القدس محور وحدة الأمّة
القدس محور وحدة الأمّة
{وقضينا إلى بني إسرائيل لتفسدنّ في الأرض مرتين ولتعلنّ علوًّا كبيرًا}
نجوى محمد رعد
أ- الفكر الصّهيوني فكر عدواني:
· الصهيونية ضد حقوق الانسان.
إنّ ارتباط الحركة الصهيونيّة بالإستعمار هو ارتباط ايديولوجي وعضوي حيث أنّ جذور الفكر الصّهيوني مرتبط بالفكر العنصري، لذا فإنّ التقارب بين عنصرية الحركة الصّهيونية وعنصرية الحركة الإستعمارية أمر طبيعي حيث أنّ المنبع واحد والمشرب واحد وهو التكبر والتجبر والظلم والعدائية.ولا شك ان اسرائيل هي وليدة استعمار ظالم، استعمار غربي على راسه امريكا.
لم يعرف التاريخ منذ القدم وحتى تاريخنا المعاصر قضية ملتبسة كالقضية الصهيونية حيث ان تشويه المسلمات التاريخية والدينية قد عملا على طمس الحقتئق وتجيرها لصالح الصهيونية والتي لعبت دورا مهما في تسخير القوى العالمية لتنفيذ مخططاتها السياسية واذا ما اردنا ان نعرف مشروعية وجود الكيانم الصهيوني على ضوء القوانين لا بد من تعريف هذا الكيان.
"تعود تسمية الصهيونية الى زعم تاريخي اشاعه اليهود والصعانية وغير اليهود مع اوائل قرن السادس عشر، هذا الزعم يعتبر ان جبل صهيون وهو ربوة مطلة على القدس اقيم على الهيكل وما يجاوره من ارض فلسطين-وبشكل خاص القدس حق لهم يجب ان يعود اليهم، علما ان نتصوص الكتاب المقدس تعتبر ان القدس لم تكن موطنا للعبرانيين ولا لليهود فيما بعد الا لفترات قصيرة ولاحقة"[1].
أمّا تعريف الصّهيونيّة كما وصفها هرتزل نقلًا عن الدكتور عبد الوهاب المسيري،في كتابه الإيديولوجية الصّهيونيّة،فهي فكرة إستعماريّة مدينة بفكرها وقوّتها وتحوّلها إلى حقيقة في الشرق الأوسط إلى الإمبرياليّة العربيّة.والدّولة الصّهيونيّة ما هي إلّا إمتداد لهذه الإمبرياليّة وتتسم بكل صفاتها.وعطفًا على ما تقدّم،نرى أنّ الحركة الصّهيونيّة غدت تمثل مخططًا إستعماريًّا صرفًا ذا صفة سياسيّة قائمًا على ادّعاء باطل وعلى الخداع والتضليل فمن فلسطين إلى لبنان إلى سوريا كانت وما زالت الصّهيونيّة متمثّلة بإسرائيل تقوم بمحاولات للتمدّد والإستعمار.
· شرعيّة الكيان الصهيوني على ضوء القوانين الدوليّة.
وإذا ما تحدّثنا عن الكيان الصهيوني منذ ما قبل العام 1948 بل منذ الحرب العالميّة الأولى ووعد بلفور للصهاينة بإقامة دولة على الأراضي الفلسطينيّة فإننا نجد اللامشروعيّة القانونيّة لإحتلال بلد وتهجير أهله الأصليين والإستيلاء على ممتلكاتهم،أراضيهم وبيوتهم وكل ذلك مع شتى أنواع الإجرام والظّلم وارتكاب المجازر والإبادات الجماعيّة.وعندما تتحدّث عن المشروعيّة المتعلّقة بالقوانين الدوليّة لا بدّ من تناول أبرز القضايا وهي حقوق الإنسان،وأبسطها حق الإنسان في العيش بأمان وسلام في أرضه،وطنه،وبيته.ولا شكّ ولا ريب أنّ الدولة التي تقوم على القمع تصبح ثقافتها اليوميّة انتهاك حقوق الإنسان،طبعًا نحن نتكلم عن "إسرائيل" التي تبنت منذ البداية ليس إحتلال الأرض أو اغتصابها فقط بل القضاء على الشّخصيّة الفلسطينيّة حتى خارج فلسطين لتصبح إسرائيل دولة إرهابية في واقعها تعيش ثقافة الإضطهاد والظّلم والتّمييز العنصري.
وقد تمادى الكيان الصّهيوني المتمثّل بإسرائيل في جرائمه تحت حماية الولايات المتحدّة-الأميركيّة بانتهاكه للقانون الدّولي وقانون حقوق الإنسان وجميع الشرائع الدّولية كإتفاقيّة لاهاي وجينيف فالإبادات الجماعيّة خير مثال على ذلك ما حدث في النّكبة من تطهير عرقي يحدث في غزة مرورًا بمجزرة دير ياسين صبرا وشاتيلا،بالإضافة إلى الجرائم التي قام فيها لبنان كمجزرة قانا والمنصورين وحومين التحتا والنبطية الفوقا وغيرها...وشيئًا فشيئًا استطاع الكيان الصّهيوني تحطييم الأرقام القياسيّة في انتهاك كل القرارات الدّوليّة من قتل وإبادة وسجن،وتعذيب،وإخفاء قسري واجهاز على الجرحى ومنع علاجهم وهناك الكثير الكثير من الأمثلة والشواهد التي تشهد على كل ما تقدّم.
· إخفاق الغرب في إقامة الكيان الصهيوني.
ارتكزت الصهيونيّة على دعامتين أساسيتين :
أوّلًا:التّراث اليهودي العنصري المغلق والدعوة إلى إفناء الشعوب .
ثانيّا: تحالف الصّهيونيّة مع الإستكبار العالمي ولولا هذا التّحالف لما استطاعت تنفيذ أهدافها واغتصاب فلسطين،والإمتداد خطرًا يهدد وجودنا العربي والإسلامي،لقد التقت عنصريّة اليهود مع عنصريّة الغرب لاسيما الغرب الأميركي فالقواسم المشتركة بينهما لا تحصى خاصّة في نظرتهما إلى العالم العربي والإسلامي.
وهنا نثبت قاعدة بأنّ الحركة الصّهيونيّة مرتبطة بالإستعمار ارتباطّا ايديولوجيًّا وعضويًّا،وهكذا نجد الإستعمار الغربي قد عمل جاهدًا لإقامة الكيان الصّهيوني وتثبيته في منطقة غرب آسيا إبتداءًا من وعد بلفور في العام 1917 وصولًا إلى الدّعم البريطاني والفرنسي والأميركي ومساعدتهم لهذا الكيان بكل الوسائل المادّية والبشريّة ودعمهم بترسانات عسكرية ومن خلال اختراق المجتمعات في الشرقالعربي والسعي لتحطيمها ونزع أركان قوّتها وصمودها وتفتيت دفاعاتها المستندة على قاعدة أرضيتها الفكرية والحضارية والدينيّة الإسلامية.
وقد قام هذا الغرب المسيطر وعبر جيوشه العسكرية وعملائه داخل المجتمعات العربية والإسلاميّة بالتدخل في شؤونها الدّاخلية ودراسة خصائصها العرقيّة الطّائفيّة والدينيّة والثقافيّة والعشائريّة بهدف تفتيتها وإضعافها ومن ثم عملوا على تشجيع ظهور الفرق والجماعات المتطرّفة لافتعال الفتن الطّائفيّة وبالتالي تعزيز الكيان الصهيوني في المنطقة ولكن {يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} شاء الله عزّ وجل أن يبسط رحمته على منطقتنا فأرسل لنا نورًا ينبسط من الشرق الفارسي لنشهد بأنّ "سلمان كان من أهل بيت رسول الله" فأحيا فينا الإسلام المحمّدي الأصيل منظرًا لإقامة حكومة إسلاميّة تقف في وجه طواغيت العلام وتجعل المسلمين أمّة واحدة فكان الإمام الخميني خير داعٍ للحقّ ودليل عليه،واستطاع عبر ثورته في الجمهورية الإسلاميّة الإيرانيّة أن يصبّ كل قوى هذه الدّولة في مصلحة المسلمين ومصلحة تحرير أراضيهم المحتلّة وعلى رأسها فلسطين والتي اعتبرها قلب الأمّة الإسلاميّة والقدس التي عبّر عنها بأنّها قلب فلسطين وهكذا كان للثورة الإسلاميّة في إيران آثارها الثّوريّة الكبرى على باقي شعوب الأمّة الإسلاميّة في كلّ أنحاء العالم وهكذا كلّه صبّ في مصلحة تحرير القدس وتحرير الإنسان العربي والمسلم غاب الإمام مرتحلًا إلى ربّه ليكمل عنه الإمام الخامنئي أدامه الله عزّة وأطال الله بعمره الشّريف،طريقه ونهجه باذلًا جهده في تحقيق العدالة والتمهيد لظهور الإمام الحجّة (عجّل الله فرجه الشريف).
ووجدنا الإمام الخميني قد دعا إلى بناء جيش العشرين مليون مطلقًا عليه اسم جيش القدس معلنًا يوم القدس العالمي في آخر جمعة من شهر رمضان في كل عام،قائلًا قوله الشّريف:"الذين لا يشاركون في يوم القدس مخالفون للإسلام وموافقون لإسرائيل".
بناءًا على ما تقدّم، لم يستطع الغرب إقامة هذا الكيان الصّهيوني،كما أرادوا حيث تصدّت المقاومة الإسلامية بكل قدراتها بقائدها وحرسها وشعبها لمنع هذا الأمر والتصدي له لتكون دولة واحدة في مواجهة دول كثيرة واستطاعت أن تنتصر للحقّ في لبنان وسوريا وفلسطين إن شاء الله تعالى.
أمام هذا الواقع الذي نشهده في المساعدات الأميركيّة للكيان الصّهيوني سواء الماليّة أو العينيّة أو لجهة الدّعم السّياسي والمعنوي ولا بدّ من التّكاتف والتّعاون وفق رؤية وحدودية إسلامية شاملة لمواجهة هذا الإستعمار والإستكبار العالمي.
عطفاً على كل ما تقدم وعلى تجربتي في مجال عملي في التاريخ الشفهي لحركة المقاومة لا بد من من إطلالة على دور الجمهورية الاسلامية في إيران اذ لا يمكننا أن نتغافل عن دور الشمس في حياة الأرض بما فيها من كائنات، كانت الجمهورية وما زالت تلك الشمس التي أنارت وتنير درةب المسلمين المظلومين والمضطهدين.
كان العام 1948 بداية لسقوط الأمة الإسلامية العربية، تلاه هزيمة تلو الأخرى حتى بات الكيان الصهيوني والغرب المتأمرك، سيد المنطقة حتى كان العام 1979 حين بزغ فجر الثورة الاسلامية في ايران بقيادة قائد الأمة الامام الخميني، الذي عمل على بناء الجمهورية الاسلامية بناء للحكومة الاسلامية المنشودة منذ زمن رسولنا الأكرم" صلى الله عليه وآله وسلم"، لتصبح الجمهورية منارة في احقاق الحق ونصرة المستضعفين، ومن هنا بدأت حكاية سقوط الكيان الصهيوني، وبدأ التاريخ يأخذ مجراه السليم وفق العدل الالهي المنشود.
جاء العام 1982 اجتاحت الترسانة العسكرية لبنان، بعد تحرير خرم شهر من براثن صدام عميل الغرب الشيطاني، وبعد ظهور ملامح الخطر على هذا الكيان. جاءت فتوى الامام الخميني قدس سره الشريف في مواجهة العدو الاسرائيلي لتنقذ لبنان من استيطان يهودي يمتد من فلسطين الى لبنان مع مزبد من المخططات الشيطانية لمزيد من الدول، تلتها المساعدة المادية من حيث التجهيزات العسكرية واللوجستية والتدريبية، وهكذا دعمت الجمهورية الاسلامية المقاومة الاسلامية في لبنان حتى كان التحرير ومن ثم دعم المقاومة الفلسطينية وهكذا كل المقاومات والحركات التحررية ضد الظلم، وحتى يومنا الحاضر مازالت هذه المقاومات تكبر وتتطور حتى باتت تتحول من دفاعية الى عامل تهديد أول للكيان الصهيوني .
الحرس الثوري، والمقاومة الاسلامية، والحشد الشعبي، والجيش السوري، والدفاع الوطني والفصائل الفلسطينية، وحركة انصار الله وغيرها من الحركات الجهادية المقاومة ستكمل يدا بيد في وجه الغرب المستكبر والكيان الصهيوني لازالته من الوجود والبوصلة دائماً القدس، قلب فلسطين وقلب الأمة الاسلامية.
هناك الكثير من الروايات الشفهية التي جمعتها، ومن القرائن التي اثبتت أن الجمهورية الاسلامية التي كانت وما زالت الدولة الممهدة لأمة اسلامية جمعاء تعيش القسط والعدل في كنف الامام صاحب العصر والزمان.
جعلنا الله واياكم من العاملين على كل ما يمهد لدولة العدل الالهي.
والحمد لله ابداً ودائماً.
[1] - د.أسعد السحمراني،من اليهودية إلى النّصرانيّة:الفكر الديني اليهودي في خدمة المشروع السياسي،ط1، 1993،ص 189.