الوحدة الإسلامية وأثرها على الأُمّة الإسلامية
الوحدة الإسلامية وأثرها على الأُمّة الإسلامية
الشيخ حسن أحمد أبو سبيب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأهل بيته الغر الميامين وأصحابه الكرام الذين آزروه ونصروه رضي الله عنهم أجمعين.
حضرات الاخوة العلماء والأئمة الشرفاء..
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته..
وبعد: نحيي سعادة السيد رئيس الجمهورية الايرانية الإسلامية الرئيس خاتمي ونحيي السادة الأئمة ونحيي ذكرى الامام العظيم الامام الخميني الذي فجر الثورة الإسلامية في هذه الجمهورية الإسلامية الفتية التي أكدت للعالم أجمع ان الإسلام هو المخرج والخلاص من الكفر وأن المسلمين اذا وضعوا ايديهم في ايدي بعض فان الإسلام سينتصر، وان راية الإسلام ستعلو وأن هذا العالم الحائر القلق المضطرب لن يخرج من الظلام الذي يعيش فيه الا بالوحدة الإسلامية التي حملها رسول الانسانية ومنقذ البشرية سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وآله وذريته الذين جاهدوا في احقاق الحق وابطال الباطل وصبروا على مطارق المحنة وضربوا مثلاً في الصمود من اجل رفع راية الإسلام وفي مقدمتهم آل البيت الكرام وعلى رأسهم أخيه وابن عمه الامام سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه وعن شهداء كربلاء وأصبح الامام الحسين رضي الله عنه على كر الغداة ومر العشى الميت الحي والشهيد الخالدة ذكراه.
وكأنما شاء أحكم الحاكمين أن يجود الحسين بنفسه شهيداً حيث استوفى أجله ليكتب في الخالدين وليظل ضريحه محط انظار الغادين والرائحين، ولتبقى ذكراه مثلاً اعلى في التضحية والايثار والشجاعة والأقدام وليقدم دليلاً قوياً على عاقبة البغي والظالمين وستظل مكانته منارة الأوفياء لعهدهم الباذلين نفوسهم وارواحهم الغالية رخيصة في سبيل غاية يبتغون بها وجه رب العالمين.
أيها السادة العلماء إنه لمن دواعي السرور ان نلتقي في ربيع في أرض الجمهورية الإسلامية التي وضع لبناتها الامام الخالد الخميني والعالم الإسلامي يحتفل بميلاد النور لنجعل من هذا اللقاء العظيم أساساً للوحدة الإسلامية.
ولتقريب وجهات النظر والتوافق بين المذاهب الإسلامية التي لم تختلف في الاصول، ولكنها اختلفت في الفروع، ولذا وجب علينا أن نبحث مواضع الاختلاف وأن نخرج بشي يوحد بيننا كأمه هي خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتجاهد في احقاق الحق وابطال الباطل إن الباطل كان زهوقا.
أيها السادة العلماء والأئمة لقد كان العالم يعيش في ظلام حالك السواد مليء بالرذيلة والفساد يقتلون بعضهم ويشربون الخمر ويلعبون الميسر ويئدون البنات فأشرقت الارض بنور ربها وارتقت راية الإسلام وعم الارض السلام بميلاد رسول الانسانية ومنقذ البشرية.
فقال الله تعالى: (لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم).
وهنا يقول سيدنا الامام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه: «وأشهد ان محمداً عبده ورسوله ونجيبه وصفوته لا يوازي فضله ولا يجبر فقده، اضاءت به البلاد بعد الضلالة المظلمة والجهالة الغالبة والجفوة الجافية والناس يستحلون الجريم ويستذلون الحكيم».
فعلينا أيها العلماء الأجلاء ونحن في هذا اللقاء العظيم الذي جمعتنا فيه جمهورية ايران الإسلامية يجب علينا ان نجدد العهد على تحقيق الوحدة الإسلامية واصلاح ذات البين التي يقول عنها سيدنا الامام علي كرم الله وجهه: «اوصيكم وجميع أهلي وولدي ومن بلغه كتابي هذا بتقوى الله ونظم امركم وصلاح ذات بينكم فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: «صلاح ذات البين أفضل من عامة الصلاة والصيام» والله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم، والله الله في جيرانكم فانهم وصية نبيكم ما زال يوصى بهم حتى ظننا سيورثهم، والله الله في الصلاة فانها عمود دينكم، والله الله في بيت ربكم لا تخلوه ما بقيتم، والله الله في الجهاد بأموالكم وانفسكم وألسنتكم في سبيل الله وعليكم بالتواصل والتبادل لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم».
الاخوة الاجلاء يجب علينا ونحن نعمل من أجل الوحدة الإسلامية وقد تداعينا من جميع بلادنا الإسلامية ونحن نجلس على هذه البقعة الطاهرة أن نوصد أبواب الفتنة وأن نزيل كل خلاف بيننا حتى لا نمكن الاعداء منا.
وعلينا أن نؤكد الجهود الوحدوية في القرن الأخير من علماء المسلمين سنّة وجماعة وشيعة خاصة ما قاله الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر وآية الله البروجردي في ليالي البشاور الذي جاء في قوله يجوز العمل بالفقه الشيعي.
أيها السادة الأجلاء ونحن نعيش فرحة في ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه.
لا بد أن نعلم أن محبة آل البيت هي من محبة الرسول وأولاده جميعاً وفي مقدمتهم السيدة فاطمة الزهراء حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم: «من أحبها فقد أحبني ومن ابغضها فقد ابغضني» فلقد ضرب الامام الحسين مثلاً اعلى في الجهاد وجاد بنفسه حيث استوفى اجله في الخالدين وظل ضريحه محط أنظار الغادين والرائحين.
ولتبقى ذكراه مثلاً في التضحية والإيثار والشجاعة والاقدام وليقوم دليلاً قوياً على عاقبة البغي والباغين هذا هو الحسين في أعطر ذكراه و علياء سماه وأولئك خصومه لا يذكرون الا باستنزال السخط واللعنات من عادل يمهل ولا يهمل ويملي للظالم المعتدي حتى اذا اخذه لم يفلته ولقد قام المجاهد الاكبر الامام الخميني رضي الله عنه فحارب الظلم والطغيان فما هادن وما استكان فانتصر على قوى الشرك ودول الاستكبار فتوكل على الله وهزم مؤامرات الغرب وانتصر على أعداء الإسلام وأقام الجمهورية الإسلامية شامخة قوية فتية، فكانت مفخرة وعزة وقوة وحضارة اسلامية ونموذجاً فريداً يجب ان يقتفي أثره المسلمون في انحاء المعمورة.
والآن فأن الجهاد الذي يقوم به شعب فلسطين لتحرير الأرض والعرض من دنس الصهيونية العالمية وتطهير الاراضي المقدسة من عبث الصهاينة واعادة القدس التي حررها صلاح الدين الأيوبي، والتي تنتظركم انتم معاشر المسلمين لتعيدوا بيت المقدس وتخرجوا منه اعداء الله واعداء آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، ونحمد الله الذي جعل الامام الراحل الخميني ان يجمعنا في الثاني عشر والسابع عشر من ربيع في هذه الجمهورية العظيمة أمل الأمة الإسلامية وأن نزجي عظيم الشكر والتقدير للسيد الرئيس خاتمي الذي اتاح لنا هذه الفرصة العظيمة لنلتقي ونتفاكر ونتشاور في تحقيق الوحدة الإسلامية وعلينا أن نعمم ما قررناه في مؤتمرنا العظيم هذا في بلادنا، مدننا وأريافنا وفي حياتنا الاجتماعية وخاصة ونحن نواجه هجمة شرسة من الذين يريدون ان يفرقوا بيننا والله متم نوره ولو كره الكافرون.
فالوحدة الإسلامية هي صمام الامان للامة العربية والاسلامية ونحن نعلم ان الإسلام هو الذي وحد بين الشعوب وجعل المسلمين سواسية كأسنان المشط. قال الله تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم اعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخواناً).
ولا بد لتحقيق ما نتفق عليه في هذا المؤتمر العظيم أن نضع آلية نستطيع ان نحقق أهدافنا والآلية.
آلية قرآنية إسلامية في قوله تعالى: (تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم لا نعبد الا الله) وأن نتوحد في مذاهبنا الإسلامية توطأة لحوار الأديان وحوار الحضارات كما يتابع السيد خاتمي رئيس الجمهورية الإسلامية وذلك عن طريق المساجد وخطب الجمعة ودعوات الحكام والنصيحة لائمة المسلمين ونصيحة النفس اولا وانتم ثانياً ونبتعد عن الفتنة مقتدين بقول سيدنا الامام رضي الله عنه وكرم الله وجهه : «كن في الفتنة كابن اللبون».
أيها السادة شكراً لكم وشكراً للرئيس الخاتمي رئيس الجمهورية الإسلامية التي جمعتنا في ذكرى مولد رسول الانسانية ومنقذ البشرية وهي جمهورية إسلامية مؤهلة بكل المقاييس لقيادة العالم الإسلامي والله يوفقنا لنصرة الامة الإسلامية في ظل الجمهورية الإسلامية.
وقد التقينا في مولد الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله واهل بيته الذين كرمهم الله وجعلهم قادة وسادة وأئمة لهذا الدين حيث جاء بشريعة أحلت الطيبات وحرمت الخبائث وبنت احكامها على دعائم متينة من الحق الشامل والعدل الكامل واليسر ورفع الحرج ومراعاة الأمانة والوفاء بالعهود والعقود ومنع الضرر والأذى وجلب المصالح للعباد ودرأ المفاسد عنهم. ولجلال هذه الرسالة وعظيم خطرها اختار الله جل شأنه لتحمل أعبائها واداء أمانتها أفضل الخلق أجمعين محمد صلى الله عليه وسلم وآله وأهل بيته الغر الميامين الذين قال في شأنهم: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها من احبهم فقد احبني ومن أبغضهم فقد أبغضني ومن أبغضني فقد ابغض الله».
مرة أخرى ندعو الله ان يجعلنا من المحبين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، الداعين لنصرة شريعته الغراء. وحب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وأصحابه.
من هم في السودان:
ايها الاخوة العلماء الاجلاء والأئمة الكرماء..
لا بد لي في ختام حديثي الى سماحتكم أن أؤكد أن اهل السودان يحبون رسول الانسانية ومنقذ البشرية ويحبون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته وصحابته الكرام.
فآل البيت في السودان هم السادة المراغنة الذين ينتسب جدهم الاكبر الامام السيد محمد عثمان الختم واهله رضي الله عنهم فهم يتصل نسبهم بسيدنا علي زين العابدين بن الامام الحسين ابن سيدنا الامام علي رضي الله عنه وعليه وآله السلام وهم ايضاً احفاد السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء الجنة كما ان ابنيها الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة فقد كان الامام الختم رضي الله عنه فوق أنه حفيد شهيد كربلاء فهو عالم نشر الإسلام في ربوع العالم العربي والاسلامي وفي افريقيا وله مؤلفات جمة منها كتابه تاج التفاسير في القرآن ومنها مؤلفاته في الفقه واللغة العربية وعلم الكلام والبلاغة والادب والتاريخ لأنه حفيد مدينة العلم التي بابها سيد العلماء والبلغاء صاحب نهج البلاغة ومنارة العلم والدين سيدنا الامام علي كرم الله وجهه ورضي الله عنه وآل بيته.
وبعد ان انتقل السيد الامام الختم الى جوار ربه حمل الرسالة حفيد الائمة مولانا السيد علي المرغني الذي سلك طريق اجداده من آل البيت فنشر الإسلام وأسس المساجد ومدارس القرآن وقاد الحركة الوطنية لتحرير السودان من الاستعمار البريطاني فالتف حوله اهل السودان لأنه من آل البيت الكرام رضي الله عنهم وبعد وفاته رضي الله عنه حمل رسالة الإسلام والوطن ابنه السيد محمد عثمان المرغني وشقيقه السيد احمد المرغني وقد التف حولهما أهل السودان لما بذلوه من قبل وما يجاهدون في سبيله اليوم لأنهم فوق ذلك هم آل البيت مصابيح الهدى لأن محبتهم واجبة كما جاء في حديث الثقلين وكما قال صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي».
فاهل البيت في السودان اليوم هم موضع الثقة والمحبة لأنهم سلالة الرسول الأعظم واحفاد الامام الاكبر ابو الحسنين زوج الزهراء سيدة نساء الجنة وأحفاد الامام الذي ما هان وما لان وما استكان الامام علي زين العابدين بن الامام الحسين سيد شباب اهل الجنة الذي قال فيه الشاعر الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحـل والحرمُ
هذا ابن خير عباد الله كلّهم هـذا التقي النقي الطاهر العلمُ
اذا رأته قـريش قال قائلها الى مكـارم هذا ينتهي الكرمُ
ينمى الى ذروة العز التي قصرت عن نيلها عرب الإسلام والعجمُ
في كفّه خيزران ريحه عبـق من كف اروع في عرنينه شمـمُ
ما قال لا قط الا في تشهّده لـولا التشهّد كانت لائه نعمُ
فليس قولك من هذا بضائره العرب تعرف من انكرت والعجمُ
وفي السودان فان احفاد الشهيد الحي الإمام الحسين شهيد كربلاء يقودون العمل من أجل نشر الإسلام ووحدة الصف الإسلامي والوطني يتقدمها السيد محمد عثمان المرغني شيخ الطريقة الختمية طريقة آل البيت وهو في ذات الوقت يقود مسيرة الحركة الوطنية في السودان ويبذل كل ما في وسعه لنبذ الفرقة والشتات بين ابناء الوطن في السودان وهو أيضاً يرجو ان يجتمع علماء المسلمين على اختلاف مذاهبهم لينظروا كيف تتقارب وجهات النظر للخروج من الخلافات الضيقة التي فرضتها ظروف سياسية في شتى انحاء العالم الإسلامي لأن اعداء الإسلام لا يريدون لكلمة المسلمين ان تتوحد، فلذا يجب علينا ان نعمل جاهدين ليكون هذا المؤتمر نواة صالحة لتوسيع المشاركة من كافة انحاء العالم الإسلامي، وكنا نتمنى ان يكون للمؤتمر الإسلامي دور فاعل في قضية الوحدة الإسلامية.