دعوة إلى التعايش بين المذاهب الإسلامية
دعوة إلى التعايش بين المذاهب الإسلامية
الشيخ أحمد علي الصيفي
رئيس مركز الدعوة الإسلامية لأمريكا اللاتينية بالبرازيل
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين وآل بيته وأصحابه الطاهريين الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
لقد كنت سعيدا جدا بدعوتكم لنا فضيلة العلامة محمد علي التسخيري للمؤتمر الدولي الرابع والعشرين للوحدة الإسلامية تحت عنوان (الأساليب الفكرية والعملية لتحقيق التقريب بين المذاهب الإسلامية ) 19-21 فبراير/شباط2011 وبمشاركة كوكبة من علماء ومفكري العالم الإسلامي وذلك بمناسبة مولد الرسول الأعظم سيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وحفيده الإمام الصادق عليه السلام وأسبوع الوحدة الإسلامية. ونحن إذ نتقدم لمؤتمركم بهذا البحث المتواضع تحت عنوان: (دعوة إلى التعايش بين المذاهب الإسلامية) راجين من الله تعالى أن يكتب له القبول والنفع في تحقيق أهداف مؤتمركم وأن يتقبل منا ومنكم، ولكم منا ألف شكر ومحبة وتقدير، ودمتم في رعاية الله وحفظه، والله ولي التوفيق والقادر عليه.
دعوة إلى التعايش بين المذاهب الإسلامية
انطلاقاً من أهمية الحوار بين أتباع الأديان والحضارات والثقافات والمذاهب الإسلامية المختلفة ينبغي على عقلاء العالم مسابقة الزمن في تجديد الحقل الديني الإسلامي لمواكبة تغيرات الزمان والمكان ولحفظ المصالح المرسلة للناس، مجاراتا لمستحدثات هذا العصر، وهذا الأمر هو من صميم مقاصد ديننا الحنيف الذي حمل بين جوانحه قيما وأهدافا وقوانينا عدة مهمات، عملت على نشره في بلاد العالم أجمع شرقه وغربه، ولعل من أشهر هذه القيم والقوانين؛ قيم الحوار والتسامح واللين.. وهناك العشرات من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي تشهد على ذلك منها قوله تعالى:" "خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"(199) الأعراف، وقوله تعالى:( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)(النحل125) وقوله تعالي: ((وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)) الانعام،الاية 17. وهذا فيما يتعلق بالحوار والتعايش بين أبناء الديانات السماوية عامة، فما بالنا نحن المسلمين، قرآننا واحد، وربنا واحد، ونبينا واحد. كيف يعقل أن نخاصم بعضنا بعضا ونحارب بعضنا بعضا..!! ورسالة الإسلام تدعو إلى التعايش الإيجابي بين الشعوب والبشر جميعا بصرف النظر عن ألوانهم ومعتقداتهم وأوطانهم، روى الإمام البيهقي، من حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، خطب في خُطبة الوداع، في أوسط أيام التشرق، فقال: "يا أيها الناس: إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى".
الفضل إذاً يأتي بالإيمان بالله تعالى وحده وتقواه عز وجل كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، والمؤمن أخ المؤمن قال تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10). ومن هذا المبدأ فإن كل من آمن بالله ربا وبمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رسولا وبالقرآن الكريم كتابا فهو أخ لي بالدين والعقيدة وله علي حقوق ولي عليه أخرى، والله سبحانه وتعالى وصاني به ووصاه بي وجعل بيننا هذه الرابطة القوية، رابطة الإيمان ورابطة الأخوة. ورسولنا الكريم أقام الدليل القاطع على حقيقة الأخوة الإيمانية وتقديمها على كل أمر من الأمور الأخرى.. فها هو رسول الله يؤاخي بين المهاجرين والأنصار.. وبين الأوس والخزرج.. وأخذ ينمي هذه الأخوة ويدعمها بأقوال وأفعال منه تؤكد هذه الحقيقة الغالية ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) [مسلم (45) وقوله: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) [مسلم (2586)]. إلى غير ذلك من الأحاديث التي تقوي هذه الرابطة..
والأخوّة هي: التي عقد الله سبحانه وتعالى لواءها، وتدخّل لتحقيقها بين المؤمنين، لأهميّتها في رفع لواء الإسلام وحَمْل الأمانة التي أودعها جل شأنه في هذه الأمة ولدى أبنائها البررة:
(وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لأنفال:63).
ثالثاً: حقوق الأخوّة في الله عز وجل
وهنا نؤكّد على أنّ للأخوّة حقوقاً ينبغي مراعاتها بين الإخوة، لأنهم بذلك يعبّرون عن جوهرها التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بالتمسّك به ومراعاته، لتكون الأخوّة انعكاساً حقيقياً لإيمانٍ صادقٍ مرهفٍ بالله عز وجل، ومستقبل مزهر لهذه الأمة.
من هذه الحقوق:
1- الولاء والنصرة والمحبّة:
المحبّة والنصرة: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ..) (لأنفال: من الآية 72).
(المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيان يَشُدّ بَعضُهُ بعضاً..) (متفق عليه).
2- المواساة:
بدءاً من الكلمة الطيبة.. وانتهاءً ببذل الوقت والمال والمتاع، في سبيل استمرار أواصر الأخوّة بين المؤمنين، ولنا في الأنصار الذين ناصروا رسولَ الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومَن هاجر معه إلى المدينة.. عبرة عظيمة، فقد قدّم الأنصار لإخوانهم المهاجرين المال والمأوى وكل ما يمكن تقديمه من متاع الدنيا:
(وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9).
3- الرحمة:
فلا خير في أخوّةٍ لا تكون الرحمة جوهرها، ولا خير في إخوانٍ لا تكون الرحمة أساس التعامل فيما بينهم: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً..) (الفتح: من الآية29).
(مَثَلُ المؤمنين في تَوادّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ، تَداعى له سائر الجسدِ بالسهرِ والحمّى) (متفق عليه).
أما بالنسبة لمعاملاتنا مع الديانات الأخرى فقد جاء في الحديث: "الناس بنو آدم وآدم من تراب" فديننا الإسلامي يعترف بوجود الاختلاف بين المجتمعات والأفراد والمعتقدات. كما يقر بشرعية ما للغير من وجهة نظر ذاتية قد تكون مخالفة للحق والصواب والمنطق والدين وذلك ما هو واضح في سورة الكافرون بقوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) فمجتمعاتنا البشرية اليوم بحاجة إلى أن تتحاور؛ لأن الحوار في فلسفة الإسلام له أهمية فائقة؛ بل هو أول وآخر شيء في الدعوة إلى طريق الخير والفلاح والهداية؛ سيما إذا كان الهدف منه هو إيصال الحق إلى القلوب وتفكيك جيوب الخلاف والصراع والتقاتل والتنافر.. لذلك يبقى الحوار هو الأمل الوحيد الذي يمكن من خلاله أن نصل إلى شاطئ الأمان والسلام والاستقرار، ومن يدعي غير ذلك فهو مخطئ.
إن المتمعن في خريطة العالم المعاصر، وما تعرفه الساحة الدولية من تصدعات وصراعات ظاهرة وباطنة؛ من جراء أحداث 11سبتمبر الأليمة والتي ندينها بشدة وندين غيرها سواء مقنّعة بغلاف دينيي أو سياسي أو ثقافي.. فالإرهاب لا له دين ولاملة..! ورغم محاولات الرئيس الأمريكي السابق "ريتشارد نيكسون" و"صامويل هنتغتون" و"فرنسيس فوكوياما" إلصاق التهم بدين الإسلام؛ معتبرينه في كتاباتهم دين الإرهاب والبربرية والوحشية والظلام والفاشية..هؤلاء للأسف بنظرياتهم السلبية تجاه الإسلام والمسلمين يكونون قد وقّعوا للولايات المتحدة الأمريكية شيكا على بياض استعملته كرصيد ضد محاربة ما تسميه بالإرهاب الإسلامي؛ بغية السيطرة على العالم أجمع وضبط إيقاعاته ونغماته وأنفاسه، وفرض نمط الحياة الغربية عليه؛ وتكريس التبعية الثقافية والحضارية والاقتصادية للمستضعفين في أرض الله الواسعة.. وهو ما ينذر بالدخول في دوامة من الصراعات والحروب؛ ربما تمتد لأزمنة بعيدة وقد تشرّع الأبواب أمام مسلسل إرهابي طويل المدى قد لا ينتهي بتقسيم العالم إلى طائفتين متقاتلتين فحسب؛ بل قد ينتهي بتدمير هذا العالم على رؤوس أطرافه المتصارعة؛ وهذا يقودنا إلى التساؤل عن طبيعة الصورة التي رسخت في أذهان الغربيين عن الحضارة الإسلامية والعربية إبان الحادث ؟ والجواب بسيط تجده في "الإسلاموفوبيا "التي تنتشر في البلاد الغربية بوتيرة متصاعدة متمثلة في اليمين المتطرف الذي اصبح يضيق صدره لرؤية محجبة تمر مرور الكرام عبر شوارعه وأزقته وأسواقه..؟!! أو رؤية فقير مسلم لم يجد ثمن شفرة لحلاقة لحيته..؟!! وفي هذه الأجواء المكفرة القاتمة بغيوم الكره والبغض والتقاتل والتناحر يأتي الحوار الإسلامي الإسلامي؛ ليس كشأنا لاهوتيا أوسجالا فكريا أو ترفا معرفيا ونظريا بل هو ضرورة وحاجة وواجب شرعي في عالم اليوم، يحتّم على العقلاء من المسلمين ومن المذاهب الإسلامية المتنوعية التفكير جديا في بلورة مشروع إسلامي إنساني وتاريخي مشترك يعيش تحت كنفه جميع أبناء الله تعالى ومخلوقاته بغض النظر عن معتقداتهم وألوانهم وجنسياتهم؛ لأنه لم يعد مقبولا أبدا في خضم هذه الصراعات الاكتفاء بشكليات وبروتوكولات بين الدول الإسلامية وزعمائه وهيئاته الرسمية والشعبية، أو بعلاقات تنصيب السفراء هنا وهناك؛ بل يجب ان يرقى هذا الحوار إلى مستوى أفضل بكثير؛ لما للمذاهب الإسلامية من تاريخ طويل وعريق امتد منذ عشرة قرون ونيف، التقوا مرارا في ساحات التاريخ ومفترقاته، لكنهم وللأسف لم يتعارفوا إلا قليلا ولم يتصافوا إلا نادرا وظلوا إخوة غرباء في بيت أبيهم آدم ونبيهم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)....وفي هذا البيت النبوي الشريف، والمدرسة النبوية الكريمة.. مدرسة القرآن والحديث والشرف والعفة والطهارة والعلم والفقه والحكمة والهدى.. تخرج منها وتتلمذ عليها أصحاب المذاهب الإسلامية المتنوعة وفي طليعتهم المذاهب الإسلامية الخمسة المعتبرة عند أغلبية المسلمين في العالم ومنهم المذهب الإمامي الجعفري وهو من أشهر مذاهب الشيعة الإمامية، وأكثرها ظهوراً على الساحة الإسلامية، وينسب إلى الإمام: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه). وكان قد غلب لفظ الشـيعة بعد عصر الـرسول محمد صلى الله عليه و سلم على من يـوالي الإمام علياً وأهل بيـته، ويعتـقد بإمامته ووصايته، ويظـهر ذلك من خلال كلمات المؤرخين وأصحاب المقالات.
وقد ولد الإمام "جعفر الصادق" عام 80 للهجرة النبوية، وقيل إنه ولد عام 83، بالمدينة المنورة قبل ذلك التاريخ، وهي السنة التي ولد فيها تلميذه الإمام أبو حنيفة النعمان بن ثابت، فقيه العراق. وكان قد نشأ وترعرع بالمدينة المنورة، مكان مولده ومقر تربيته وتعلمه، حيث كانت آثار الصحابة (رضوان الله عليهم) بها قائمة، ويوجد فيها أكثر وأكبر التابعين.
وكان قد أخذ علمه عن كبار التابعين، كما أخذ عن الكثير من فقهاء عصره، وزاده غزارة علم ومقدرة بما كسبه عن والده الإمام العالم الجليل، الملقب بالباقر بن زين العابدين، وما أخذه وتدارس فيه مع عمه الإمام زيد ابن علي. وبما أن الروايات التاريخية قد أثبتت أنه أدرك جده زين العابدين، فإنه لاشك كان قد أخذ عنه، وأنه استزاد من علمه ومعارفه، واستزاد من فضائله، مما جعله نبراس هدي وعلم، كما جعله إماماً به يقتدى، وعلى علمه يعتمد، وقد اشتهر بأنه ممن حافظ على رواية أهل البيت، كما اكتسب أيضاً من القاسم بن محمد حامل عِلْمِ عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها)، وممن لقي من فقهاء التابعين علماً وفضلاً، وبلا ريب فإنه لم يبلغ ذروة العلم والفضل، إلا لأنه اغترف من منبعه حتى صار علماً يقتدى به، لذلك فقد خلّف من العلم ما يذكر به، وترك لمن خلفه من الذكر والمَثَلَ ما نحن أحوج إلى معرفته.
وتنحصر أدلة التشريع لدى فقهاء الإمامية الجعفرية ومجتهديها في أربعة مصادر، هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، وفيه إجماع المعصومين لديهم، والعقل، والمقصود به: إعمالُ العالِم المتبحر المختص عقله في البحث والتنقيب عن الدليل الشرعي، من موارد التشريع الثلاثة السابقة..وليس من اليسير الحكم بأن علماء المذهب الجعفري كانت لهم مسائل فقهية أو فكرية اجتهادية خارجة عن ثوابت فقه الإمام جعفر وقواعده، ولا متعارضة كلياً مع كل ما عليه بقية الفرق الإسلامية، إلا ما ثبت من اجتهادات الإمام الصادق جعفر بن محمد، ومن مراجع البحث، نجد أن أغلب مسائل المذهب الإمامي الجعفري الفقهية الاجتهادية الثابتة: قريبة من منهاج فقه أهل السنة، ولا يوجد بينها وبين المذاهب السنية، والفرق الشيعية الأخرى، فوارق فقهية كبيرة، حيث لا يصل هذا الاختلاف إلى جوهر الدين والعقيدة الإسلامية.
وحيث إن الإمام جعفر كان قد أخذ عنه وتتلمذ على يديه الإمام أبو حنيفة، والإمام مالك، وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، في أصح الروايات، فإنه مما لا شك فيه أن فقه الإمامين أبي حنيفة ومالك، صاحبي المذهبين المشهورين، قريبٌ من فقه المذهب الجعفري ومستنبط من مصادره، مما يعني ويؤكد وبكل جلاء ووضوح: أن مسألة التقريب بين المذاهب، ليست ممكنة التنفيذ فحسب، بل إنها سهلة التحقيق، لاسيما في إطار هذه الاستراتيجية ومنطلقاتها، المرتكزة على أصول وثوابت إسلامية، وبما يؤكد أن المذهبية الإسلامية والتعددية الفكرية، إنما هي مزرعة لنماء الفكر الإسلامي، وأرضية مقبولة محمودة لخصوبة الفقه الاسلامي وتطويره وشيوعه، وتجدده بتجدد الزمان والمكان، وثبات صلاحيته لمواجهة كل مستجدات حياة الإنسان المسلم وتطورها. وعلى مدار البحث، فإنه ينبغي الانتباه إلى أن الخلاف الفقهي ليس خلافاً بين طرفين متباينين، سنة وشيعة، بل هو اختلاف بين مدارس فقهية، نهجُها واحد، كذلك فهو اختلاف علمي وليس بين المسلمين اليوم اختلاف علمي غير هذا..وعليه فلا يختلف مذهب الشيعة الإمامية عن غيره من المذاهب الاجتهادية الفقهية المنتشرة في ربوع العالم الإسلامي، إلا في أحكام ومسائل ظنية، شملتها فروع الأحكام الفقهية وبعض المسائل الأصولية، وغالبها إن لم نقل كلها، من المسائل التي يمكن أن يكون الخلاف فيها أحياناً أوسع مدى بين مذاهب أهل السنة ذاتها، والتي على أساسها نشأت المذاهب وتفرعت مفاهيم التشريعات إلى فرق وطوائف، بينما هي في جوهرها الصحيح المنزل من عند الله، لا تقبل التفريع ولا هي في كلياتها تقبل التجزؤ، لأنها نزلت محكمةً من رب واحد، وفرضت من حكيم حميد، عالم عليم. ومن ذلك المنطلق ومن مرجع مصدر التشريع الإسلامي الواحد وهو القرآن الكريم الذي جاء على لسان سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، فإن عوامل التقارب بين مجمل المذاهب وأسبابها سهلة المنال وغير مستبعدة التحقيق، كما أنها ليست مستعصية، ولا هي في حكم المستحيل، لأن المذاهب كلها تتفق وتلتقي في الجوهر والمقصد، وإن اختلفت في المظهر والطرائق، مما يؤكد أن مسائل الاتفاق بين المذاهب الإسلامية، أكثر بكثير من مسائل الاختلاف، وأن روابط الوحدة أقوى وأمتن.
وبالرجوع إلى مصادر مذهب الشيعة الجعفرية وفقهها، نجد الحكم في أغلب القضايا والمسائل الخلافية، يلتقي فيها مذهبهم مع مذهب آخر من المذاهب الإسلامية السنية، سواء ثبت ذلك في جزء من المسألة، أو في كلها، كما أنك لا تجد تناقضاً أو تبايناً كلياً بين مذهب و آخر.
ومن أمثلة الاختلافات الفقهية، التي سيطرت على الساحة العلمية الإسلامية في العصر الأخير، مسألة القبول بالاجتهاد، باعتباره عند الشيعة الجعفرية وغيرها من المذاهب ملزماً وبشروط، بينما الصورة المتوارثة عن بعض المتأخرين من أتباع أئمة المذاهب السنية، أنهم يلزمون أنفسهم بالرأي القائل: بأن باب الاجتهاد قد أقفل بأئمة الفقه الأربعة. وبالتتبّع والتحقق والتمحيص الدقيق، بحثاً عن دليل لهذا الرأي، فإنه لم يثبت نص مروي، أو حتى نقل عن أي من الأئمة الأعلام بهذا المعنى، فليس هناك ما يثبت إقفال باب الاجتهاد، لذلك فإقفاله لدى المتأخرين، هو رأي لاحق لعصر الأئمة المشاهير، وبما أنه مجرد رأي لا دليل عليه، فإنه ليس ملزماً لأي مذهب، بل إنه مخالف لمنهج الإسلام ومردود لأثره السلبي على تطور الفكر الإسلامي، وإشاعته للجمود الفقهي، والحد من التوسع العلمي، الذي اشتهر وتميز به الفكر والفقه الإسلاميان. ومن هذا المنظور فإن التقليد لا يتناسب ومستجدات العصر، ولا يوفر للقواعد الفقهية الإسلامية والأصول التشريعية صلاحيتها لكل زمان ولكل مكان.
ونجد من أهم نقط الالتقاء بين الشيعة الإمامية الجعفرية والزيدية مع أئمة المذاهب السنية المشهورة، دعوتهم إلى جعل باب الاجتهاد مفتوحاً في جميع العصور والأزمنة، كما ثبت أنهم مارسوه عملياً، ودون كلل ولا ملل. يلتزمون به وفق شروط وضوابط أصولية وفقهية معروفة ومقررة في مراجع أصول الفقه الأساسي المعتمد، سواء منها كتب الشيعة ومراجعها، أو كتب غيرهم ومراجعهم، لما يحتمله الاجتهاد، من فوائد جليلة وأهمها التوسعة، التي بها جعلت الشريعة الإسلامية حية متحركة نامية قابلة لكل المستجدات، لأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.
ومن خلال التقصي لمواطن الاستدلال نعرف أن أتباع المذهب الجعفري يرجحون كتب أهل البيت الجامعة للحديث النبوي الشريف، وينظرون لكتب الأخرى، كالصحيحين والسنن والمسانيد، وأمثالها من كتب الحديث والرواية نظرة ثانوية، وهذا مؤشر واضح أيضاً على أن قضايا الاختلافات الفقهية ومسائلها، ومصادرها موحدة، وعلى حد كبير من التداخل، وعلى مقربة متناهية من التماسك، يسهل التقريب بينها، في إطار رؤية موضوعية بنّاءة، وخطط عملية تستهدف ما تستهدفه هذه الاستراتيجية.
فمعضلة العالم الإسلامي اليوم كما يزعم بعضهم معضلة اقتصادية أوسياسية..وإنما هي في الحقيقة معضلة أخلاقية ناتجة عن ضعف الإيمان بالله الواحد، وعن عدم فهمنا لحقيقة الدين الإسلامي وأبعاده الحضارية والإنسانية؛ لهذا قد حان للمؤمنين بالله وبأنبيائه ورسله الكرام أن يتحاوروا ويلتقوا ويتعاونوا للحد من طغيان الشر ومن فتنة لا تبقي ولا تذر، واليوم ربما قد أدرك الجميع خطورة الدين إذا لم يستخدم في بناء الأوطان وسعادة الإنسان، يمكن ان يصرف في تخريب البلدان ودمار الإنسان.
وعليه أقول لقد أصبح اليوم من الضروري إدراج الحوار الإسلامي الإسلامي (حوارالذات) في المناهج التعليمية والتربوية، وعبر جميع مراحل التعليم من الإبتدائي حتى الثانوي مرورا بالتعليم الجامعي وتحويله إلى مادة علمية لها موقعها المميز في مشاريع الدول العربية والإسلامية بمختلف منظماتها وأحزابها،وبدل وضع نظرية(صراع المذاهب الإسلامية) كان من المفروض وخاصة من المؤمنين والمخلصين والعقلاء إلى وضع دراسة علمية تؤسس من خلالها نظرية (تعايش المذاهب الإسلامية )، وفي هذا السياق وتماشيا مع تعاليم القرآن الكريم الذي أعلن في آيات تتلى إلى قيام الساعة أن أصل العلاقات بين الأمم والشعوب والحضارات للتعايش لا للتصادم في قوله تعالى: (ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان).
وإذا أردنا التعمق في الأسباب التي نتجت عنها الاختلافات المذهبية بين المسلمين، يتحتم استحضار ملخص للواقع الذي عاشوه إثر وفاة النبي محمد صلى الله عليه و سلم مباشرة، والذي أفرز مشكلات تمحورت حول خلافته صلى الله عليه و سلم، وصون وحدة الأمة، واستمرار بثّ الدعوة. وإذا كان المسلمون قد تابعوا نشر الدين الإسلامي في المشرق والمغرب، فإنهم بالنسبة لسد فراغ رئاسة الدولة، قد ارتضوا جميعاً بما يجمع كلمة المسلمين، لولا أن تطورت المسألة لنزاعات أثيرت حول الخلافة، جعل الوحدة الإسلامية تتعرّض للتصدع. من هنا يمكننا أن نلخص موضوع الخلافات المذهبية بثلاثة أمور: الأمر العقدي والفقهي والسياسي، حيث كان للسياسة الدور الأكبر في هذا الخلاف، فقد مال كل فريق إلى ما ثبت لديه ورجّحه من الرأي، بينما كان الإمام علي كرم الله وجهه، قد حسم الخلاف بنفسه وقبل الأمر وبايع الخليفة الأول أبا بكر الصديق ثم الخليفة الثاني من بعده عمربن الخطاب، ثم الخليفة الثالث عثمان بن عفان، (رضي الله عنهم جميعاً)، حفاظاً منه على جمع كلمة المسلمين، ووحدتهم، حتى صار الأمر إليه، وقبل إمارة المؤمنين ليسير بهم نحو نصرة الإسلام وخير المسلمين، على أن ظهور الفتنة بإصرار المطالبين بسرعة القصاص من قتلة عثمان قد قسَّم المسلمين إلى فرق متعارضة، لكن إلى متى سنبقى هكذا ؟ وفي ظل عالم متغير متعاون (الاتحاد الأوروبي) وفي ظل الوضعيات والتحولات والسياقات، تفتح علينا حديث المستقبل عن أنفسنا وموقعنا كأمة إسلامية( ذات حضارة ومجد وتاريخ) في هذا العالم المتغير، أو هكذا يفترض علينا. فما هو المستقبل الذي نبحث عنه؟ وهل ترك العالم لنا من مستقبلٍ نبحث عنه فعلاً؟ إن المستقبل لا يمكن التحكم فيه خارج إرادة أية أمة، فكلُّ أمة هي قادرةٌ على التحكم بمستقبلها إذا تحكمت بإرادتها. لذلك فإن المستقبل مفتوحٌ على كلِّ الأمم والحضارات، وبإمكان كلِّ أمة أن تصنع مستقبلها بإرادتها إن هي أرادت وسعت سعيها. والحضاراتُ هي أكثرُ وعياً بذاتها اليوم. فالمستقبل هو الأمل الذي ينبغي التمسك به والإصرار عليه والتحرك نحوه. وفي إطار التفكير بالمستقبل، يأتي وجوبية وإلزامية التقريب بين المذاهب الإسلامية بقصد النظر إليه برؤية مستقبلية، وفي نطاق إدماجه بمستقبليات الأمة. وهنا نصل إلى ضرورة أن يقترن مفهوم التقريب بمفهوم النهضة والتقدم في الأمة؛ الاقتران الذي يحدد لنا مدخلاً حضارياً في تكوين عملية الفهم لهذه القضية، ولتجديد مناهج النظر حولها، بإخراجها من علم الكلام القديم الذي كرّس الفروقات بين الفرق، وعزز الخلافات بين المذاهب، وأصبحت قضيته البحث عن الفرقة الناجية، إلى علم الكلام الجديد الذي ينطلق من التحديات والمشكلات الجديدة التي تواجه الدين في هذا العصر، وبإخراجها من الفهم التقليدي الجامد الذي ينـزع نحو الماضي ويتشبث به، إلى الفهم الذي يعيش واقع العصر وينظر الى المستقبل ويتمسك به. فالأمة بحاجة إلى نهضة فكرية ترتقي بوعيها الجماعي والعام لإدراك هذه القضية بصورة جادة وفعّالة، وتضعها كمصير في رؤيتها للمستقبل ولموقعها في هذا العالم.
وبقدر خطوات الأمة نحو النهضة والتقدم، بقدر ما تترسخ قناعاتها وتتحرك إرادتها تجاه هذه القضية، قضية التقريب. فالقناعة والإرادة هما من أكثر ما تحتاج إليه الأمة في هذا الشأن؛ القناعة من موجبات الذهن، والإرادة من موجبات العمل. والتقريب بحاجة إلى قناعة كبيرة به، وإلى تأكيد هذه القناعة في الأمة، وضرورة أن تتحول هذه القناعة إلى إرادة حقيقية في الدفاع عنها، والعمل من أجلها، وتحمل الصعوبات في سبيلها، لا أن تكون مجرد تعبير عن رغبة أو مجرَّد طموحٍ لا غير.
والتقريب هو من صور العلاقات الفكرية والاجتماعية والإنسانية، ضمن إطار الأمة الواحدة، وكلّ صور العلاقات هذه بحاجة إلى قدر من الوعي والنضج الحضاريين، لأن المشكلة بالتأكيد ليست في الاختلاف بين المذاهب أو في تعدد مناهجها أو تنوع اجتهاداتها، وإنما المشكلة في طريقة الفهم والنظر لهذا الاختلاف والتعدد والتنوع. وهذا هو جوهر المشكلة المعرفية لهذه القضية. فالاختلاف قد يكون سبباً للنـزاع وقد يكون سبباً للرحمة، والتعدد قد يكون سبباً للصدام وقد يكون سبباً للتطور، والتنوع قد يكون سبباً للانقسام وقد يكون سبباً للتجدد والإبداع. فالذي اختلف هنا هو طريقة النظر بين طريقة متأزمة تصور الأمور بشكل معقّد متشائم، وبين طريقة ناضجة تصور النظر للأمور بشكل ميسّر متفائل. والانتقال من تلك الطريقة الأولى في النظر إلى الطريقة الثانية بحاجةٍ إلى انتقال من زمان تلك الرؤية المتأزمة أو المتخلفة إلى زمان الرؤية الناضجة أو المتحضّرة، وذلك عبر إصلاح مناهج الفكر والنظر وسعي الأمة نحو النهضة والتقدم.
لذلك فإن ظواهر التعصب والتطرف والكراهية والقطعية وعدم التسامح، هذه الظواهر وغيرها، لا يمكن معالجتها أو التخلص منها عن طريق مفهوم التقريب فحسب، وإنما أيضاً من خلال مفهوم النهضة والتقدم في الأمة، فالتقريب قد يعالج تلك الظواهر على مستوى النخبة من العلماء والمفكرين والمصلحين، لكن معالجتها على مستوى الأمة بكل شرائحها وفئاتها لا يمكن أن يتحقق إلا عبر نهضة فكرية تطور وعي الأمة بهذه القضية وطريقة التعامل معها.
لقد كانت حركة التقريب رسالة العقلاء في الأمة، ودعوة المصلحين فيها، وأملاً لكل العاملين في سبيل التآلف والتضامن، ولا شك أنها القضية التي أولى من يدرسها هم الخبراء، وذلك بالانطلاق من قاعدة أساسية هي من صميم أخلاقيات البحث العلمي في المنظور الإسلامي، وهي قاعدة الانطلاق من العلم أو حاكمية العلم في كل أشكال العلاقات الفكرية بين المذاهب الإسلامية، بمعنى ضرورة تكوين العلم بالمذاهب الإسلامية، فالتقريب لا يتأسس أو يترسخ أو يتماسك إلا على أساس العلم. والمشكلة المعرفية في هذا المجال، أن أصحاب كل مذهب حاولوا تكوين معرفة مستقلة بهم عن المذاهب الإسلامية الأخرى، المعرفة التي لا يقول بها أصحاب المذاهب الأخرى في أحيان كثيرة، فالمفاهيم والاعتقادات والقضايا لا تفهم بحسب المعرفة الموجودة في داخل كل مذهب وكما يقول بها أصحابها، حتى لا تصبح القضايا ملتبسة وغامضة ولا تفهم إلا على وجه خاطىء، وذلك نتيجة القطيعة الفكرية بين المذاهب الإسلامية والتعصب الأعمى، والنـزاعات الكلامية فيما بينها، ولطبيعة الظروف التاريخية والسياسية التي مرت بها.
فإصلاح العلاقات بين المذاهب الإسلامية لا يتحقق إلا بإصلاح المعرفة بين المذاهب، المعرفة التي لا تعني بالضرورة الاتفاق معها، وإنما الاتفاق والاختلاف الشرط فيهما أن يكون على أساس العلم أولاً، والحق في الاجتهاد ثانياً، وشرعية التعدد والاختلاف ثالثاً. وهنا لا بد أن يتوسع العلماء والطلاب في دراسة مختلف المذاهب دون ان يقتصر على مذهب واحد وأن تتعدد اللقاءات العلمية والفقهية بين العلماء من المذاهب المختلفة.
ولكي تنجح عملية التقارب بين الإخوة من المذاهب المختلفة فلا بد أن تكف الأقلام والألسن عن لغة التشنيع والاستفزاز والاستخفاف والتحامل مما يعقد الأمور ويزيد النفور والتباعد.
ولا يخفى على أحد أن هناك من المؤلفات الحديثة والقديمة أتخذت من الأحداث المؤسفة والفتن التي حصلت في تاريخ أمتنا وجعلوها قاعدة لإشعال الفتن بين المسلمين بعضهم ببعض حتى استحل المسلم دم أخيه المسلم والعياذ بالله.ناسين ما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالحرف الواحد في خطبة الوداع: " يا أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى يوم تلقون ربكم عز وجل كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد ثم قال ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ". وأما ما وقع من خلاف بين المسلمين في القرن الأول وما نجم عنه من ظهور الفرق فيجب أن يدرس في إطار البحث العلمي والعبرة التاريخية، ولا يسمح بامتداده الى حاضر المسلمين ومستقبلهم، بل يترك أمره الى الله عز وجل.قال تعالى: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) سورة البقرة 141.
وخلاصة القول: أن الحوار الإسلامي الإسلامي يحتاج إلى المزيد من الجهد والاجتهاد لإقناع بعضنا بعضا بأهميته وفوائده وضرورته الدنيوية والدينية على حد سواء، والحذر من دور الغرب في وضع بذور الفتنة والخلاف بين جسد الأمة الإسلامية ، نظرا لما ترزخ به النزعة التبشيرية الغربية من عدائية وتعال تجاه كل ماهو إسلامي؛ أدى من وراء هذا غزو معظم البلاد الإسلامية والعربية في العصر الحديث..! فالأمر جد خطير فإذا لم نتحاور ونتعايش ونتعاون فيما بيننا على الخير والصلاح في إعمار أرض الله بما ينفع خلقه وعياله، وكلنا عيال الله وسيد الخلق خادمهم، فما أحوجنا نحن كجاليات إسلامية بدول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي إلى المزيد من التعاون والتفاهم فيما بيننا، وأن نكون دعاة حوار وسلام وتعايش لا دعاة كراهية وفتنة وتناحر، بغية أن نظهر للآخر غير المسلم بأننا أمة إسلامية واحدة متعاونة متماسكة فيما بينها، وهذا ينعكس إيجابيا بين الدول الإسلامية والعربية ودول أمريكا اللاتينية، وتطويره وتفعيله ونجاحه متوقف على تعاون الجمعيات والهيئات الإسلامية بعضها مع بعض. وتناسي خلافاتها المذهبية الضيقة سيعطي - مما لا يدع مجالا للشك ؟ ومضات مشرقة طيبة تنعكس إيجابا في بيان حقيقة الإسلام وأهدافه الإنسانية النبيلة في هذه البلدان، فما أحوجنا اليوم أن نطبق هذه القاعدة الذهبية الإسلامية المعروفة يجب أن نتعاون فيما اتفقنا عليه، وأن يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا عليه، وما نختلف عليه نقطة في بحر من النقاط المتفق عليها. نحن أمة الإسلام أمة كرمها الله سبحانه بقرآنه ونبيه وهديه،نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الهادين المهتدين غير الضالين ولا المضلين، اللهم آمين.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.