاً بارزاً يبين هذه المعاملة الطيبة والمستقاة من تعاليم القرآن الكريم، وهو معاملة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لسهيل بن عمرو. كان سهيل من أشراف وخطباء قريش، وقد تمّ أسره على يد جيش الاسلام في غزوة بدر[68].
استعمل سهيل الخديعة والغدر واستطاع أن يفلت من الأسر، فأصدر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أمراً بقتله . لمّا وجد صلي الله عليه وآله وسلم بنفسه سهيلاً مختبئاً بين الأشجار، لم يقتله بل جعله في مركب الى جانبه صلي الله عليه وآله وسلم وأخذه الى المدينة[69] . لقد كان سهيل ممثلاً عن أهل مكة في صلح الحديبية وحتي أنه لم يدخل الاسلام عند فتح مكة وبقي على شركه وترديده في اعتناق الاسلام الى أن وقعت غزوة حنين ؛ وعلي الرغم من أن سهيل كان مشركاً، فقد رافق النبي صلي الله عليه وآله وسلم في تلك الغزوة، وفي جِعرانه أعلن إسلامه. وقد أعطاه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مائة ناقة من غنائم معركة حنين [70]. ومن جهة ثانية، نتطرق الى معاملة النبي صلي الله عليه وآله وسلم للأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام ومن ثم ارتدوا وبعد مضي مدة ،أظهروا ندمهم على عودتهم الى كفرهم . فلقد تلقوا معاملة منه عليه الصلاة والسلام ملؤها الرحمة والرأفة، وهذا يعود الى الحفاظ على المصالح العامة للأمة الإسلامية .
قابل للذكر هنا أن القرآن الكريم تعرّض للمرتدين[71]، لكن لم يحددالأحكام الجزائية في حقهم وأوكل تفاصيل ذلك الى الرسول صلي الله عليه وآله وسلم والي أهل البيت عليهم السلام. وأشارت النصوص والشواهد التاريخية الى أنه تمّ العفو عن بعض المرتدين الذين أعلن عنهم أثناء فتح مكة أنهم مهدورو الدم، فقد عفا عنهم الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم وذلك لأسباب مختلفة ومقنعة تصبّ في مصلحة الأمة الإسلامية . ويعدّ عبد الله بن سعد أبي سرح خير دليل على هذا. عبد الله اول شخص ارتدّ في زمن النبي صلي الله عليه وآله وسلم وكان كاتباً للوحي الإلهي بعد ردته عاد الى مكة وادّعي أنه حرّف آيات القرآن الكريم عند كتابتها، لكن الله سبحانه وتعالى أنزل الآية 93 من سورة الأنعام وذلك بهدف الردّ على ادّعاء عبد الله وأمثاله ومن يجاريهم في مثل هذه الخطرات والظنون[72].عندما فتح رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مكة، عفا عن كلّ قريش وأعطاها الأمان إلاّ عشرة رجال، فقد اعطي أمراً بقتلهم، وكان عبد الله بن سعد أبي سرح واحداً من هؤلاء العشرة. ومن جهة أن عبدالله كان أخاً لعثمان بن عفّان في الرضاعة، جاء عثمان عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وطلب الشفاعة لأخيه في الرضاعة، فما كان منه صلي الله عليه وآله وسلم الاّ أن عفا عن عبد الله[73] .
3-2-2- أهل الكتاب
بعد الهجرة الى المدينة وتشكيل أوّل مجتمع مدنيّ إسلامي، أذن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ليهود المدينة بالبقاء على دينهم ومعتقداتهم . وحسب بنود المعاهدة بين المسلمين واليهود، تمّ الاعتراف وبشكل رسمي بالمساواة بين الفريقين في الحقوق[74] . وننقل إليكم تقارير في غاية الروعة تظهر مدي حسن المعاملة والمداراة من قبل النبي صلي الله عليه وآله وسلم بالنسبة الى اليهود والأقليات الدينية الأخري. فلقد جاء عن النبي صلي الله عليه وآله وسلم:« من ظلم معاهداً أو انتقصه حقه أو كلّفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفسٍ، فأنا حجيجه يوم القيامة»[75].
وضمن هذا الاطار، فإن علماء المذاهب والنحل المختلفة كاليهود ،النصاري، الدهريين، المشركين و...كانوا يحضرون عند رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ويناقشونه ويناظرونه حول اعتقاداتهم المختلفة، والنبي صلي الله عليه وآله وسلم بدوره وطبقاً لتعاليم القرآن الكريم، كان يستمع إليهم بكل رحابة صدر ودون إظهار حساسية لا جدوي منها، بل كان يستخدم عقائدهم المختلفة كأدلة على حقانية الإسلام ورسالته السمحة[76] .
في هذا السياق، تعتبر المناظرة التي جرت بين مجموعات من علماء اليهود، النصاري، الدهريين، الزرداشتيين والمشركين العرب خير مثالٍ على رحابة صدر النبي صلي الله عليه وآله وسلم. فقد اتفقت تلك الفرق العقائدية على أن «عزير ابن الله » لكن الرسول الكريم وبعيداً عن أي تعصّب وحدة أوقسوة أجابهم وردّ عقائدهم الباطلة والتي لا أساس لها من الصحة[77] .
في السنة التاسعة الهجرية وعقب نزول الآية 29 من سورة التوبة، تمّ فرض الجزية على أهل الكتاب وكان هذا الحكم الإلهي في الحقيقة فرصة ذهبية لهم حتي يدفعوا الجزية ويبقوا على دينهم ويعيشوا آمنين في كنف الحكومة الاسلامية وبالتالي يحفظوا أموالهم وأنفسهم[78] . وعلي هذا الأساس، فقد أجري النبي صلي الله عليه وآله وسلم معاهدات صلحٍ مع أهالي تبوك[79]، مسيحيي أيلة[80]، يهود أذرُح وجرباء[81]، يهود مقنا[82]، مسيحيي دومة الجندل[83]، يهود تيما[84]، مسيحيي نجران[85]، زرداشتيي البحرين وهجر وعمان[86] . وقد فرض عليهم الجزية. وجدير بالذكر أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم كان يحترم معاهداته مع أهل الكتاب ( الذميين، المعاهدين) ويلتزم بها ولم يذكر أبداً أنه كان الباديء بنقض أي عهد أو ميثاقٍ.
أما بالنسبة للمهادنين (ليسوا بمسلمين وماكان لهم معاهدات صلح مع الدولة الاسلامية ولم يشكلوا خطراً أو تهديداً للمسلمين) فقد كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يدعوهم الى الإسلام وكان يستند في دعوته على تعاليم القرآن الحنيف وعلي التوحيد والذي هو الأصل المشترك بين جميع الأديان السماوية[87]. وتعتبرالرسائل التي أرسلها نبي الإسلام الى رؤساء بلاد إيران،الروم،الحبشة،مصر...الخ، تأييداً على صحة هذا الكلام[88]. لكن من جهة أخري،كانت معاملة الرسول صلي الله عليه وآله وسلم لمن يحارب الاسلام من أهل الكتاب ،معاملة حازمة تماماً وبعيدةً كلّ البعد عن أي تهاون أوتسامح . وتعد سرية مؤتة دليلاً على مثل هذه المعاملة الحازمة.ففي السنة الثامنة الهجرية أرسل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سفراءه الى أنحاء جزيرة العرب وذلك بهدف دعوتهم الى الاسلام . ولما استشهد الحارث عمير الأزدي، سفير رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في الشام – وكان السفير الوحيد الذي قتل من بين السفراء الآخرين – اعتبر النبي صلي الله عليه وآله وسلم حادثة قتل الحارث بمثابة إعلان الحرب على الاسلام وجهّز جيش مؤتة وأرسله الى الشام ردّاًعلي تهديد الروم[89].
3-2-3-المنافقون
كان المنافقون في ظاهر الأمر يدّعون أنهم مسلمون ويسيرون على خطي نهج الرسالة النبوية،لكنهم في الباطن كانوا من ألدّ أعداء الاسلام وأكثرهم عداوة له. في الحقيقة، كان المنافقون في الأوقات الصعبة والحسّاسّة يتعاونون مع أعداء الدولة الاسلامية ويفشون الأسرار العسكرية فضلاً عن اختلاق الشائعات والأكاذيب وبثها بين المسلمين ليدبّ الرعب في قلوب بعضهم. والسؤال يطرح نفسه هنا ،كيف كان النبي صلي الله عليه وآله وسلم يتعامل مع مثل هؤلاء ؟ الجواب:لقد كانت سياسة النبي مع المنافقين سياسة يتخللها اللين وإظهار الملاطفة. ونسوق إليكم مثالاً هنا: بعد الرجوع من غزوة بني المصطلق ،خطّط عبدالله بن أبي للإطاحة بالحكومة الاسلامية وأعلن أنه بمجرّد مايدخل النبي صلي الله عليه وآله وسلم المدينة، سيذلّه ويطرده منها . وهنا نزلت سورة المنافقين حول عبدالله بن أبي لتفضحه وتفشي مخطّطه ومابيته من مؤامرة ضدّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم. إذن النتيجة كانت أن سورة المنافقين استفزّت مشاعر المسلمين ضدّ عبدالله وبالتالي ضاقت عليه الأرض بما رحبت، ثمّ أشار بعض الأصحاب على رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بقتل عبدالله، لكنه عليه الصلاة والسلام امتنع عن ذلك وقال: « سنداريه مادام على قيد الحياة... »[90].
وليس خارجاً عن هذا الاطار، فلقد اتّخذ النبي صلي الله عليه وآله وسلم بعض الاجراءات عقب هجرته الى المدينة ومنها إبرام معاهدات مع المجموعات والقبائل المختلفة التي كانت تعيش في يثرب ونواحيها . وكانت المعاهدات تقوم على اساس عدم التعرّض للآخر. وقد أشار ابن هشام الى معاهدة أبرمت آنذاك وذلك قبل نقله لقصّة عقد الأخوّة بين المهاجرين والأنصار. وذكر ابن هشام أنه جاء في المعاهدة أن الحكومة الاسلامية تعتبر كلّ القبائل التي تعيش في كنفها شعباً واحداً إذ لا يجوز ليهوديّ ولا لمسلمٍ أن يخون الآخر[91]. في هذا السياق نقل المرحوم الطبرسي في أعلام الوري عن على بن ابراهيم أن نبيّ الاسلام صلي الله عليه وآله وسلم وبصفته قائداً للأمة الاسلامية قد عقد وبشكلٍ خصوصي، معاهدة مع ثلاث قبائل يهودية معروفة ( بني قريظة، بني قينقاع، بني خضير) وقد جاء في بنود تلك المعاهدة :لا يجوز لليهود أن يقوموا بإجراءاتٍ ضد النبي صلي الله عليه وآله وسلم والمسلمين ولا يجب أن يستفزّوهم بألسنتهم،أيديهم،أسلحتهم أو مراكبهم (لا في السرولا في العلن، ولا في الليل ولا في النهار) وإذا حدث وخالف اليهود المعاهدة ونقضوها فإنّ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم سيبيح دماءهم ويسبي نساءهم وأولادهم ويغنم ممتلكاتهم[92].
و يعدّ كعب بن أشرف أسوأ مثالٍ لليهود المنافقين والناكثين بالعهد، فعلي الرغم من أن بنود المعاهدة تنصّ على عدم التعاون مع عدو الطرفين، ذهب كعب الى مكة – بعد هزيمة المشركين في بدر- وبكي قتلي قريش واستفزّ الباقي ضدّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم، ولم يرجع إلا بعد أن حرّض قريش على محاربة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ؛ وخلال لقاء كعب لأبي سفيان، صرّح كعب أن عبادة الأصنام أفضل من دين محمد وأقرب الى الهدي[93]. لم يكتفِ كعب بذلك بل هجا النبي وأصحابه في أشعاره وكان يتغزّل بنساء المسلمين ويذكر جمالهنّ في أبياته[94]. وبالتالي أصبح كعب معياراً للرجل المنافق والناقض العهد[95]، فأراد النبي صلي الله عليه وآله وسلم التخلّص من شره، فتصدّي عدد من الأنصار من الأوس لهذه المهمة وأصابوا كعباً وأردوه قتيلاً[96]. على إثر مقتل كعب ،دبّ الرّعب في قلوب اليهود الناقضين للمعاهدة فقرروا إبرام معاهدة صلح جديدة مع نبي الاسلام صلي الله عليه وآله وسلم تنصّ على عدم تعريض المسلمين للأذي والالتزام بحسن الجوار[97].
لقد أشارت النصوص التاريخية الى عددٍ من النشاطات السرية للمنافقين والتي كانت تعرّض أمن وقدرة النظام الاسلامي للخطر. جدير بالذكر هنا، أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لم يكن يتعامل مع مثل تلك النشاطات بنوع ٍ من التسامح والرأفة. وهنا يتبادر سؤال الى الأذهان، هل يعدّ سبّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم ونظم شعر الهجو ضده مبرراً لقتل أفرادٍ مثل كعب بن اشرف؟ حسب النصوص التاريخية نقول وبكل ثقة أنه لم يحدث أن قتل شخص في زمن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بسبب إيذائه أو هجوه للنبي صلي الله عليه وآله وسلم، وهذا الأمر لم ينطبق على كعب وحده، بل شمل كل من هجا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وآذاه. إذن المبرّر لقتل كعب هو إحياؤه للعصبيات والاختلافات الجاهلية وتحريضه للقبائل والأحزاب الأخري على محاربة المسلمين ؛ فمثل هؤلاء المنافقين لم يكونوا في حالة سلم بل كانوا يترصّدون للمسلمين وينتهزون أقرب الفرص للإيقاع بهم. وبالتالي هم كانوا في حالة حرب وحكم المحارب هو الموت، ويعدّ كلام زوجة كعب خير دليل على هذا، فعندما أراد كعب الخروج من قلعته – في الليلة التي قتل فيها – عارضته زوجته قائلة له :«إنك امرؤٌ محارب، إنّ صاحب الحرب لا ينزل في هذه الساعة »[98].علي كلّ حال، لا نجد في قاموس الاسلام أن حكم المعارضين والمخالفين – غير المحاربين – هو القتل، ولقد تبرّأ رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من مثل هذا النوع من القتل أو الفتك أو مايسمّي في أيامنا هذه ب « الاغتيال»، وقال صلي الله عليه وآله وسلم في ذلك :« من أمن رجلاً على دمه فقتله، فأنا منه بريء وإن كان المقتول كافراً »[99] .
علي كلٍّ، استمرّ اليهود المنافقون في عنادهم غير العلني ضد الاسلام والمسلمين، وفي المقابل كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يدعو المسلمين الى التّحلّي بالحلم والصبر الى أن وقعت هذه الحادثة فعندئذٍ طفح الكيل : بعد غزوة بدر وفي سوق بني قينقاع، تعرّضت امرأة مسلمة الى التحرّش، وهذا ما دعا الى تأجيج مشاعر الحقد والبغضاء بين المسلمين واليهود . ولمّا ذهب رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم الى سوق بني قينقاع وحذّرهم من نقض المعاهدة التي أبرموها، هدّد اليهود بدورهم المسلمين باحرب وسفك الدماء[100]. وهنا أصدر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أمراً بالحرب ضدّ قبيلة بني قينقاع حتي لا يطمع اليهود ويعقدون الآمال على هزيمة المسلمين وحتي لا يتّحدوا مع أمثالهم من المنافقين والمشركين ضدّ المسلمين[101]. في الحقيقة، لقد كانت غزوة بني قينقاع بداية لباقي غزوات النبي صلي الله عليه وآله وسلم ضدّ ناقضي المعاهدة من يهود بني نضير وبني قريظة وخيبر.
3-2-4-المستضعفون
نشير الى أن هناك مجموعة أخري في معارضي الحكومة النبوية الإسلامية كانت آنذاك وهم المستضعفون. بعد دراسات عدة لآيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة حول مفهوم كلمة « مستضعف» نستنتج أن المستضعفين هم الاشخاص الضعفاء في الناحية الفكرية أو البدنية أو الإقتصادية. فالذين لا يستطيعون تمحيص الحق من الباطل هم ضعفاء في الناحية الفكرية والعقائدية[102]. والبعضي الآخر بإمكانهم معرفة العقيدة الصحيحة لكنهم وبسبب عجز في الجسم أو سوء الحالة المادية أو حتي أن الاخرين أو البينة التي تحيط بهم يفرضون عليهم قوانين تحدّ من نشاطاتهم أو تحركاتهم بحيث لايستطيعون أن يقوموا بواجباتهم أو مسؤولياتهم كما يجب[103]؛ أو حتي أنهم لا يقدرون على الهجرة، وهؤلاء نطلق عليهم مستضعفين في العمل[104]. وليس خارجاً عن هذا الإطار، فإن الرسول الكريم صلي الله عليه وآله وسلم كانت مهمته إيقاظ العقول النائمة في سباتها واستئصال جذور الجهل والغفلة. لذا، كان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم يبذل قصاري جهده في تعريف الأبعاد المختلفة للإسلام للمستضعفين[105]؛ ويعتبر أهل البادية مثالاً حياً لهذه المجموعة، وقد وصفهم القرأن الكريم فقال: « الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللّهَُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهَُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ »[106]. على كل حال، فإن معيار الأشخاص عنى رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم اسلامهم وليس قربهم أو بعدهم المناطقي أو إنتمائهم المكاني، وحتي أن أهل البادية كانوا قساوين مع غيرهم- من غير المعاندين للدولة الإسلامية- في الحقوق المدينة. ولقى أشار القرآن الكريم حول أهل البادية: « قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ...» [107]. ونتطرق هنا الى علّة نزول هذه الآية الكريمة،فلقد جاء أن مجموعة من قبيلة « بني أسد» في إحدي سنوات المجاعة والجدب التي حلّت بهم دخلوا المدينة ونطقوا بالشهادتين أمام رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم طمعاً في الحصول على مؤونة لهم وقالوا للنبي صلي الله عليه وآله وسلم: لقد ركبت قبائل العرب مراكبها وقاتلتك ولكن نحن جئنا مع نسائنا وأطفالنا ولم نحاربك. في الحقيقة أراد البدو أن يمنّوا على رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بعدم قتالهم له، وهناك نزلت الآية الشريفة في شأنهم وذكرت أن إيمانهم ظاهري فقط وقلوبهم خالية منه[108]. إذن، الله سبحانه وتعالى نفي الإيمان عن الأعراب ووضح أن الإيمان يكون في القلب « وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ» ولكن لا يجب علينا أن ننسي أنهم يعتبرون مسلمين.
في هذا السياق، لم يكن النبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم ليعتبر جهل الآخرين دليلاً على كفرهم، بل كان يحذّر أصحابه من أن يكفّروا الآخرين، وتعدّ قصة أسامة بن زيد مثالاً على هذا. لمّا رجع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من معركة خيبر، أرسل أسامة بن زيد على رأس مجموعة نحو قريةٍ في منطقة فدك يقطنها يهود وذلك بهدف دعوتهم الى الاسلام .عندما سمع رجل من اليهود يعيش هناك ويقال له مرداس بن نهيك فدكي بمجيء المسلمين، جمع أهله وماله وأودعهم في مكان آمن من الجبل، ومن ثمّ ذهب نحو أسامة وهو يردد الشهادتين:« أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدآً رسول الله». لكن لمّا اقترب مرداس عاجله أسامة بضربةٍ أودت بحياته.عقب عودة المجموعة، أخبر أسامة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بما جري، فأجابه صلي الله عليه وآله وسلم :« أقتلت رجلاًيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟!»
أجاب أسامة :« يارسول الله إنما قالها تعوّذاً من القتل. فردّ عليه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم :« ألا شققت قلبه فتعلم أصادق هو أم كاذب؟» وقد عني النبي بكلامه أن أسامة لم يعرف ما في باطن مرداس ولا حتي أن أسامة قبل بنطقه للشهادتين، فلم قتله؟ وهذا تقريع له على ما فعل[109]. وليس خارجاً عن هذا الإطار، اعتبر المفسرون تلك الحادثة، سبباً لنزول الآية 94 من سورة النساء[110]، فالآية الكريمة تصرّح أنه لا يحقّ للمسلمين أن يفتّشوا ما في باطن الناس، بل عليهم أن يكتفوا بالظاهر، فالله سبحانه وتعالى وحده يعلم ما في القلوب وهو مالكها وأمرها بيده وهو اللطيف الخبير[111].
وسنتطرّق الى نموذج آخر من سيرة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حول منع ظاهرة التكفيروذلك عبر الإطّلاع على قصة خالد بن الوليد. بعد أن فتح رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مكة، أرسل خالد بن الوليد مع 350 رجلاً من المهاجرين والأنصار ومن قبائل العرب أيضا : بني سليم، بن منصور وبني مدلج بن مرة وذلك لدعوة قبيلة بني جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة الى الاسلام. لقد تعمّد النبي صلي الله عليه وآله وسلم إرسال خالدٍ على رأس المجموعة وذلك على خلفية وجود أحقاد دفينة بين خالد وجذيمة منذ زمن الجاهلية، وأراد صلي الله عليه وآله وسلم بذلك أن يطمئن بني جذيمة وأن يعرف الجميع أن زمن الجاهلية قد ولّي، فلا يحقّ لأحدٍ قتل الآخر أو مؤاخذة قبيلته بجريمته بمجرّد حمل مثل هذه الأحقاد.لكن وللأسف، لم تعمل مجموعة خالد بن الوليد بأمر رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بل حملوا على بني جذيمة، فدبّ الرعب في قلوب القبيلة وأخذوا أسلحتهم. عندما وصل خالد إليهم، سألهم : كيف أنتم ؟ فقالوا: نحن مسلمون، نصلي ونصوم ونؤدي الزكاة ونصدّق بمحمدٍ صلي الله عليه وآله وسلم وقد بنينا مسجداً في حينّنا يسمع منه صوت الأذان . لكن كان ردّ خالد على هذا الجواب أنه خدع بني جذيمة بكلامه المعسول حتي وثقوا به ،عندئذٍ نزع سلاحهم وما لبث أن أمر جنوده بتكتيف وشدّ رجال بني جذيمة وضربَ رقاب بعضٍ منهم. وهنا اعترضت ثلّة من المهاجرين والأنصار على خالد وقالوا أنهم لن يقدموا على قتل رجال مسلمين، فطلب خالد شاهداً يشهد على إسلام الأسري، فقال أبو أسيد الساعدي : نحن نسمع إقرارهم بالإسلام ونري مساجدهم قائمة في منطقتهم[112]. لمّا وصل خبر تلك الحادثة التكفيرية الى مسامع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، رفع كلتي يديه الشريفتين الى السماء وقال:«اللهم إني أتبرّأ إليك مما فعل خالد ». عقب تلك الجريمة النكراء، أرسل النبي صلي الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام مع مالٍ لكي يدفع دية قتلي بني جذيمة ويؤدي إليهم تعويضاتٍ على ماحلّ بهم . عمل على عليه السلام بما أمره رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ولقد بقي شيء من المال، فاحتاط على عليه السلام وأعطاه لهم أيضاً وذلك حتي ترضي نفس الرسول الكريمة صلي الله عليه وآله وسلم.
علي خلفية مثل تلك الوقائع التي تساهم في نمو العقلية التكفيرية بين المسلمين والتي بدورها أقلقت رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم من تبعاتها المخربة والمفسدة، ذكر النبي صلي الله عليه وآله وسلم هذه الجملة في خطبة الوداع، فقال :« فلا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض »[113]. جدير بالذكرف أنه تمّ نقل أحاديث كثيرة عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في كتب الصحاح الستة جاء فيها أن معيار الإيمان هو الإقرار بالتوحيد، عدم الشرك، إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، الصوم، الحج و.... فلقد جاء في صحيح مسلم : الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان[114].
عند دراسة آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة عن كثب نستنتج أن بعض مسلميّ اليوم ولأسباب كثيرة قد كفّروا غيرهم من إخوتهم، وفي الحقيقة هذا التكفير خارج عن أصول الاسلام، بل هو حصيلة الاختلاف حول تطبيق تعاليم القرآن الكريم وسنّة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وكما كتب النووي في شرح مسلم:« إعلم أن مذهب أهل الحق : أنه لا يكفّر أحد من أهل القبلة بذنبٍ ولايكفّر أهل الأهواء والبدع، وأن من جحد ما يعلم من دين الاسلام ضرورة حكم بردته وكفره...»[115].
في هذا السياق، برّأ كثير من علماء الفرق والمذاهب الاسلامية الأشخاص الجاهلين من تهمة التكفير ولم يطلقوا عليهم لقب «كفّار» لمجرّد جهلهم، وقد جاء في خطاب أحمد بن حنبل لفرقة الجهمية، فقد قال : إن آمنت بمعتقداتكم، كفرت. لكني لن أكفّركم فأنتم في نظري مجرّد جاهلين[116].
3-2-5- حكام المنطقة ورؤساء القبائل
يعتبر رئيس وكبيرأي قوم رمزاً وعنواناً لقدرتهم وشوكتهم .لذا احترام رئيس أي طائفة هو بمثابة تكريم لكل أهل تلك الطائفة. ومن هنا، فبعد أن وهب الله تعالي الإنسان منصب خليفة الله وعدّه ممثلاً ومندوباً عن رب العالمين بين مخلوقاته ؛ وتبعاً لهذا المقام الرفيع، تمّ تكريم بني آدم، فقال الله تعالي:«ولقد كرّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحرورزقناهم من الطيبات وفضّلناهم على كثيرممن خلقنا تفضيلاً»[117]. من جهة أخري، فإن الله تعالي عرّف النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم في كتابه الكريم بعنوان شاهد على الأمة الإسلامية[118] وذكر في تكريم نبيه :« وماكان الله ليعذّبهم وأنت فيهم » يعني : يارسول الله مادمت أنت بين الناس فلن أغضب عليهم[119]. إذن نستنتج من الآية الشريفة أن حضور النبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم بين أمته، هو في الحقيقة حائل لنزول العذاب عليهم، والعكس صحيح، فعدم وجوده بينهم، دليل على أنهم يستحقون العذاب وذلك بسبب ذنوبهم. من جهة أخري، وصّي القرآن الكريم جميع المؤمنين بإهداء وتقديم السلام والصلاة على نبي الرحمة صلي الله عليه وآله وسلم:« إِنَّ اللَّهَ ومَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وسَلِّمُوا تَسْلِيمًا »[120].
فرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، كان يحترم ويكرم كبار ورؤساء القبائل تأسّياً بتعاليم القرآن الكريم، وذلك لحفظ مكانتهم ووجاهتهم في المجتمع، هذا من جهة، ومن جهة أخري ،كان احترام هؤلاء الأشراف المتعطّشين للقدرة مانعاً لإيجاد شرخ في المجتمع الإسلامي . وهنا نتطرّق الى قصة معاملة النبي صلي الله عليه وآله وسلم لأولاد حاتم الطائي، فهذه القصة تعدّ دليلاً واضحاً وجلياً عما أسلفنا ذكره . أرسل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام في سرية لتحطيم معبد فُلس للأصنام، والذي يعتبر من أهم المعابد عند قبيلة طي . عند وصول السرية، مالبث عديّ بن حاتم أن فرّ تاركاً أخته، فوقعت بنت حاتم أسيرة بيد سرية الاسلام . عندما علم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أن بنت حاتم من بين الأسري وأنها تطالب بإطلاق سراحها، عفا عنها صلي الله عليه وآله وسلم وأطلقها وحمّلها بالهدايا وأرسلها الى أخيها في الشام . عند وصول بنت حاتم الى الشام، أخبرت أخاها بمعاملة النبي الكريم لها، المعاملة التي كان ملؤها الرحمة والشفقة ودعته الى اعتناق الدين الجديد . قبل عدي بذلك ومن ثمّ تشرّف بلقاء النبي صلي الله عليه وآله وسلم . وهناك، استقبله رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم في بيته وأجلسه على عباءته، وحسب رواية أخري، ألقي بسجادة نفيسة وأجلس عدياً عليها ف ومن ثمّ حادثه وعرّفه بأصول وتعاليم الاسلام، فأسلم عدي . وبعد إسلامه كلّفه رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بجمع الزكاة في قبيلة طيّ . ومن ثمّ أعاده الى وطنه معزّزاً مكرّماً [121]. بعبارةٍ أخري، لقد كانت معاملة النبي صلي الله عليه وآله وسلم للحكام المتعطّشين للقدرة، معاملة تكريم واحترام وهذا جزء من سياسته الاستراتيجية صلي الله عليه وآله وسلم، فقد كادت تحدث أزمة فريدة من نوعها أثناء فتح مكة، لولا أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أعلن أن بيت أبي سفيان وهو كبير قريش، آمن، ومن يدخله فهو آمن . وبالتالي كانت تلك سياسته الحكيمة صلي الله عليه وآله وسلم والتي لا مثيل لها، كانت عاملاً من عوامل فتح مكة من دون حربٍ أو سفك للدماء [122].
ونبرد قصة أخري بعنوان نموذج على مثل هذا التعامل الكريم، قصة مخرمة بن نوفل.كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم جالساً في بيته إذ جاء مخرمة وطلب الإذن بالدخول. قال النبي صلي الله عليه وآله وسلم :هذا أسوأ رجل في قبيلته، فليدخل . لمّا دخل مخرمة، استقبله صلي الله عليه وآله وسلم بحفاوة وأجلسه مكانه. بعد مضيّ مدة، خرج مخرمة، فسألت عائشة النبي صلي الله عليه وآله وسلم : يا رسول الله أنت قلت عنه ما تكره، لكن معاملتك له كانت عكس ذلك؟! أجاب صلي الله عليه وآله وسلم:« إن شرار الناس يوم القيامة الذين يكرمون اتّقاء ألسنتهم»[123]. وهنا يمكن الإشارة الى تعريف المؤلّفة قلوبهم : وهم عدّة من أشراف العرب، كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يعطيهم من الغنائم وذلك لجذبهم وترغيب قومهم في الاسلام، وكل ذلك لتقوية شوكة الدّين الحنيف[124].
4- دراسة للاتجاهات العسكرية ضد المعارضين أثناء الحكومة النبوية
إنّ اللجوء الى القوة ونشوب معارك عدّة أثناء الحكومة النبوية كان له أثر إيجابي وأثر سلبي من حيث قوّة وشوكة وانتشار الاسلام. فمن جهة – وبشكل عام – تعتبر الحرب نوعاً من تحديد مصير شرعية الحكم، وكما نقل التاريخ القديم، تاريخ هيرودوت « تاريخ معارك مديك»، وفي تاريخ توسيديد « تاريخ حروب بلوبونزي »، وفي تاريخ بولي بيوس «تاريخ معارك بونيك»[125]؛ فكل تلك المعارك وغيرها تعتبر دليلاً على تحديد مصير الشعوب، ليس فقط على الصعيد السياسي، الاقتصادي والاجتماعي، بل إن الحروب بحدّ ذاتها تحدّد مسيرة العلوم والمعارف أيضاً. وعلي هذا الأساس، عندما ندرس البنية التركيبية لهذه الميول والاتّجاهات في دائرة القدرة في زمن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم ونجعلها تحت المجهر ( من دون الالتفات الى أسباب نشوب تلك الحروب)، نستنتج أن معركة بدر هي المنعطف الأساسي في تكوين الدّين الحنيف، بل وحتي ولادة الحضارة الاسلامية. فلو حدث وانهزم المسلمون في معركة بدر، لكان كلّ ذلك الجلال والسلطة والحضور الطاغي للنبي صلي الله عليه وآله وسلم والذي هابه العدو والصديق قد انهار في لحظة ؛ وهذا الأمر في حدّ ذاته كان سيعتبر كارثة لبداية ولادة الاسلام في العصر الجاهلي .
وننوّه هنا أن ماكس وبر لا يؤيد هذه المقولة وذلك أن المعارك والحروب كان لها يد طولي في ترسيخ سلطة الاسلام، بل إن وبر يعتقد أن المحاربين البدويين الذين حملوا رسالة الاسلام الأصلية قد استغلوا المذهب والدين لتسهيل الفتوحات العسكرية ولم يكونوا ليخضعوا – وهم أهل التقشف – أمام أيّ دين أو مذهب[126]. هذا والعكس صحيح، فالنبي الكريم صلي الله عليه وآله وسلم كان ينظر الى المعارك والحروب نظرةً سلبيةً، وكان يبذل قصاري جهده أن لا تشبّ حرباً أو على الأقل لا يكون هو البادئ بالحرب. ويعدّ صلح الحديبية تأييداً على صحة هذا الكلام. أثناء كتابة معاهدة صلح الحديبية، قبل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أكثر الشروط التي وضعها المشركون، على الرغم من أن تلك الشروط لم تكن عادلة في ظاهر الأمر، بل وحتي أنها لم ترق لكثير من الصحابة ولاقوا مشقّة بالغة في قبولها [127].
وهاكم نموذجاً آخر، بذل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مساعي جمّة للصلح مع خيبر وأرسل ابن رواحة اليهم ليعقد مفاوضات صلح معهم. في الحقيقة، كان الهدف من إرسال تلك المجموعة، هدفاً سلمياً بحتاً، لكن عندما قتل أسير – حاكم خيبر – ظنّ الكثيرون أن الهدف من إرسال ابن رواحة ومجموعته، كان قتل أسير وأصحابه، وللأسف، قد أيدت السّجلات التاريخية هذا الظنّ الخاطئ [128].
وفي السياق نفسه، تتجلّي لنا واقعة فتح مكة، فالإدارة الحكيمة التي كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يتمتع بها لمعالجة الأزمات، كانت مثاليةً بحق، فلقد جعلت من أبي سفيان ممثلاً عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بين أهل مكة، ودفعته أن يلقي السلاح ويقبل الاسلام . ولقد أيد القرآن الكريم هذا النوع من المعاملة الحسنة مع المعارضين، فقال سبحانه وتعالى :« ولا تستوي الحسنة والسّيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة ٌكأنّه وليٌّ حميم »[129] إذن، على الإنسان أن يدفع أذي الآخرين بأفضل الطرق ولا يقابلهم بالمثل، فنتيجة هذا الخلق الحسن تعود لصالح فاعلها وينقلب عدوّه صديقاً حميماً . الآية الشريفة تعلّم البشر أن يتحلّوا بسعة الصدر وحسن الخلق والمعاملة الطّيبة حتي مع من يخالفهم، بل وواجب على قادة المجتمعات الإسلامية أن يتزينوا بمثل هذه الأخلاق الكريمة السمحة[130].
وهكذا، فإنّ الاسلام دعا أتباعه الى حرية التفكير والابتعاد عن الجمود الفكري والعصبية وأراد منهم أيضاً أن يتكلّموا بحكمةٍ ودرايةٍ ويأتوا بأدلّة وبراهين على صحة أقوالهم، وأكد على أتباعه أن يطلبوا من مخالفيهم أن يسوقوا الأدلّة والحجج أيضاً ليثبتوا صحة حديثهم في المقابل[131].
لقد كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أسوةً حسنةً للمسلمين، وقد أشار القرآن الكريم الى ذلك. ففي جميع مراحل دعوته الكريمة، كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يستخدم أفضل الأساليب والطرق في التعامل مع المعارضين[132]. وجدير بالذكر أن أجداد النبي كانوا يشتهرون بالحكمة وحسن الدراية في التعامل مع الآخرين كذلك، ومن بينهم جدّ النبي صلي الله عليه وآله وسلم، عبد المطلب . فلم يرد في التاريخ أبداً أنه حدث نزاع أو حرب أثناء رئاسة عبد المطلب لقريش، والحادثة الوحيدة التي وقعت آنذاك هي هجوم أصحاب الفيل على مكة . أمّا الطريف في ذلك أن مكة أو أحداً من ساكنيها لم يناله أذي من الهجوم، بل العكس صحيح فعاقبة هجوم أصحاب الفيل على مكة ليست خافية على أحد، بل قلبت السحر على الساحر، وارتفع شأن مدينة مكة وأصحابها في أعين سائري العرب وغيرهم أكثر من قبل . ونعود الى عبد المطلب، فلقد ذكر أنه عندما يحصل نزاع ما، كان جدّ النبي يرجع الأمور الى الحكام – جمع حكم – ليفصلوا بين المتنازعين وبالتالي، كان يحول دون نشوب حرب أو إراقة الدماء . ونشير الى عددٍ من النزاعات التي حدثت في أيامه وتمّ الفصل بينها بكلّ حكمة ودراية : نزاع عبد المطلب مع قريش عند حفر بئر زمزم، الاختلاف الذي حصل مع قيس عيلان حول بئر في الطائف، الشقاق الذي حدث مع أمية بن عبد شمس حول اليهودي والذي هدر دمه وكان قد التجأ إليه وأصبح في ذمته[133].
علي كلٍّ، فإنّ القرآن الكريم قد أذن للمسلمين بالحرب، بل وحتي جعلها فرضاً عليهم في بعض الحالات مثلاً : دفع الظلم الواقع . لقد أيد القرآن الكريم هذا الأمر وأمر بالجهاد الى أن تستأصل جذور الظلم والضيم، حتي لو كان الظالم مؤمناً، أو حتي ولو أدّت الحرب الى سقوط أو الإطاحة بدولة الشخص الظالم :«وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الآخري فقاتلوا التي تبغي حتي تفيء الى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إنّ الله يحبّ المقسطين»[134].
ما ندركه من هذه الآية الشريفة، أنه إذا حدث نزاع بين مجموعتين أو فريقين من المؤمنين، فالأولي في البداية الإصلاح بينهما، لكن إن اعتدت إحدي الطائفتين على الأخري وانتهكت حقوقها، فهنا أمر سبحانه وتعالى بقتال الطائفة المعتدية الى أن تكفّ عن خرقها، فإن كفّت، اعقدوا الصلح بينهما وذلك تحت مظلّة العدل، والله سبحانه وتعالى يحب من يعدل ويقسط من عباده .
النتيجة :
في هذه الأيام نطلق كلمة معارض على كلّ من له أفكار مغايرة لأفكار رئيس أو حاكم زمانه . وكما ذكرنا سابقاً، فليس بالضرورة أن يهدف المعارض الى محاربة حاكم عصره، أو حتي أن يطيح بنظام حكمه، بل أحياناً يكون الهدف من المعارضة هو إعلان مخالفة الحاكم في طريقته في متابعة قضايا مختلفة ( سياسية، اقتصادية، اجتماعية وثقافية ) . إذن فحقّ النقد يعتبر من ضمن حرّية التعبير، وهو حقٌ لكلّ البشر، خصوصاً للمعارضين . فالنقد في حدّ ذاته يعدّ هادفاً وبنّاءاً ومحفّزاً للتطوير إن كان من قبل الأصدقاء، وإن كان من طرف الأعداء فهو معول هدمٍ . لكن من جهة ثانية، أثبتت التجارب أنّ الأعداء هم أفضل نقّادٍ في الحقيقة، وهذا يعود الى أن العدو لا ينظر الى الحكومة نظرة محبّةٍ أو شفقةٍ لها، كما يفعل الصديق، فعينا الصديق لا تريان الحقيقة كما يراها العدو، ومن جهة أخري، فإنّ كلّ شخص عرضة لارتكاب الأخطاء، فدائماً هناك من يخطئ وهناك من يصيب . إذن، النقد من جانب العدو يعتبر دافعاً قوياً لبروز أخطاء وعيوب النظام الحاكم على الساحة، والتي ربما بدوره يكون غافلاً عنها . وهنا، إن نظرت الحكومة الى الانتقادات نظرة صديقة وأنها لا تحمل دوافع تهديد لها، وتطرّقت الى الاهتمام ببلورة قضايا عصرها وتصرّفت بكل شفافية وصراحة ؛ لضيعت الفرصة على أعدائها ولرسّخت استحقاقها وشرعيتها في قلوب محبيها .
لقد احترم الله سبحانه وتعالى ومنذ بداية خلقته للكون حق النقد، سواء كان هذا النقد من الرئيس أو من المرؤوس، وألزم أصحاب القدرة والنفوذ بقبول الانتقاد الموجّه إليهم، وقد أشرنا سابقاً الى آيات مختلفة من القرآن الكريم تؤيد صحّة هذا الكلام . هذا، وقد كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وطبقاً لتعاليم الدين الحنيف، كان يستقبل جميع آراء معارضيه بصدرٍ رحب، وما كان صلي الله عليه وآله وسلم ينظر الى نقد الآخرين له نظرة تهديد أو خوف، أو أنه كان يفكر أن يموّه ويعتّم على حرية التعبير من قبل معارضيه، أو أن يصادر حقهم في التعبير بالبيان أو القلم، أو حتي أنه صلي الله عليه وآله وسلم فكر في سحقهم أو قمعهم لمجرّد معارضتهم له .
من جهة أخري، كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يولي اهتماماً بكلمة التوحيد فقط ولا يأبه بقائلها من هو، حتي ولو كانت هذه الكلمة صادرة من قبائل لا تدين بالاسلام .
وفي نفس الاطار، كانت الطوائف والأقليات الأخري تتمتع بحماية الحكومة الإسلامية مادامت تلك تحترم معاهداتها مع المسلمين، فضلاً عن معاملة الرسول الكريمة والحسنة لها . ونشير أيضاً الى أخلاق حميدة أخري لرسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وهي أنه كان يبرم معاهدات صلح مع الكفار غير الحاقدين، وكان من بنود تلك المعاهدات : الصلح والبعد عن المشاحنات والنزاعات، ولم يحدث أبداً أنه صلي الله عليه وآله وسلم كان البادئ بنقض تلك الأحلاف والمواثيق، ولكن على العكس تماماً، لو حدث أن الجهة المعاهدة الأخري مكرت ونقضت العهد، كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يواجهها بكلّ تشدد وصرامة وحزم وبعيداً عن أيّ تقاعس، فالمصالح العامّة للإسلام والاستقرار الأمني بالإضافة الى الحفاظ على سلطة وقدرة الدين الحنيف، كانت في سلّم أولوياته صلي الله عليه وآله وسلم . لقد تمسّك نبي الاسلام بآيات الوحي وعمل بها بحذافيرها، وقد منع تكفير الأشخاص المستضعفين وقليلي الوعي، والدليل على هذا أنه صلي الله عليه وآله وسلم حذّر المسلمين في حجة الوداع من أن يكفّر بعضهم بعضاً .
لقد كان رسول الرحمة صلي الله عليه وآله وسلم في غاية التسامح والرأفة عند قبول الآخرين اعتناق الدين الحنيف والدخول فيه، فضلاً عن أنه صلي الله عليه وآله وسلم كان يعفو عمن ارتدّ عن الاسلام وأظهر بعد ذلك ندمه وتوبته . بعبارةٍ أخري، بإمكاننا القول آنه من أهم الاتجاهات التي سلكتها السنّة النبوية الشريفة هو إيجاد بيئة مناسبة وحاضنة تتقبّل وجهات نظر وعقائد المعارضين بحسب اختلافها، وبالتالي نشأت بيئة أخري في المقابل ترعي النموّ الفكري والعقلي للأشخاص والذين بدورهم يدأبون البحث عن الحق وشغلهم الشاغل هو الوصول الى الحقيقة المنشودة .
الفهرس والمصادر
1. القرآن الكريم
2. ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغه، تحقيق: محمد ابوالفضل ابراهيم، بي جا، دار أحياء الكتب العربية، 1961م.
3. ابن الأثير، على بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دارالفكر،1409ق.
4. ابن الأثير،علي بن محمد، الكامل في التاريخ،تحقيق مكتب التراث، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي،1414ق.
5. ابن حبان، ابوحاتم محمد، صحيح، تحقيق شعيب الأرنؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1414ق.
6. ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبري، ترجمة مهدوي دامغاني، طهران، الفكر والثقافة، 1374 شمسية.
7. ابن سعد، محمدبن سعد، الطبقات الكبري،بيروت، دارإحياء التراث العربي،1405ق.
8. ابن سيد الناس، محمد،عيون الأثر في المغازي والسير، تحقيق ابراهيم محمد رمضان ،بيروت، دارالقلم،1414ق.
9. ابن شبة، ابو زيد عمرالنميري، تاريخ المدينة المنوّرة،تحقيق فهيم محمد شلتوت، قم، دارالفكر،1410ق.
10. ابن عبد البر، يوسف بن عبدالله بن محمد، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق على محمد البجاوي، الطبعة الأولي، بيروت دارالجيل، 1412ق .
11. ابن قتيبة، ابن محمد عبد الله بن مسلم، المعارف، قم، بي نا، 1373 شمسية.
12. ابن قيم الجوزية،ابوعبدالله شمس الدين محمد بن ابو بكر، زادالمعاد في هدي خير المعاد، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعبدالقادر الأرنؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة،1412ق.
13. ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دارالفكر، دارالإحياء التراث العربي، بي تا.
14. ابن هشام، عبدالملك بن هشام، السيرة النبوية، تصحيح مصطفي السقاء وابراهيم الابياري وعبد الحفية الشبلي، بيروت، دار المعرفة، بي تا .
15. ابن هشام،عبدالملك بن هشام، سيرة نبي الاسلام محمد صلي الله عليه وآله وسلم، ترجمة السيرة النبوية، المترجم:هاشم رسولي، طهران، كتابجي،1375 ش.
16. ابن همام صنعاني،عبدالرزاق، المصنف، الطبعة الاولي، بيروت، المجلس العلمي،1390ق.
17. ابو الفرج الأصفهاني،علي بن حسين، الأغاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بي تا.
18. أبوداوود، سليمان بن أشعث السجستاني الأزدي، سنن أبي داوود، بيروت، دارإحياء التراث العربي، بي تا.
19. اسلامي، حسن، الحكومة الدينية وحق النقد، طهران، مركز الدراسات الإسلامية وايران،1380 ش.
20. البخاري، محمد بن اسماعيل، صحيح البخاري، بيروت، دارالفكر،2011م.
21. البغدادي، محمدبن حبيب، المنمق في اخبار قريش، تصحيح خورشيد احمد فارق، دهلي، الموسوعة العثمانية،1384 ق.
22. البلاذري، احمد بن يحيي بن جابر، أنساب الاشراف، تحقيق سهيل زكار، بيروت، دارالفكر، بي تا.
23. ترنر، برايان اس، ماكس وبر والاسلام، دراسة نقدية، ترجمة سعيد وصالي، الطبعة الثالثة، طهران، دار مركز للنشر، 1390 شمسية.
24. جب، هاميلتون الكساندر راسكين، الإسلام، دراسة تاريخية، ترجمة منوجهر اميري، طهران، دارالعلم والثقافة للنشر، 1367 شمسية.
25. جمحي، محمد بن سلام، طبقات الشعراء، تحقيق طه احمد ابراهيم، بيروت، دارالكتب العلمية، بي تا.
26. الحاج حسن، حسين، حضارة العرب في عصر الجاهلية، بيروت، الموسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1417 قمري.
27. الحر العاملي، محمد بن حسن، وسائل الشيعة، الطبعة الاولي، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، 1409 ق.
28. حسكاني، عبيد الله بن عبدالله، شواهد التنزيل لقواعد التتفضيل، تحقيق محمد باقر محمودي، الطبعة الاولي، طهران، مجمع إحياء الثقافة الاسلامية، 1411 ق.
29. الحسني، هاشم معروف، سيرة المصطفي نظرة جديدة، بيروت، دار القلم، 1975م.
30. حكمت، على اصغر، تاريخ الاديان البدوية : الاديان البدوية الحية والمنقرضة في العالم وفي ايران منذ اول التاريخ الى الان، طهران، پژواك كيوان، 1387شمسية.
31. الحلبي، على بن برهان الدين، السيرة الحلبية، وهوالكتاب المسمي إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون، تصحيح عبدالله محمد خليلي، بيروت، دارالكتب العلمية، بي تا.
32. خامنئي، السيد علي، « بحث حول الصابئة »، فقه أهل بيت، 1417 ق، السنة الأولي، الرقم 4، صص 25-18.
33. خطيب شربيني، محمد بن احمد، مغني المحتاج الى معرفة ألفاظ المنهاج، بيروت، دارالفكر، بي تا.
34. دائرة الأوراق والمستندات الثقافية للثورة الإسلامية، صحيفة نور: مجموعة في وصايا الإمام الخميني، طهران، دائرة الأوراق والمستندات الثقافية للثورة الإسلامية،1361ش.
35. دهباشي، حميد، « السلطة الطاغية للنبيّ محمد صلي الله عليه وآله وسلم»، ترجمة : هدايت يوسفي، العلوم السياسية- جامعة باقر العلوم عليه السلام، خريف 1381، رقم 19، صص 51 ـ 70.
36. دهخدا، على اكبر، قاموس دهخدا، طهران، جامعة طهران، 1372شمسية.
37. ديار بكري، حسين بن محمد، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس، بيروت، مؤسسة شعبان، بي تا.
38. رضوي، سيد ابوالفضل،« بداية التأريخ وغلبة الاتجاه العسكري »، كتاب الشهر التاريخ والجغرافيا، مهر1386ش، رقم 113، صص 4-9
39. زرين كوب، عبد الحسين، « زندقة وزناديق»، في « لاشرقي ولا غربي، انساني»، طهران، دار اميركبير للنشر، 1353 الشمسيةً.
40. السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور في تفسير المأثور، قم، مكتبة آية الله مرعشي نجفي، 1404ق.
41. شهيدي، سيد جعفر، محمد صلي الله عليه وآله وسلم خاتم الانبياء، طهران، حسينية الارشاد، بي تا.
42. الشيخ مفيد، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، الطبعة الاولي، قم، مجمع الشيخ مفيد، 1413 ق.
43. صادقي، مصطفي، المواجهة السلمية للنبي صلي الله عليه وآله وسلم مع اليهود، تاريخ الاسلام، صيف 1379ش، رقم 2،صص7-27
44. الطبرسي، فضل بن حسن، اعلام الوري بأعلام الهدي، ترجمة محمد حسين ساكت، طهران،اساطير،1388ش.
45. الطبرسي، أحمد بن علي، الاحتجاج، طبعة جديدة، تحقيق: ابراهيم بهادري ومحمد هادي، إشراف:جعفرسبحاني تبريزي، قم، اسوة، بي تا .
46. الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دارالمعرفة، 1412 ق.
47. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري أو « تاريخ الرسل والملوكـ » ترجمة:أّبو القاسم باينده، طهران، اساطير،1362 شمسية.
48. العاملي، سيد جعفر مرتضي، الصحيح في السيرة النبي الاعظم، قم، جامعة مدرسي الحوزة العلمية، 1402قمري.
49. العاملي، سيدجعفر المرتضي، كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ترجمة سبهري، الطبعة الأولي، طهران، مركز الدراسات الثقافية والفكر الاسلامي،1391ش.
50. علي، جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، الطبعة الاولي، بيروت، دارالعلم للملايين، 1971م .
51. علي، صالح احمد، تاريخ العرب القديم والبعثة النبوية، ترجمة هادي انصاري، طهران، اميركبير،1384 شمسية.
52. غزالي، ابوحامد محمد، فيصل التفرقة بين الاسلام والزندقة، تحقيق: سميع زعيم، الطبعة الاولي، بيروت، دارالفكر، 1993م.
53. فخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دارالإحياء التراث العربي، بي تا.
54. قرباني، فرج الله، المجموعة الكاملة للقوانين والأحوال المدينة، طهران، دانشور، 1370 ش.
55. قصي حسين، أ.د، النقد الأدبي ومدارسه عند العرب، بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1429ق.
56. القمي،علي بن ابراهيم، تفسيرالقمّي، قم، دار الكتاب، 1367ش.
57. كافي، مجيد، « دراسة تاريخية للمجتمعات في عصر البعثة النبوية »، كلستان قرآن، مهر، 1380، قم 84، صص 67 ـ 73.
58. لك زائي، النجف، سيرة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من المجتمع الجاهلي الى المجتمع الإسلامي، الطبعة الثانية، قم، روضة الكتاب، 1385ش.
59. متقي هندي، على بن حسام الدين، كنز العمال، بيروت، مؤسسة الرسالة،1989م.
60. مسلم بن حجاج، صحيح مسلم، بيروت، دارالفكر،2003م.
61. مشكور، محمد جواد، خلاصة الاديان في تاريخ الاديان الكبيرة، الطبعة الرابعة، طهران، دارالشرق للنشر، 1369شمسية.
62. معين، محمد، قاموس اللغة الفارسية، الطبعة الثامنة، طهران، اميركبير، السنة 1371 شمسية.
63. المقدسي، مطهر بن طاهر، كتاب البدء والتاريخ، بيروت، دارالفكر، 1903 م.
64. المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي، امتاع الأسماع، تحقيق: محمد عبد الحميد النميسي ومحمد جميل غازي، القاهرة، دار الأنصار،1401ق.
65. مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، طهران، دارالكتب الاسلامية، 1374 شمسية.
66. الموسوي الهمداني، محمد باقر، ترجمة تفسير الميزان، قم، مكتب النشر الاسلامي لمجمع المدرسين،1374ش .
67. نائيني، محمد حسين، تنبيه الامم وتنزيه الملة، الحكومة من وجهة نظر الاسلام، تمهيد وتوضيح السيد محمود طالقاني، بي جا، بي نا، 1334 شمسية.
68. النووي، شرح صحيح مسلم، بيروت، دارالفكر،2004م.
69. الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق مارسدن جونس، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات،1409ق.
70. الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق محمد عبد القادر احمد عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1324ق.
71. هاشمي رفسنجاني ،علي أكبر، تفسير راهنما: الأسلوب الجديد في تقديم مفاهيم مواضيع القرآن الكريم، قم، روضة الكتاب، 1386ش.
72. ياقوت الحموي، ابوعبد الله ابن عبدالله، معجم البلدان، تحقيق:فريد عبدالعزيز الجندي، بيروت، دار الكتب العلمية،1410ق.
73. اليعقوبي، أحمد بن اسحاق، ترجمة:محمدابراهيم آيتي، طهران، العلمية الثقافية،1371ش.
1. Weber, Max, The Sociology of Religion ( trans. Ephraim Fischoff ), London,1965, p.260.
2. Izutsu, Toshihiko, The Structure of the Ethical Terms in the Koran, Tokyo,1959,ch.7.
3. www.vajehyab.com
[1] - استاذة في جامعةالمصطفي العالمية وطالبة دكتوراة في تاريخ الإسلام وكاتبة المقالةfsalavi2014@gmail.com
[2] -معين، محمد، قاموس اللغة الفارسية، الطبعة الثامنة، طهران، اميركبير، السنة 1371 شمسية، 1595/2.
[3] - دهخدا، على اكبر، قاموس دهخدا، طهران، جامعة طهران، 1372شمسية، 3037/2
[4]- www.vajehyab.com
[5] - قرباني، فرج الله، المجموعة الكاملة للقوانين والأحوال المدينة، طهران، دانشور، 1370 ش، ص 42
[6] - دائرة الأوراق والمستندات الثقافية للثورة الإسلامية، صحيفة نور:مجموعة في وصايا الإمام الخميني، طهران، دائرة الأوراق والمستندات الثقافية للثورة الإسلامية،1361ش،487/8.
[7] - اسلامي، حسن، الحكومة الدينية وحق النقد، طهران، مركز الدراسات الإسلامية وايران،1380 ش، ص73
[8] - نائيني، محمد حسين، تنبيه الامم وتنزيه الملة، الحكومة من وجهة نظر الاسلام، تمهيد وتوضيح السيد محمود طالقاني، بي جا، بي نا، 1334 شمسية، الصفحات 125 ـ 126
[9] - البقرة/37-30.
[10]- السبا/19-17.
[11] - الكهف/82-65.
[12] - الكهف/ 68: وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً:
[13] - النور/ 12: لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وقالُوا هذا إِفْكٌ مُبِين
[14] - البقرة / 104 : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ».
[15] - فخر الرازي، محمدبن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دارالإحياء التراث العربي، بي تا، 634 ـ 635 / 3.
[16] - ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت، دارالفكر، دارالإحياء التراث العربي، بي تا، 424/7.
17 - علي، صالح احمد، تاريخ العرب القديم والبعثة النبوية، ترجمة هادي انصاري، طهران، اميركبير،1384 شمسية، ص 280
[18] - مشكور، محمد جواد، خلاصة الاديان في تاريخ الاديان الكبيرة، الطبعة الرابعة، طهران، دارالشرق للنشر، 1369شمسية، ص 273.
[19] - المقدسي، مطهر بن طاهر، كتاب البدء والتاريخ، بيروت، دارالفكر، 1903 م، 33 ـ 31/4
[20] - ابن قتيبة، ابن محمد عبد الله بن مسلم، المعارف، قم، بي تا، 1373 شمسية، ص 621.
[21] - زرين كوب، عبد الحسين، « زندقة وزناديق»، في « لاشرقي ولا غربي، انساني»، طهران، دار اميركبير للنشر، 1353 الشمسيةً، صص 107ـ108.
[22] - غزالي، ابوحامد محمد، فيصل التفرقة بين الاسلام والزندقة، تحقيق: سميع زعيم، الطبعة الاولي، بيروت، دارالفكر، 1993م، ص 71
[23] - حكمت، على اصغر، تاريخ الاديان البدوية : الاديان البدوية الحية والمنقرضة في العالم وفي ايران منذ اول التاريخ الى الان، طهران، پژواك كيوان، 1387شمسية، صص 60ـ 61.
[24] - النجم / 19 ـ 23: « أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى،وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى،أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى،تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى،إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ... ».
[25] - سورة الاعراف / 158: « قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ».
[26]- ترنر، برايان اس، ماكس وبر والاسلام، دراسة نقدية، ترجمة سعيد وصالي، الطبعة الثالثة، طهران، دار مركز للنشر، 1390 شمسية.
[27] - دهباشي، حميد، « السلطة الطاغية للنبيّ محمد صلي الله عليه وآله وسلم»، ترجمة : هدايت يوسفي، العلوم السياسية، جامعة باقر العلوم عليه السلام، خريف 1381، رقم 19، صص 51 ـ 70.
[28]- برايان اس ترنر، ص 59
[29] - الحاج حسن، حسين، حضارة العرب في عصر الجاهلية، بيروت، الموسسة الجامعية للدراسات والنشر، 1417 قمري، ص 30.
[30] - العاملي، سيد جعفر مرتضي، الصحيح في السيرة النبي الاعظم، قم، جامعة مدرسي الحوزة العلمية، 1402قمري، 133/1.
[31] - Izutsu, Toshihiko, The Structure of the Ethical Terms in the Koran, Tokyo,1959,ch.7.
[32] - على ،جواد، المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام، الطبعة الاولي، بيروت، دارالعلم للملايين، 1971م، 83/4.
[33] - البغدادي، محمدبن حبيب، المنمق في اخبار قريش، تصحيح خورشيد احمد فارق، دلهي، الموسوعة العثمانية،1384 ق، صص 411 ـ 412.
[34] - ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغه، تحقيق: محمد ابوالفضل ابراهيم، بي جا، دار أحياء الكتب العربية، 1961م، 319/15
[35] - برايان اس ترنر، ص 39
[36] - جب، هاميلتون الكساندر راسكين، الإسلام، دراسة تاريخية، ترجمة منوجهر اميري، طهران، دارالعلم والثقافة للنشر، 1367 شمسية، ص 44.
[37] - كافي، مجيد، « دراسة تاريخية للمجتمعات في عصر البعثة النبوية »، كلستان قرآن، مهر، 1380، قم 84، صص 73-67.
[38] - البلاذري، احمدبن يحيي بن جابر، أنساب الاشراف، تحقيق سهيل زكار، بيروت، دارالفكر، بي تا، 223/1.
[39] - الطبري، محمدبن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دارالمعرفة، 1412 ق، 75/14.
[40] - النحل/ 41.
[41]- ابن هشام، عبدالملك بن هشام،السيرة النبوية، تصحيح: مصطفي السقاء وابراهيم الأبياري وعبدالحفيظ شبيلي، بيروت، دارالمعرفة، بي تا، 90/2.
[42] - الحجرات / 10
[43] - ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبري، ترجمة مهدوي دامغاني، طهران، الفكر والثقافة، 1374 شمسية، 224/1
[44] - الفتح / 29 : « وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ».
[45] - النور / 12: « لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ ».
[46] - الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق مارسدن جونس، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1409 ق، 435 ـ 426/2.
[47] - آل عمران/ 159: « ...وَ شاوِرْهُمْ فى الاَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ الله يحب الْمُتَوَكلِينَ».
[48] - مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، طهران، دارالكتب الاسلامية، 1374 شمسية، 143ـ 140/3..
[49] - حسكاني، عبيد الله بن عبدالله، شواهد التنزيل لقواعد التتفضيل، تحقيق محمد باقر محمودي، الطبعة الاولي، طهران، مجمع إحياء الثقافة الاسلامية، 1411 ق، 315/2.
[50] - الشيخ مفيد، محمدبن محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، الطبعة الاولي، قم، مجمع الشيخ مفيد، 1413 ق، 96ـ95/1.
[51] - الحر العاملي، محمد بن حسن، وسائل الشيعة، الطبعة الاولي، قم، مؤسسة آل البيت عليهم السلام، 1409 ق، 44/12.
[52]- شهيدي، سيد جعفر، محمد صلي الله عليه وآله وسلم خاتم الانبياء، طهران، حسينية الارشاد، بي تا، ص 406.
[53] - العاملي، سيد جعفر مرتضي، ترجمة كتاب الصحيح من سيرة النبي الاعظم،ترجمة سبهري، الطبعة الأولي، طهران، مركز الثقافة والفكر الإسلامي، 1391ش، 269/5.
[54] - مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1374ش، 385-384/1.
[55] - فخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دار احياء التراث العربي، بي تا، 635-634/3.
[56] - خامنئي، السيد علي، «بحث حول الصابئة»، فقه أهل بيت، 1417 ق، السنة الأولي، الرقم 4، صص 25-18.
[57] - المائده/ 33: إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ
[58] - الموسوي الهمداني، محمد باقر، ترجمة تفسير الميزان، قم، مكتب النشر الإسلامي لمجمع المدرسين، 1374 ش، 533/5.
[59] - قصي حسين، أ.د، النقد الأدبي ومدارسه عند العرب، بيروت، دار ومكتبة الهلال، 1429ق، ص 49.
[60] - ابو الفرج الأصفهاني،علي بن حسين،الأغاني، بيروت، دار إحياء التراث العربي، بي تا،354/4
[61]- المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي، امتاع الأسماع، تحقيق: محمد عبد الحميد النميسي ومحمد جميل غازي، القاهرة، دار الأنصار،1401ق،68 -67/1
[62] - ابن هشام ،المصدر نفسه،318-317/2
[63] - الطبري، محمد بن جرير،تاريخ الطبري أو « تاريخ الرسل والملوكـ » ترجمة:أّبو القاسم باينده، طهران، اساطير،1362 شمسية،1174/3
[64] - ابن هشام ،403-402/2
[65] - ابن عبد البر، يوسف بن عبدالله بن محمد، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق على محمد البجاوي، الطبعة الأولي، بيروت دارالجيل، 1412ق، 214-213/10
[66] - السيوطي، جلال الدين، الدر المنثور في تفسير المأثور، قم، مكتبة آية الله مرعشي نجفي، 1404ق،68/5
[67] - الأنبياء/107
[68] - ابن عبد البر، المصدرالسابق، 669/2
[69] - الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق مارسدن جونس،بيروت ،مؤسسة الأعلمي للمطبوعات،1409ق،105/1
[70] - متقي هندي، على بن حسام الدين، كنز العمال، بيروت، مؤسسة الرسالة،1989م، 760/10
[71] - آل عمران/90:« إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ »
[72] - الأنعام/93:« وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ الى وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آَيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ »
[73] - ابن عبد البر، المصدر نفسه، 918/3
[74] - ابن هشام،المصدر نفسه، 501/1
[75] - أبوداوود، سليمان بن أشعث السجستاني الأزدي، سنن أبي داوود، بيروت، دارإحياء التراث العربي،بي تا،231/3
[76] - سورة النحل/125 :« ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ...»
[77] - الطبرسي،أحمد بن علي،الاحتجاج، طبعة جديدة،تحقيق:ابراهيم بهادري ومحمد هادي،إشراف:جعفرسبحاني تبريزي،قم، اسوة،بي تا ،27/1
[78] - التوبة/29:« قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ »
[79] - ياقوت الحموي، ابوعبد الله ابن عبدالله، معجم البلدان، تحقيق:فريد عبدالعزيز الجندي، بيروت، دار الكتب العلمية،1410ق،17/2
[80] - الحلبي،علي بن برهان الدين، السيرة الحلبية:وهو الكتاب المسمّي انسان العيون في سيرة الأمين والمأمون، تصحيح عبدالله محمد خليلي، بيروت ،دارالكتب العلمية، بي تا،117/3
[81] - ابن قيم الجوزية،ابوعبدالله شمس الدين محمد بن ابو بكر،زادالمعاد في هدي خير المعاد، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعبدالقادر الأرنؤوط، بيروت،مؤسسة الرسالة،1412ق،537/3
[82] - الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق:مارسدن جونس، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات،1409ق،1032/3
[83] - ديار بكري،حسين بن محمد، تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس، بيروت، مؤسسة شعبان، بي تا،128/2
[84] - ياقوت الحموي، المصدرالسابق،1410ق،78/2
[85] - ابن الأثير،علي بن محمد، الكامل في التاريخ،تحقيق:مكتب التراث، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي،1414ق،646/1
[86] - الواقدي، المصدر السابق،985/3
[87] - آل عمران/64:« قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ »
[88] - اليعقوبي،أحمد بن اسحاق،ترجمة:محمدابراهيم آيتي،طهران،العلمية الثقافية،1371ش،444-442/1
[89] - الواقدي، المصدر نفسه،1409ق،755/2
[90]- ابن هشام،عبدالملك بن هشام، سيرة نبي الاسلام محمد صلي الله عليه وآله وسلم، ترجمة السيرة النبوية، المترجم:هاشم رسولي، طهران، كتابجي،1375 ش،198/2
[91] - ابن هشام،المصدر نفسه،337-334/2
[92] - الطبرسي، فضل بن حسن، أعلام الوري بأعلام الهدي،ترجمةمحمد حسين ساكت،طهران،اساطير،1388ش،ص151
[93] - ابن شبة،ابو زيد عمرالنميري،تاريخ المدينة المنوّرة،تحقيق فهيم محمد شلتوت،قم،دارالفكر،1410ق،452/2
[94] - جمحي،محمد بن سلام،طبقات الشعراء،تحقيق طه احمد ابراهيم،بيروت،دارالكتب العلمية،بي تا،ص107
[95]-العاملي،سيدجعفر المرتضي،كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم،ترجمةسبهري،الطبعة الأولي،طهران،مركز الدراسات الثقافية والفكر الاسلامي،1391ش،42/3
[96] - الواقدي، المصدر نفسه،187/1
[97] - ابن همام صنعاني،عبدالرزاق، المصنف، الطبعة الاولي، بيروت، المجلس العلمي،1390ق،204/5
[98] - ابن سيد الناس، محمد،عيون الأثرفي المغازي والسير، تحقيق ابراهيم محمد رمضان ،بيروت،دارالقلم،1414ق،351/1
[99] - ابن حبان، ابوحاتم محمد، صحيح، تحقيق شعيب الأرنؤوط، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1414ق، 320/13
[100] - الواقدي، محمد بن عمر، المغازي، تحقيق محمد عبد القادر احمد عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، 1424ق، 165/1
[101] - الحسني، هاشم معروف، سيرة المصطفي نظرة جديدة، بيروت، دار القلم، 1975م، ص 379
[102] -القصص/4
[103] - النساء/ 75 والنساء/ 98
[104] - مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1374ش،88-87/ 4.
[105] -النحل/44: ...وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
[106] -التوبه/97
[107] -الحجرات/14: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ...
[108] - مكارم شيرازي، ناصر، تفسير نمونه، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1374ش،210/22.
[109] - القمي،علي بن ابراهيم، تفسيرالقمّي، قم، دار الكتاب، 1367ش،148/1
[110]- النساء/94:« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا »
[111] - الموسوي الهمداني، محمد باقر،ترجمة تفسير الميزان ،قم، دار ومكتب النشر الاسلامي لمجمع المدرسين،1374ش ،492-491/18
[112] - الواقدي، محمد بن عمر،المغازي،تحقيق محمد عبدالقادر احمد عطا،بيروت، دارالكتب العلمية،1424ق،879-878/3
[113] - البخاري، محمد بن اسماعيل،صحيح البخاري، بيروت،دارالفكر،2011م،413/1
[114] - مسلم بن حجاج،صحيح مسلم، بيروت،دارالفكر،2003م،33/1
[115] - النووي،شرح صحيح مسلم،بيروت،دارالفكر،2004م،134/1
[116] - خطيب شربيني،محمد بن احمد،مغني المحتاج الى معرفة ألفاظ المنهاج، بيروت،دارالفكر،بي تا، 36/4
[117] - الإسراء/70
[118] - البقرة / 143 : « وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا»
[119] - الأنفال/33
[120] - الأحزاب/56
[121] - ابن هشام، عبدالملك بن هشام، السيرة النبوية، تصحيح مصطفي السقاء وابراهيم الابياري وعبد الحفية الشبلي، بيروت، دار المعرفة، بي تا، 600/2
[122] - ابن هشام، المصدر السابق،403-402/2
[123] - ابن الأثير، على بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دارالفكر،1409ق،350/4
[124] - ابن سعد، محمدبن سعد، الطبقات الكبري، بيروت، دارإحياء التراث العربي،1405ق،153/2
[125] - رضوي، سيد ابوالفضل،« بداية التاريخ وغلبة الاتجاه العسكري »، كتاب الشهر التاريخ والجغرافيا،مهر1386ش،رقم 113، صص 4-9
[126] - Weber, Max, The Sociology of Religion ( trans. Ephraim Fischoff ), London,1965, p.260.
[127] - الحلبي، على بن برهان الدين، السيرة الحلبية، وهوالكتاب المسمي إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون، تصحيح عبدالله محمد خليلي، بيروت، دارالكتب العلمية، بي تا، 31/3.
[128] - صادقي، مصطفي، المواجهة السلمية للنبي صلي الله عليه وآله وسلم مع اليهود، تاريخ الاسلام ،صيف 1379ش،رقم 2،صص7-27
[129] - سورة فصلت/34
[130] - هاشمي رفسنجاني ،علي أكبر، تفسير راهنما: الأسلوب الجديد في تقديم مفاهيم مواضيع القرآن الكريم، قم، روضة الكتاب، 1386ش، 309/16
[131] - البقرة/ 111:« قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ»
[132] - الأحزاب/21:« لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا»
[133] - لك زائي، النجف، سيرة النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم من المجتمع الجاهلي الى المجتمع الإسلامي، الطبعة الثانية، قم، روضة الكتاب، 1385ش، ص 194.
[134] - الحجرات/9